شارك الآلاف من فلسطينيي 48 في المسيرة السنوية التي تنظّمها «جمعية الدفاع عن حقوق المهجَّرين» إلى قرية مهجَّرة، بالتزامن مع احتفال إسرائيل بقيامها (وفقاً للتقويم العبري). ونُظمت مسيرة هذا العام، للعام الثامن عشر على التوالي، إلى قرية الحدثة في قضاء طبرية، فيما أمّ مهجّرون آخرون قراهم التي حوّلتها إسرائيل أنقاضاً أو أقامت عليها مستوطنات يهودية. وحمل المتظاهرون الأعلام الفلسطينية، وأعلاماً سوداء، ولافتات كُتبت عليها أسماء القرى الفلسطينية التي هدمتها إسرائيل (أكثر من 500 قرية)، فيما رفع متظاهرون مفاتيح بيوتهم التي شُردوا منها لتأكيد إيمانهم بالعودة إليها. وبرز بين الحضور الأطفال والفتية وجمهور الشباب الذين اعتمروا الكوفيات، كأنهم يردون على مؤسس الدولة العبرية ديفيد بن غوريون، بأن «الكبار يموتون والأبناء ينسون»، كما يقول المؤرخ البروفيسور مصطفى كبها، الذي روى على مسامع المتظاهرين قصة تهجير أهل القرية، «حين تم تجميعهم تحت أشجار الزيتون قبل تهجيرهم النهائي في مطلع حزيران (يونيو) 1948». ونقل عن الحاجّة كاملة محمود الخطيب أبو الهيجاء، ابنة القرية المهجَّرة، أن التهجير جرى على مرحلتين: في المرة الأولى (من المرجح أن يكون ذلك في مطلع نيسان (أبريل) 1948)، «جرى نقل النساء والأطفال الى ثلاث قرى بعيدة، وبقي الرجال في القرية. ومع الوقت، بدأت العائلات بالعودة، بخاصة بعد بداية موسم الحصاد (في نهاية أيار (مايو) وبداية حزيران (يونيو) 1948)، وبينما كان الجميع منهمكين في الحصاد، جاءت قوة عسكرية إسرائيلية وأطلقت النار على القرية، فقتلت رجلا واحداً وأصابت طفلاً بجروح، ثم قامت بتجميع الجميع تحت أشجار الزيتون في منطقة تدعى قطعة الجامع، واعتقلت 20 رجلاً نقلتهم الى طبرية ومن هناك الى السجن، وأجبرت الباقين على ترك المكان». وتم خلال مسيرة أمس، التي جرت على رغم هطول الأمطار والرياح، تنظيم جولات للتعريف بمعالم القرية، وتم التقاء مع عدد من أهالي القرية المهجرين للاستماع إلى رواية تشريدهم. واختتمت المسيرة بمهرجان سياسي وثقافي وفني ملتزم، أكدت فقراته المتنوعة حق العودة والانتماء الوطني. واعتبر رئيس جمعية حقوق المهجرين، المحامي واكيم واكيم، أن المسيرة إلى القرى المهجرة «أصبحت ومنذ سنوات تقليداً وطنياً، فيه تذوب كل خلافاتنا الحزبية والفئوية الضيّقة في بوتقة وحدتنا الوطنية، وغدا الحدث الأهم في وجدان ووعي جماهيرنا الفلسطينية في الداخل وروايتنا بأسطع تجلّياتها». وأضاف: «ليوم كامل، نؤكّد كوننا أبناء للشعب الفلسطيني، ونؤكّد أننا حاضرون ولسنا بغائبين، وأنه يستحيل أن يكون هناك سلام عادل ودائم من دون عودة كل اللاجئين والمهجرين الى ديارهم».