تعاني مكةالمكرمة مشكلة متكررة تحدث مرات عدة على مدار العام، تتمثل في تكدس النفايات في أحيائها وبين طرقاتها، إذ تأتي مرة في موسم الحج بسبب الأعداد الكبيرة للحجيج المؤدين للشعيرة في زمن قليل، ومرات أخرى في الأحياء السكنية، التي يكون المتسبب فيها إهمال الشركات المشغلة لعمال النظافة. وعلى رغم تلك المعاناة المتكررة في كل عام، والظاهرة للعيان في بعض أحياء مكةالمكرمة، قدمت العديد من المراكز البحثية والمشاريع العملية العلمية حلولاً لإنهاء تلك الأزمة، ومعالجتها من جذورها، بيد أنها لم تلق تلك الأبحاث والمشاريع النور حتى الآن. «الحياة» التقت عدداً من أهالي العاصمة المقدسة، أكدوا أنهم لم يتلقوا إلا وعوداً بحل الأزمة من أمانة مكةالمكرمة وعلى وجه السرعة، ولكن تلك الحلول ما تلبث إلا أن تتبخر بعد فترة قليلة من التطبيق، ويغلب عليها الإهمال وضياع الاستمرارية، والذي كان آخرها وعد الأمانة بالحسم على مقاولي النظافة المهملين في أداء عملهم، إلا أنها لم تحسم، ولم تحل الأزمة. من جهتها، أكدت أمانة العاصمة المقدسة أن أزمة النظافة في مكةالمكرمة ليست دائمة، إذ إنها جهزت فرقاً ومعدات لأعمال النظافة في جميع الأحياء السكنية وبحسب مساحة كل حي والكثافة السكانية، ملوحة بالحسم والمعاقبة للمقاولين المهملين في إخلال الشروط، والتهاون في التنظيف. وقال مدير قسم الإعلام والنشر في أمانة العاصمة المقدسة أسامه زيتوني ل«الحياة» إن الأمانة أبرمت خمسة مشاريع كبرى لنظافة مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة أخيراً، روعي فيها كافة النواحي التي ستسهم في رفع مستوى النظافة بالعاصمة المقدسة، وبما يليق بمكانتها وقدسيتها. بدوره، اعتبر عمدة حي الصناعية (البحيرات) محمد الحجيلي أن مستوى النظافة الآن في المستوى الجيد، على رغم أنه في السابق كان المستوى متردياً جداً، متأملاً أن يُحدث التقسيم الأخير للأمانة للأحياء ومقاولي النظافة والفرق، تحسناً في الأداء. «الأمانة» تتعهد ب«الحزم» في تطبيق الأنظمة... ومعاقبة المقاولين المخالفين ب«الحسم» تعهّدت أمانة العاصمة المقدسة بالحزم في تطبيق الأنظمة والاشتراطات والمواصفات التي نصت في عقود النظافة، وتطبيقها دون إخلال بشروطها، مؤكدة معاقبة الشركات المقاولة والمتعهدة بالنظافة بالحسم في حال المخالفة، أو إخلال بالشروط. وأوضح مدير قسم الإعلام والنشر في الأمانة أسامة زيتوني ل«الحياة» أن أمانة العاصمة المقدسة خصصت فرقاً من كافة البلديات الفرعية مجهزة بالعمالة الكافية والمعدات اللازمة، وذلك للقيام بأعمال النظافة في جميع الأحياء السكنية، مشيراً إلى أن تلك الفرق والعمالة تعمل بحسب مساحة كل حي والكثافة السكانية فيه، إضافة إلى متابعة الأمانة المقاولين القائمين بمشروع النظافة بالعاصمة المقدسة. وأكد أن الأمانة لن تتهاون في معاقبة المخالفين للأنظمة من المقاولين المتعهدين بالنظافة، إذ سيتم حصر العمالة والمعدات، والحسم على المقاول في