دمشق - أ ف ب - يمثل المغني السوري ابراهيم كيفو الفسيفساء السورية النادرة والمتعايشة في الجزيرة السورية، إذ يغني، هو المتحدر من أصل أرمني، بمختلف لهجات ولغات المنطقة من سريانية واشورية وارمنية وكردية وتركية، والعربية طبعاً. هو لا يغني كل لغة في مقام مختلف، بل يغنيها جميعا في أغنية واحدة، إذ لا يطرب جمهور تلك المنطقة الغنية بالتنوع السكاني الا بهذا التنوع النغمي واللغوي. لم يبذل كيفو كبير جهد لتعلم هذه اللغات، ويقول: «الثقافة في بيتنا مبنية على لغتين، التركية والكردية، إذ جاءت أمي من منطقة في أرمينيا ناطقة بالتركية، أما الكردية فلاننا نعيش في وسط كردي، وما زلنا إلى اليوم نتحدث الكردية حين يأتينا ضيف كردي والعربية حين يكون الضيف عربيا». ويضيف: «الجزيرة السورية تجربة مذهلة بالتنوع، لا تستطيع لا بلجيكا ولا غيرها أن تتفوق عليها». ويؤكد ان «المغني في الجزيرة لا يستطيع أن يرضي الجميع إذا غنى بلغة واحدة، ففي الأعراس تجد دائما كل هذا التنوع». ولا يخفي كيفو شيئاً من الحسرة: «لو يأخذنا هذا المزيج إلى الرقي الذي ننشده فلن تجد مجتمعا في العالم يشبهه». ويقول كيفو: «الإزيديون (أكراد) هم من احتضن جدي الأرمني المهاجر الذي سكن بينهم في قرية دوكر قرب عامودا، منهم تعلمنا الكردية، ومن أخوالي تعملت التركية، أما العربية فمن ملاعب طفولتي ودراستي». وعلى صعيد الموسيقى والغناء، يبدو كيفو وكأنه مغن في شكل فطري: «كان صوت والدتي جميلا، وحاملا لكل مآسي الأرمن. كما كان لوالدي صوت جميل وكان مشجعا لي على دراسة الموسيقى». كذلك، فرض التنوع الثقافي عليه العزف على عدد من الآلات الموسيقية التي غالبا ما يحضر معظمها في حفلاته: «أعزف على عائلة الآلات الوترية الشرقية، البزق وعائلته، العود، الجوزة». وعن التشابهات بين أغاني كل ثقافة، يقول كيفو: «تجد تأثيرا واضحا بين هذه الأغاني، ولكن لا يمنع أن لكل نوع خصوصية. أحيانا تجد أغنية مشتركة تستعمل في الأغنية نفسها كل تلك اللغات». وعما يمثله كيفو بالنسبة لأهالي المنطقة يقول: «أنا حين أغني أجعل يد الكردي مع العربي، والسرياني مع الآشوري أثناء الدبكة». كيفو ظل إلى أمد بعيد مغني الجزيرة السورية لا يبرحها تقريبا، إلى أن صار اسمه مطلوبا في حفلات أوروبية، بعدما حصل على جوائز من بينها جائزة شارل كروتس، فيما أعد فيلم وثائقي عن تجربته. وهو يقول عن المنعطف الذي جعله يغادر الخريطة المحلية إلى آفاق العالم الرحب: «هناك اولا ظهوري في أول عمل عالمي هو «عابدات باخوس» الذي كان لي فيه دور البطولة الغنائية، وهو من تأليف السوري نوري اسكندر». ويضيف: «أما المنعطف الثاني فهو مشاركتي في حفلة خاصة بي على مسرح بيت الثقافات في باريس». كيفو شارك أخيراً في مشروع موسيقي غنائي أقيم في سويسرا، لموسيقيين سوريين وسويسريين، غنى فيه نصوصاً من الحضارات السورية القديمة.