استمعت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس، إلى إفادة الشاهد «الصديق والحليف السياسي» لرئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الوزير والنائب السابق باسم السبع. ووصف السبع علاقة الحريري بمختلف الأشخاص والمجموعات منذ بداية تسعينات القرن الماضي وحتى واغتياله عام 2005، بما في ذلك العلاقة المتغيّرة مع الرئيس السوري بشار الأسد ورستم غزالة وغازي كنعان وغيرهم من المسؤولين السوريين. وتحدث عن الأفكار التي انبثقت من اجتماعات «بريستول» الثلاثة في 22 أيلول (سبتمبر) و13 كانون الأول (ديسمبر) 2004 و2 شباط (فبراير) 2005. وعرض وكيل مكتب الادعاء غرايم كاميرون «بعض مقتطفات وبيانات صحافية بالإضافة إلى مقتطف صغير من شريط فيديو يغطي لقاءات «بريستول» الثلاثة مع السبع إضافة إلى نص مدون لاجتماع بين الحريري والمطران بولس مطر في 10 شباط 2005». وعرّف السبع عن نفسه بأنه نائب رئيس «تيار المستقبل»، وأنه بدأ مسيرته المهنية في الصحافة عام 74 حتى عام 90 وكان من مؤسسي جريدة «السفير». وبعد أن غادر «السفير» عام 90 كان له أول اتصال بالحريري ملبياً دعوته إلى باريس، وقال: «علم الحريري بأنني تركت السفير وكان يتابع مقالاتي ومواقفي السياسية واستدعاني للتعارف في البداية ثم طلَب منّي أن أفكِّر في إصدار جريدة عربية في لبنان. وعملت بالإعداد لهذا الأمر وقدّمت له دراسة كاملة أثناء وجودي في باريس لمدة 10 أيام وانتقلت بعدها إلى بيروت للعمل على إصدار الجريدة». وتحدث عن ترشحه للانتخابات النيابية عام 1992. وقال: «مثَّلت دائرة بعبدا في 3 دورات انتخابية، وفي مرة واحدة عام 2000 مثَّلت دائرة بعبدا مع دائرة عاليه اللتين تم دمجهما في دائرة واحدة». وقال إنه عام 94 اقترح عليه الحريري أن يكون عضواً في الحكومة لكنه لم يعيَّن في حينها، وسئل لماذا، فقال: «طَرح اسمي أثار إشكالاً سياسياً ومن المعروف أن هذا الأمر أخَّر تشكيل الحكومة لبعض الوقت وكان الحريري يصر على إدراج اسمي ورفض توقيع مرسوم تشكيل الحكومة إذا لم يكن اسمي مدرجاً ولم تَصدُر المراسيم إلا بعد أن طَلب الحريري الوقوف على رأيي في الموضوع وتم الاتصال بي فعلاً من الرئيس الياس الهرواي طالباً مني تسهيل تشكيلها، وفوجئت وقلت له إنني لست في عداد المعطلين وما تقرره مع الحريري هو الذي يسري مفعوله». محاصرته بدأت عام 96 وسئل: «عندما تقرر أنك لن تكون وزيراً هل زارك غازي كنعان في منزلك مع الوزير السابق للدفاع محسن دلول؟». قال: «أثناء الاجتماع الذي كان معقوداً في القصر الجمهوري لتشكيل الحكومة وبعد اعتراض الرئيس نبيه بري على اسمي، طلب الحريري تدخّل كنعان، الذي كان عام 92 مسؤول الأمن والاستطلاع في القوات السورية في لبنان، في الموضوع، فحضر إلى منزلي مع دلول في إشارة لتهدئة الخواطر، وأبلغتهما وقتها أني لست في موقع يخوّلني تعطيل تشكيل الحكومة». وزاد: «في ذلك الحين أراد بري أن يسجل على الحريري أنه غير مسموح له بتسمية وزير من الطائفة الشيعية». وتابع السَّبع: «الأمور بدأت تتحول بعد 96، عندما طُرح التمديد