حال إخلاله بشروط ومواصفات المشروع، وتطبيق العقوبات التي نصت عليها العقود في اللائحة. وأفاد زيتوني بأن الأمانة أعدت خطة تشغيلية خاصة لأعمال النظافة بمكةالمكرمة، وذلك لمواكبة التغيرات، وروعي في إعداد الخطة زيادة أعمال العمال والمعدات المخصصة لكل حي، وكل منطقه بما يتناسب مع الكثافة السكانية، مبيناً أنه تمت زيادة ساعات العمل وخصوصاً في المنطقة المركزية، مع توفير فرق دعم إضافية لمواجهة أية حالات طارئة كمواسم الأمطار. وأشار إلى أن الفرق الخاصة تعمل بجميع الأعمال الخاصة في النظافة مثل كنس الشوارع والطرقات، وتفريغ الحاويات أولاً بأول، ونقل النفايات إلى المرامي العامة، وكذلك القيام بغسل الحاويات وغسل الأرصفة في بعض المناطق، محدداً تلك المناطق الخاصة التي يتم غسلها بالمحيطة بالمسجد الحرام، والقيام بمهامها في الأوقات التي تسمح بذلك. وأضاف: «تعمل تلك الفرق أيضاً بمكافحة الحشرات، والمزودة بأجهزة الرش والمكافحة والمعدات والسيارات وغيرها، وهي تعمل على فترتين صباحية ومسائية، مع العلم أنه تم أخيراً، إبرام خمسة مشاريع كبرى لنظافة مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، وروعي فيها كافة النواحي التي ستسهم في رفع مستوى النظافة بالعاصمة المقدسة، وبما يليق بمكانتها وقدسيتها». بدورها، لاحظت «الحياة» في جولة ميدانية مع بعض الأهالي في الأحياء السكنية وجود تكدس للنفايات في الحاويات وامتلاء البعض منها، وقلة النظافة في عدد من الأحياء مقارنة بالأحياء الأخرى، إضافة إلى غياب التوجيه والإرشاد من الأمانة لضرورة رمي المخلفات في وسط الحاويات. كما لاحظت وجود تكدس للنفايات متزايد ومنتشر في طرقات في حي الصناعية، وعدم وجود عدد كاف من الحاويات، ما تسبب في رمي المخلفات بشكل عشوائي، إضافة إلى وجود الكثير من المخلفات بجوار مدارس البنات. «عُمَد الأحياء» يطالبون بتوسيع الخدمات ومعالجة «الأخطاء» أكد عمدة حي الشهداء فيصل القرشي ل«الحياة» أن مكةالمكرمة تستحق المزيد من الاهتمام عن غيرها من مدن المملكة، إذ إنه ملاحظ في الآونة الأخيرة تحسن في مستوى النظافة وتطور عن السابق، مشيراً إلى وجود إنتاج فعلي من وجود للعمالة وتغيير للآليات ووجود الحاويات، وعدم ترك المخلفات إلى أكثر من يوم، كما كانت عليه في السابق والتي تستمر النفايات إلى أكثر من أسبوع. وعن محدودية حاويات النظافة، بيّن أن أعدادها الآن مناسبة عن ذي قبل، إذ كانت تعد معدومة في الحي، مضيفاً: «مثلاً كانت بجوار المدرسة الثانوية حاوية واحدة تستخدمها المدرسة والمنازل المجاورة لها، فيما أصبح الآن حاويتان تستوعبان لتلك النفايات». وطالب الأمانة ببذل المزيد من الجهد لتحسين مرافق الخدمات الأساسية في الحي، من تحسين الشوارع التي تعاني من شروخ وحفريات كبيرة، وكذلك الاهتمام بموضوع تصريف السيول. من جهته، أوضح عمدة حي الصناعية (البحيرات) محمد الحجيلي أن مستوى النظافة الآن جيد، برغم أنه كان في السابق متردياً