دعا المحلل المالي نبيل المبارك إلى إنشاء شركة خاصة تابعة للحكومة، إما من خلال صندوق الاستثمارات، أو أية جهة تتبناه يكون عملها إدارة ومراقبة المشاريع، مع ترك التنفيذ لمن رست عليه المناقصة، ولا تقوم وزارة المالية بدفع مستحقات المنفذ، حتى تصل مخالصة من الشركة على الانتهاء من التنفيذ، على أن تطرح جزءاً من أسهمها للاكتتاب العام مثلاً لدعم إنشائها، وتقدم رواتب مجزية للمنتسبين لها، بدلاً من المراقبين في الوزارات التي تقوم بمراقبة مشاريعها من موظفين لا يتقاضون مبالغ مجزية، وليست لديهم الخبرة الكبيرة فيها. وأضاف أن ديوان المراقبة العامة لا يقوم بالتدقيق إلا في الفواتير التي تصل إليه، والتي قد تكون سليمة وقد لا تكون كذلك على أرض الواقع، مشيراً إلى ضرورة وضع جهة محايدة تتابع تنفيذ المشروع واقعياً، ولا تكون الجهة المنفذة هي المراقبة. وقال المبارك إن التجربة التي عاشتها جدة من تضرر السيول، وتقصير بعض المسؤولين خلال أداء عملهم هما الشرارة التي أيقظت الجميع بضرورة محاسبة كل مقصر من المسؤولين، إلا أنه خلال الاستمرار بآلية المراقبة نفسها لن يكون هناك تأثير يذكر في ضبط المخالفات، فالرقابة وتطبيقها يحتاجان إلى أعوام لتنفيذهما على أرض الواقع. وأكد ضرورة وضع تصنيف ومعايير للمشاريع التي تقام بشكل مستمر، كالمدارس والطرق والمستشفيات وغيرها ويتم تنفيذها بالآلية المتعارف عليها ومن دون اجتهادات، أما المشاريع الطارئة التي تحدث من فترة لأخرى، كجامعة الملك عبدالله أو جامعة الأميرة نورة فهي حال خاصة، داعياً إلى ضرورة تصنيف المقاولين المحليين الذين يديرون المشاريع، وهو ما نفتقده وأسهم في تراجع تصنيف السعودية في التنافسية الصناعية إلى المركز ال 63. وأكد أن معاقبة المسؤول المرتشي أو المتجاوز ليست من خلال إعفائه من العمل فقط وإرساله إلى منزله، بل لا بد من معاقبته بإيداعه في السجن، والحكم عليه بالحجز لسنوات طويلة، حتى يكون عبرة لغيره، ويرتدع كل من يحاول أن يحذو حذوه بالإخلال بالأمانة. أما رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية والصناعية في الرياض فهد الحمادي، فيقول إن محاسبة المقصرين من المسؤولين والمنفذين في أي مجال هي الواجب، ومن المفترض أن تكون هناك مراقبة ذاتية قبل المراقبة الخارجية، مشيراً إلى أن لجنة المقاولين ستهتم كثيراً بمشاريع البناء التحتية، كالمجاري وتصريف السيول والطرق وغيرها، والتي تدل على التنمية في أي بلد يهتم بهذه الخطوات، وتشمل جميع المدن والمحافظات السعودية من دون تفريق بينها. وأضاف أنه يلزم الجهات الحكومية بأن تتحرر من البيروقراطية، التي تعاني منها في تأخير تسليم المشاريع أو المخططات، وطرح مناقصات تنفيذ المشاريع قبل فترة كافية، ليتم درسها على أرض الواقع، ومن ثم الدخول بمنافسة واضحة، مشيراً إلى أن انخفاض أسعار مواد البناء في الوقت الحالي، وطرح مشاريع كثيرة للمقاولين السعوديين يعدان فرصة ذهبية للمقاولين عليهم استغلالها والعمل فيها. من جهته، أشار أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالله الحربي إلى ضرورة أن يكون إصدار الموازنة ربع سنوي أو على أبعد تقدير نصف سنوي، للاسهام في ضبط الإجراءات الرقابية بشكل أكبر، فلكل جهة حكومية يفترض إدارة للمتابعة يلزمها أن تقدم تقاريرها كل 4 أو 6 أشهر، حتى يتم تلافي أي خطأ ممكن، وإنهاء أية إشكالية قبل نهاية العام، وكذلك تسهم هذه الخطوة في تفادي تذبذب أسعار مواد البناء، والذي يؤثر كثيراً في المشاريع وقيمة تنفيذها. وقال إن رؤية الملك عبدالله تحفز الوزراء على التعاطي مع الموازنة، وأن يكون تنفيذها ملموساً على أرض الواقع، كما أن تعثر بعض المشاريع الحكومية ناتج من قلة المتابعة، داعياً إلى إمداد ديون المراقبة العامة بكوادر فنية وعلمية، مع وضع فرق لمتابعة المشاريع الحكومية المنفذة وتقويم أدائها. وأكد أن غالبية المشاريع التي ترسي على مقاول، يقوم ببيعها من الباطن على مقاول آخر بسعر أقل، وهذه الخطوة تسهم في تعذر متابعة المشاريع مع من يقوم بتنفيذها، داعياً إلى أن تتغير سياسة المناقصات من الأقل سعراً إلى أن تكون للأجدر والأفضل تنفيذاً للمشاريع، مشيراً إلى أن بعض المشاريع تتم ترسيتها مباشرة من دون الخضوع إلى مناقصات تثبت الأكفاء والأقل كلفة. وقال رئيس اللجنة المالية السابق في مجلس الشورى السعودي الدكتور أسامة أبو غرارة، إن كلمة الملك عبدالله التي قالها خلال إصدار الموازنة، والتي حمّل فيها الوزراء والمسؤولين الحكوميين الأمانة، وحذرهم بالضرب بيد من حديد لكل مقصر في أداء عمله لهي تصور للمنهج والطريق اللذين رسمهما الملك للسنة المالية المقبلة، التي يلزم الجميع عدم تخطيها وتجاوزها بأية حال من الأحوال. وأضاف أن الكلمة ترسم خطوطاً عريضة مزجت بين الاقتصادين المحلي والدولي، وركّزت على التنمية والخدمات الاجتماعية، والتي تعتبر من أهم الملاحظات التي تميزت بها الموازنة، كما أنها ستخلق فرص عمل للمواطنين السعوديين من جهة، وتقسيم الموازنة على جميع مدن ومناطق السعودية، كل بحسب حاجته للمشاريع التنموية من جهة أخرى. وأكد أبو غرارة ضرورة الاهتمام بالرقابة على تصريف الموازنة التي وجهت لها وهذا ما قاله الملك، وسيشهد العام المالي الحالي نقلة نوعية في تنفيذ وإدارة المشاريع المحلية، وذلك من أجل تنفيذ الرقابة ودعمها والمطالبة برفع تقارير دورية، ولعل لجنة متابعة سيول جدة خير دليل على ذلك، لافتاً إلى أن العام الحالي سيشهد الخطة التنموية المالية التاسعة في تاريخ السعودية.