أظهرت التفجيرات الدامية التي ضربت بغداد الثلثاء خلافات حادة بين القوى السياسية والأمنية. وتعهد رئيس الوزراء نوري المالكي إجراء «تغيير في الخطط والاستراتيجيات لمواجهة التحديات». وفيما هدد وزير الداخلية جواد البولاني ب»كشف الحقائق في جلسة برلمانية علنية»، واتهم المدير العام لمكافحة المتفجرات اللواء جهاد الجابري سورية والسعودية بالتورط في الهجمات، نقل السفير العراقي في الرياض عن الرئيس جلال طالباني تأكيده أن هذه التصريحات «لا تمثل رأي الحكومة». وكان وكيل الداخلية حسين كمال أكد تلقي «قيادة العمليات في بغداد» المرتبطة بمكتب المالكي والمسؤولة عن أمن العاصمة، معلومات عن إمكان حدوث هجمات وشيكة، لكن»العمليات» لم تعلق على ذلك، واكتفى الناطق باسمها اللواء قاسم عطا بتصحيح اعداد ضحايا التفجيرات، معلناً ان الحصيلة النهائية 77 قتيلاً وحوالى 400 جريح. وتشرف «قيادة العمليات» على معظم نقاط التفتيش في بغداد. وكان البولاني اشار الى ان قائدها الفريق عبود قنبر يمتلك صلاحيات اكبر من صلاحيات وزيري الدفاع والداخلية. واشترط ان تكون جلسة الاستماع البرلمانية، المقرر عقدها اليوم ويمثل خلالها أمام البرلمان المالكي والقادة الأمنيون ورئيس جهاز الاستخابرات، «علنية»، مهدداً ب «كشف الحقائق للشعب العراقي». وأصبح واضحاً للجميع ان الخلاف على توحيد المسؤوليات الأمنية، خصوصاً صلاحيات «قيادة العمليات»، ساهم في تردي الوضع الأمني وتبادل الاتهامات، وأدى الى توتر العلاقة بين المالكي ووزير الداخلية. وواصل سياسيون وبرلمانيون انتقاداتهم للأجهزة الأمنية لفشلها في منع الاعتداءات واتهموها بالعجز عن مواجهة التحديات في ظل دعوات الى «محاسبة المقصرين». وتعهد المالكي اجراء «تغيير في الخطط والاستراتيجيات لمواجهة التحديات بينها تغيير مواقع عدد من القادة الأمنيين». لكنه لم يحدد اسماء. وترى مصادر سياسية أنه يصعب على المالكي في المرحلة الحالية اقصاء البولاني الذي يحظى بدعم اميركي وإقليمي واسع، فضلاً عن أن هذه الخطوة تأتي في خضم التحضير للانتخابات. وكان رئيس الوزراء جدد اتهام «الخارج بدعم أشرس حملة ارهابية» يتعرض لها الشعب العراقي، ودعا الى «عدم المزايدة بالدماء والمتاجرة بها، وأن لا تكون هذه الفواجع فرصة لإثارة الخلافات تحت عناوين سياسية او دعايات انتخابية»، محذراً من ان «الهيكل اذا سقط سيسقط فوق رؤوس الجميع، ولن تستفيد من ذلك كتلة او قائمة انتخابية». ولفت الى ان «الأعداء اصطفوا في جبهة واحدة وتناسوا الخلافات في ما بينهم». وناشد كل الفرقاء الى «الاصطفاف في جبهة واحدة ايضاً (...) لأن عدونا مدرب ومؤهل ومدعوم ولديه خبرات ويطور خططه وأساليبه ونحن من جانبنا ايضاً نطور خططنا في شكل مستمر». وأضاف:»لا بد من اجراءات قاسية لردع المجرمين». وناشد مجلس القضاء الأعلى وهيئة رئاسة الجمهورية «المصادقة على احكام الإعدام لتنفيذها بحق المجرمين لتكون رادعاً». كما طالب «المجتمع الدولي ودول الجوار بتحويل اداناتهم للاعتداءات الى مواقف حقيقية (...) لتضييق الخناق على الإرهابيين من اي جهة جاؤوا». في الرياض قال السفير العراقي غانم الجميلي تعليقاً على اتهام مدير مكافحة المتفجرات اللواء جهاد الجابري سورية والسعودية بالضلوع في التفجيرات أن هذا الموقف «لا يمثل رأي الحكومة العراقية»، وقال ل»الحياة» نقلاً عن طالباني: «نحن في انتظار النتائج». وأشار إلى أن التحقيقات «تأخذ بعض الوقت لجمع الأدلة». وكان المدير الجابري قال للصحافيين أمس ان «الهجمات تمت بمتفجرات أتت من الخارج، ساعدتهم دولة مجاورة، فهذه (الهجمات) تحتاج إلى أموال ودعم كبير جداً من سورية أو السعودية أو غيرهما».وأشار إلى أن الحكومة العراقية «غير غافلة عن هذا الموضوع»، موضحاً أن «أقل حمولة أي سيارة لم تقل عن 850 كلغ من المتفجرات، ولا يمكن تصنيعها في بغداد، هذا جاء من الخارج»، وزاد أن «تفخيخ أي سيارة صغيرة يحتاج إلى 100 ألف دولار، لكن السيارات المفخخة أول من أمس كانت حافلات نقل صغيرة».