جدًا، مرجعاً ذلك إلى تنظيم الأمانة الجديد، ودخول أكثر من شركه وتقسيم مكةالمكرمة إلى خمس مناطق، ما أدى إلى تحسن المستوى لوجود المنافسة بين الشركات، في تقديم الأفضل، ووجود البديل حال ما يكون هناك نقص. وأشار إلى أنه تم تجديد بعض الحاويات في الحي، وزيادة عددها بما يناسب الكثافة السكانية، مشدداً على وجود مشكلات أخرى يتمنى من الأمانة الاهتمام بها وسرعة تحسينها في أقرب فرصة. الأهالي: النفايات في الأحياء متكدسة ولم نسمع إلا «الوعود» يقول محمد عريف أحد سكان مكةالمكرمة إن أكثر ما يعيق الحركة في بعض الأحياء هو تناثر النفايات على الطرقات، وتكدسها عند حاويات القمامة، وذلك يدل على وجود قصور من الشركة في حمل النفايات، والتي تتكدس بعضها من الصباح وحتى الساعات الأولى من الليل، ما يسبب أضراراً بيئياً كبيراً. وطالب عريف خلال حديثه إلى «الحياة» الأمانة بوضع خطة محددة للشركات، بحيث يكون حمل النفايات على أقل تقدير مرتين يومياً في الأحياء الكبيرة، والتي تكتظ بالكثير من السكان، مشيراً إلى ضرورة تكاتف المجلس البلدي في مكةالمكرمة مع الأهالي، لإيصال الصوت إلى المسؤولين، وتحقيق الطلبات والملاحظات، بدلاً من إطلاق الوعود والعهود التي لم تتحقق على أرض الواقع. فيما أكد سلامة الحربي أن النظافة مع إبرام أمانة العاصمة للعقود مع الشركات الجديدة أصبحت في تحسن بسيط عن ذي قبل، إذ شهدت النظافة في مكة مع الشركة السابقة مشكلات كثيرة كانت تتمثل في إضراب عمال النظافة، وذلك بعدم النزول إلى مواقع العمل، والتي نتج من ذلك تراكم كبير للنفايات. ويشير إلى أن تلك الأزمة تسبب تهديداً للصحة العامة في أقدس بقاع الأرض، وكانت كل أزمة تمتد إلى ما يقارب الأسبوع الكامل، مضيفاً: «لكن الآن الوضع في تحسن، لا يزال هناك بعض القصور، ونطالب الأمانة بإيجاد حاويات أكثر وأكبر حجماً في الأحياء الكبيرة». من جهته، وصف عبدالله الحازمي من سكان حي الشهداء النظافة في حيه الذي يسكن فيه بأنها سيئة للغاية، وذلك بسبب امتلاء الحاويات وعدم تفريغها، ما يضطره إلى رمي المخلفات بجوار الحاوية، وأيضاً عدم وجود رقابة من مشرفي العمال على العمالة. وأضاف: «عدم رش أماكن تجمع النفايات بانتظام من فرق الرش يسبب انتشار كبير للحشرات والجرذان، وأطالب الأمانة بتفعيل دور فرق الرش وتنظيف حاويات القمامة، وتجديدها لأنه مضى عليها عمر طويل في كثير من الأحياء». أما وائل الأحمدي من سكان ساحة إسلام، يبين أن في حيهم تختلف أشكال حاويات القمامة، منها ما هو جديد ومنها ما أكل الزمان عليه ، إذ إن التكدس العنوان الأكبر للحي، كما أن الحاويات مصدر لانبعاث الروائح الكريهة. وقال: «إن تلك الحاويات تسبب أضراراً بيئياً كبيراً، والسبب يعود إلى قلة أعداد العمالة لدى المقاول الجديد، والعشوائية في العمل بعدم انتظام فرق نقل المخلفات»، مطالباً الأمانة بوضع لوحات إرشاديه لأوقات مرور سيارات نقل النفايات، وأيضاً زيادة أعداد العمالة لدى المقاولين.