«الحرب فرّقت بيننا لكن الموسيقى قادرة على توحيدنا». هكذا تقول الموسيقية السورية ميسا الحافظ، مؤسِّسة كورال «موزاييك» الشرقي والمغنية في كورال إسطنبول الدولي. و «موزاييك» مشروع ثقافي فني يهدف إلى نقل الصورة الحقيقية للثقافة الشرقية، بعدما ساهمت الظروف والأحداث العنيفة في الشرق الأوسط بتشويهها. ووفق الحافظ، فإن مدينة إسطنبول همزة وصل بين ثقافات الشرق والغرب، ولذلك تم اختيارها لإطلاق كورال «موزاييك»، الذي يعد أول كورال شرقي يضم مغنين من جنسيات غربية وشرقية في تركيا. وتقول الحافظ: «تمر منطقتنا بظروف عنيفة واستثنائية أدت إلى تشريد وتهجير شباب موهوبين كانت لديهم أحلام وخطط، تركنا أحلامنا في أوطاننا وبتنا بحاجة إلى الاندماج في المجتمعات التي لجأنا إليها، وأعتقد أن الموسيقى هي أسهل وسيلة للاندماج والتكيف». وتشير الحافظ إلى أن تجربتها الغنائية في كورال إسطنبول الدولي ضبطت موسيقاها الداخلية وخلصتها من إيقاع موسيقى الحرب المدمرة. وتضيف: «موزاييك» محاولة لإعادة روح الفرح إلى موسيقى الشرق التي شوهتها أصوات القصف وآلات الحرب». وتقول الموسيقية الشابة، إن هناك عدداً كبيراً من المغنين السوريين في الكورال، وهم -وفق وصفها- اختاروا الفن حلاً ناجعاً لأوجاع الغربة. وتضيف: «نحاول أن نثبت أنه على رغم العنف والدمار الذي نعيشه، ما زال شبابنا قادراً على إنتاج الفرح وما زلنا مؤمنين بالفن والحضارة». وتشير الحافظ إلى أن الكورال يضم مغنين من تركيا والسويد وألمانيا والولايات المتحدة، وهم وفق تعبيرها «فنانون منفتحون على الثقافات، وراغبون في الاطلاع على الحضارة الشرقية لأنهم معجبون بها». وتضيف: «يتعاون المغنون خلال «بروفات» التدريب، فبينما يساعد المغنون الأتراك المغنين العرب والغربيين على لفظ الأغاني التركية، يكتب المغنون العرب لزملائهم الأجانب الأغاني العربية بأحرف لاتينية لتسهيل لفظها. وتنفي مؤسِّسة الكورال وجود أي جهة ممولة أو داعمة للمشروع الموسيقي، موضحة أنها طرحت فكرة «موزاييك» على صفحات التواصل الاجتماعي من خلال ملصق أعلنت فيه رغبتها في تأسيس كورال شرقي وتركت باب الانضمام إليه مفتوحاً أمام الجميع بشكل مجاني، فلاقت الفكرة استجابة كبيرة، كما أمنت مؤسسة «الدار» الثقافية صالة لاجتماعات الكورال التدريبية. ووفق الحافظ، فإن كورال «موزاييك» يختار تقديم الأغاني الأكثر انتشاراً وشعبية بين الثقافات الشرقية، ليتدرب المغنون على أغاني تركية وسورية وآرامية وسريانية وكردية وفارسية. وتوضح الحافظ أن الموسيقى الشرقية ليست عربية فقط، و «نحن نحرص على تقديم مزج موسيقي بين ثقافات المنطقة الشرقية، لأن ذلك يكسب الكورال مزيداً من الانتشار». ومن المقرر أن يحيي الكورال مجموعة حفلات الصيف المقبل على مسارح مدينتي إسطنبول وغازي عنتاب، مع التحضير لحفلات في أوروبا من خلال التواصل مع مؤسسات ثقافية هناك. وميسا الحافظ، خريجة المعهد العالي للموسيقى في دمشق، أسست معهد «هارموني» لتدريس الموسيقى في العاصمة السورية، وأصدرت ألبوماً غنائياً خاصاً بالأطفال عام 2007.