للهراوي، وفي تلك المرحلة كان المرشَّح الأبرز هو العماد إميل لحود، والتمديد للهراوي لم يرح مركز القوة الآخر لسورية الذي هو على طرف نقيض مع الحريري وتيارات سياسية أخرى في لبنان». وشرح: «بدأ الإعداد لما يمكن تسميته محاصرة الحريري 96، وبلغت المحاصرة ذروتها عام 1998، وتمثَّلت بإخراج الحريري من الحكومة بعد وصول لحود إلى رئاسة الجمهورية. وكل ذلك كان يحصل تحت سقف الإدارة السورية للخلافات اللبنانية». وسئل ما إذا كان رافق الحريري عام 99 إلى دمشق عندما طلب الرئيس حافظ الأسد من الحريري الاجتماع ببشار، وقال: «رافقته بسيارته إلى هناك، اجتمع معه في شقة صغيرة في جبل قاسيون، وقيل أن هذه الشقة كانت لباسل الأسد ويستخدمها لعقد اجتماعات خاصة». وقال: «هذا الاجتماع مهم فكما أتذكر أفترض أنه كان أول اجتماع عملي وجدي بين الحريري وبشار الأسد». وقال: «كان الحريري يقود سيارته بنفسه وسألته في طريق العودة: كيف كان الاجتماع؟ ولم يجبني وبعد عدة دقائق قلت له الظاهر لا تريد أن تحكيلي، وأجابني: نتحدث بعد قليل، وعندما قطعنا الحدود السورية إلى المصنع وبعده ركن السيارة إلى يمين الطريق وطلب مني أن أقود مكانه، لأنه أراد الاستراحة، قدت السيارة وسألته عن نتيجة الاجتماع وأجابني: الله يعين سورية». وزاد: «قلت له الله يعين لبنان. وأجابني مكرراً نحن منقلّع شوكنا بإيدنا، الله يعين سورية، سورية راح يحكمها ولد». وأضاف: «فاجأني التعبير، وأخذت انطباع أن الاجتماع كان سيئاً، وسألته إلى هذا الحد؟ قال لي لا اتّفقنا على عقد اجتماع آخر ونما انطباعي أن الأمور لن تكون مريحة في المستقبل». وشرح السبع: «في ذلك الوقت كان حافظ الأسد يقف في موقع يمسك بزمام الأمور لكل مراكز القوى، مركز كان يمثله بشار وبعض ضباط الاستخبارات السورية ومعه شقيقه ماهر وأركان في العائلة وهناك مركز قوة آخر كان يمثله عبدالحليم خدام وإلى فترة ما حكمت الشهابي قبل خروجه من السلطة وكانت القوى السياسية اللبنانية موزِّعة ولاءاتها في هذين الاتجاهين وبالتالي، عندما قرر الحريري فتح خط على بشار الأسد قرَّر ذلك لأن حافظ في تلك المرحلة كان بوضع صحي غير مستقرّ». وعن الاجتماع الثاني مع بشار الأسد في كانون الأول عام 2003 بعد توليه الرئاسة، لفت السَّبع إلى أنه لم يرافقه ولم يعلم به مسبقاً. وقال: «أطلعني على بعض وقائع الاجتماع بعد عودته إلى بيروت وأن الاجتماع كان في حضور اللواء كنعان، رستم غزالة والعميد محمد خلّوف». وعما حصل بينه وبين الضباط الثلاثة، قال: «فوجئ الحريري بهم، هم فريق أمني سوري معني بالملف اللبناني ويُمسك بكل تفاصيل الملف اللبناني السياسي والأمني. والأسد في ذلك اليوم حسب ما علمت، كان قليل الكلام، الحريري قال لي حرفياً: تناوب عليّ الثلاثة واحداً تلو الآخر، شعرت لحظات أن العرق يتصبَّب من قدمي وفكَّرت للحظة أن أقف وأغادر لشدّة الكلام الذي سمعته». وقال: «قال لي (الحريري) كلاماً من ضابط لحاجب وشعرت بإهانة شخصية لي ولبلدي. وأبرز الضبّاط المعنفين وفق ما سمعته من الحريري كان رستم غزالة، يليه في التَّعنيف خلّوف ثم كنعان. كانت هناك درجات في التعنيف الذي تناول أموراً بالسياسة إلى حد أن الحريري نقل عن غزالة قوله: مين إنت؟ إنت شو بتسوى بلا سورية أنت لا شيء بدون سورية أنت لا شيء بدون سيادة الرئيس بشار الأسد، نحن منعملك رئيس حكومة». وأوضح: «في هذا الاجتماع كان هناك طلبات محدَّدة، مرتبطة بموضوع التَّمديد للحود وبالوضع السياسي الإقليمي الذي كان يحيط بلبنان وسورية ومن هذه الطلبات أن على تلفزيون المستقبل وجريدة المستقبل وإذاعة الشرق أن يسكّروا فمهم ويوقّفوا تحريض على موضوع التمديد، ضبط المشايخ في المساجد يوم الجمعة، جريدة النهار «مش ماشي» حالها بهذه الطريق وأنت تملك أسهم في هذه الجريدة وهذا موضوع لا يستطيع السير بهذه الطريقة، لديك شخص يعمل مع البطريرك (نصرالله) صفير وقرنة شهوان اسمه داود الصايغ، عمله يجب أن يتوقف». تدخل خدام وعن عقد اجتماع آخر بين خدام والحريري في كانون الأول، قال: «كان خدام طلب من الحريري الحضور مجدداً إلى دمشق لكن الحريري رفض وقال له لن أصعد. وتوليت هذه المهمة وذهبت إلى خدام وأبلغني بعد أن علم بنتائج الاجتماع بأنه اتصل هاتفياً بالأسد، وقال له لا يجوز لرئيس سورية أن يتحدث مع رئيس وزراء لبنان بهذه الطريقة وأن يحضر الاجتماع 3 مسؤولين أمنيين ويتولّون إهانته أمام الرئيس السوري ويجب تسوية الأمر». وقال: «وفقاً لخدام أن بشار الأسد طلب منه تسوية الأمر وقال له شوف إنت كيف فيك توقف على خاطره وتجيبو وتحكي معه». وزاد: «أبلغت خدام أن الحريري يرفض الحضور إلى دمشق لكنني سأنقل له الرسالة وأكد خدام أهمية الحضور وأبلغت الحريري بالأمر بعد عودتي إلى بيروت ونصحته بالذهاب إلى دمشق وتوجّهنا معاً إلى منزل خدام في اليوم التالي». وتابع: «في منزل خدام كنا موجودين بحضور رئيس مجلس الشعب السوري عبد القادر قدورة، ورئيس الحكومة محمد مصطفى ميرو وكان هناك كنعان، إضافة إلى وزير المال في حينه محمد ناجي العطري». ووصف الجو خلال الغداء بأنه «كان ودّياً، خلافاً للاجتماع السّابق، وتناوب الحضور على الإشادة بالحريري ومكانته ودوره». وعن الاجتماع الثالث في أواخر آب (أغسطس) عام 2004، لفت إلى أنه «كان على علم أنه سيعقد وكان الحريري يفترض أنه ستكون له القدرة على بحث موضوع التمديد مع الأسد، لكن الأمور ذهبت إلى غير ما يشتهي». وأوضح: «عندما ذهب الحريري إلى دمشق كنت في قريطم وتلقيت اتصالاً في اليوم نفسه يطلب مني موافاة الحريري إلى منزل جنبلاط» حيث كان موجوداً مروان حمادة وغازي العريضي. وزاد: «تفاجأنا بالشكل الذي بدا على الحريري، شكل الكرافات، كان حال شخص تعبان، انتقلنا إلى جلسة لم تدم طويلاً وكان رد فعلنا الأول أن ليس هناك أمل من الاجتماع، فقال الحريري إن الاجتماع لم يكن جيداً والجماعة مصرّون على التَّمديد، ويطلبون مني أن أتقدّم بالتمديد للمجلس النيابي». وأضاف السبع: «سُئل الحريري هل ناقشت الأسد بالموضوع وشرحت له المخاطر؟ فقال وقتها إنه حاول شرح وجهة نظره له، وكان رد فعل الأسد المباشر قوله أنت هنا لا لتقول رأيك، أنت هنا لتنفيذ قرار. كان أمراً، وقال لنا الحريري: سنرى».