لا يبدو أن الإعلام الإيراني يتحمل أي عبء في المعركة الإعلامية، على رغم أنه المحرك لتحالف «الحوثي - عفاش»، وإنما يتحملها عنه حلفاؤه من صعدة والضاحية الجنوبية. ومنذ انطلاق الزحف الحوثي على عمران بدأت ملامح الحضور الإعلامي للحوثيين على الشاشات العربية، انطلاقاً من الفضائيات الموالية لإيران مثل «المنار»، أو المتكاتفة معها سياسياً مثل «روسيا اليوم»، أو حتى تلك المحايدة مثل «بي بي سي»، وظل الظهور الحوثي فيه بشكل تبرير للزحف على الدولة اليمنية وتقويض الاتفاق الخليجي، وفي شكل آخر يتمثل خوض المزايدات والمناكفات مع خصوم الحوثي السياسيين في اليمن وخارجه، وهو ما يعلق عليه رئيس تحرير صحيفة «الصباح» التونسية علي التليلي، في اتصال هاتفي مع «الحياة»، بقوله: «من المؤسف جداً ونحن متابعون للشأن الإعلامي في المشرق العربي، وخصوصاً لما يجري حالياً في اليمن، نلاحظ بشكل مرعب النزول والانحدار في مستوى الحوارات على القنوات التلفزيونية في الواقع، لكننا يجب ألا نعمم». بيد أن سمات الظهور الإعلامي المؤيد للحوثي في الفضائيات العربية بعد «عاصفة الحزم» أخذ منحى آخر، واستحوذت مناكفات المتعاطفين مع الحوثيين في صعدة والضاحية اللبنانية الجنوبية على الشاشات الإخبارية، بسبب ما تحويه من مقاطع مثيرة وعبارات جارحة، من دون أن يظهر في الواجهة أيّ من رجال السياسة أو الإعلام الإيرانيين. ومع شدة التوتر، الذي سببته «عاصفة الحزم»، ظهر الإعلاميون الحوثيون المتحدثون من صعدة وصنعاء في حلقات النقاش في الأحداث باليمن، وهم يتلفظون بألفاظ متجاوزة ونابية، إذ ظهر محمد القيرعي في قناة «روسيا اليوم» معلقاً على القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن ضد الحوثيين، تحت البند «السابع»، وأثناء نقاشه مع الضيف السعودي دحام العنزي، فوجئ به المتابعون وهو يقول: «أنا أفضل أن أكون على دين بوذا على أن أكون على عقيدتكم»، وفي آخر دقيقة شغلها وجوده في الأستوديو من اليمن أطلق عبارات نابية وجارحة وغادر، على رغم أن توجه القناة «الروسية» نفسها متكاتف مع ميليشيات الحوثي و«عفاش». ويرى رئيس تحرير «الصباح» أن هذا التوتر في التحليل الإعلامي يأتي «نتيجة سببين، أحدهما الضبابية على مستوى التمكن من المتابعة الدقيقة، ومن المعلومة الدقيقة لتقويم الوضع بشكل موضوعي، ولإعداد موقف واضح»، مضيفاً: «السبب الثاني التوتر في الوطن العربي الناتج من توترات اجتماعية وحروب وصراعات داخلية إقليمية، حتى إن هؤلاء المحاورين أصبحوا في حالات نفسية مضطربة، في تعاطيهم مع الأحداث التي تجري في الوطن العربي». وفي مشهد آخر مثير للاستغراب، استهجن الإعلامي الحوثي علي الزهري، عبر قناة «المسيرة» اليمنية، دعاء المصلين في الصلوات وخطب الجمعة، مطلقاً عبارات مسيئة إلى الذات الإلهية. أما في شق الإعلاميين والمحللين المنتمين إلى حزب الله، من الضاحية الجنوبية، فتركزت اعتراضاتهم على سياسات السعودية وحملات «عاصفة الحزم»، وعلى وصف الجزيرة وأهلها بأوصاف مستفزة، وإطلاق شتائم مقذعة عليهم، من بينها على سبيل المثال وصف الإعلامي سالم زهران بأنهم «يهود خيبر» وأنها آخر معاركهم في «غزوة أحد». ... وشاعر إيراني يشتم «الكعبة» ويدعو مواطنيه ل«مقاطعة الحج»! هاجم الشاعر الإيراني مصطفى بادكوبه إي الكعبة المشرفة، واصفاً إياها ب«قصر الجهل»، ومطالباً الفقهاء المنتمين إلى جعفر الصادق (بزعمه) بتحريم الحجّ إليها. وانتشرت قصيدة بادكوبه إي عبر مواقع إيرانية عدة، من بينها الموقع الإخباري «مشكين سلام»، وتلقفته وسائل إعلام إيرانية وعربية على شبكات التواصل الاجتماعي. وفي اتصال مع «الحياة» قال داعية عراقي مقيم بالسعودية (تحتفظ «الحياة» باسمه): «إن الشاعر المذكور ليس جديداً عليه التهجم على العرب، بل إن قصائده المنتشرة والمتداولة بين الإيرانيين فيها خروج على مبادئ الإسلام»، لافتاً إلى أن «الأجواء السائدة في إيران تشجّع على مثل هذا الطرح، إذ نشطت أخيراً مظاهرات في إيران تحوي ألفاظاً نابية ضد العرب والمسلمين». وأضاف: «القنوات الفضائية العربية والإسلامية لن تسكت عن هذا العمل، وسينتشر قريباً على نطاق واسع، وخصوصاً على يد العرب الأحوازيين، الذين لن يظلوا مكتوفي الأيدي أمام هذا الأمر».