وعد رئيس الحكومة المصرية إبراهيم محلب بإجراء الانتخابات التشريعيات التي تمثل آخر محطات خريطة الطريق التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، قبل شهر رمضان الذي يوافق منتصف حزيران (يونيو) المقبل. لكن مصادر قريبة من اللجنة العليا للانتخابات شككت في إمكان تحقيق ذلك. ويتقاطع الموعد مع اختبارات الفصل الثاني في المدارس التي تبدأ مطلع الشهر المقبل وتنتهي أواخر حزيران أي في منتصف رمضان، ويحتل خلالها الطلاب القاعات التي تستخدم مراكز للاقتراع. وأوضحت المصادر أن «إجراءات الانتخابات ستنطلق فعلاً قبل رمضان بفتح الباب مجدداً للترشح والدعاية الانتخابية». لكنها أشارت إلى أن «الاقتراع سيكون على مرحلتين في أواخر تموز (يوليو) أو مطلع آب (أغسطس)، ومن الصعوبة إجراء المرحلة الأولى قبل رمضان، لاسيما أن من المؤكد إجراء جوله إعادة». وكانت المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر «لعدم التمثيل المتكافئ»، قبل أن تقضي بعدم دستورية حظر ترشح مزدوجي الجنسية، ما أدى إلى إرجاء الاستحقاق الذي كان مقرراً الشهر الماضي. وأعادت الحكومة تشكيل لجنة قانونية يترأسها وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي لإجراء التعديلات المطلوبة منحها الرئيس عبدالفتاح السيسي شهراً لإنجاز مهمتها ينتهي الجمعة المقبل. واجتمعت أمس اللجنة في حضور رئيس الحكومة، بعددٍ من الأحزاب والنخب السياسية، في جلسة هي الثانية من نوعها شهدت انقساماً بين الحاضرين إزاء اقتراح إجراء تعديلات جوهرية على تقسيم الدوائر تقضي بتوسيع عدد المقاعد المخصصة لنظام القائمة. ووفقاً للقانون القديم يتشكل البرلمان من 540 مقعداً بالانتخاب، يتم التنافس على 420 مقعداً بالنظام الفردي و120 بنظام القوائم المغلقة المطلقة. ووجدت قوى سياسية في إرجاء الانتخابات فرصة لإعادة طرح مطلبها توسيع المنافسة بنظام القوائم، ما علق عليه محلب في تصريحات استبقت اجتماع أمس قائلاً: «بالفعل هناك بعض القوى السياسية يطالب بذلك، لكن هناك آخرين يرفضون هذا الطرح ويطالبون بالإبقاء على توزيع المقاعد كما هو». ووفقاً لمشاركين في اجتماع أمس، حصل انقسام بين الحاضرين، فمنهم من طرح مضاعفة عدد القوائم المتنافسة إلى ثماني قوائم توزع على محافظات الجمهورية، ما رفضه آخرون باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى إرجاء الانتخابات، واستند هؤلاء إلى أن المحكمة الدستورية لم تعترض على المقاعد المخصصة للقوائم. وفي حين طلب بعضهم أن يكون هناك برلمان في أسرع وقت، حذّر آخرون من أن «التسرع قد يؤدي إلى عدم استقرار البرلمان المقبل لأن هناك دعاوى كثيرة تنتظره». وشدد القيادي في «التيار الشعبي» وزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة في كلمته أمام الاجتماع على «ضرورة تحقيق الرضا العام عن القوانين المنظمة للعملية الانتخابية»، محذراً من «عدم الاستقرار في ظل عدم الرضا». وأضاف: «لا يجب الاكتفاء بالملاحظات التي أبدتها المحكمة الدستورية العليا. نحن لا نحتمل تشكيل برلمان ثم حله في ظل الأوضاع التي تمر بها مصر، والدرس الوحيد المستفاد من الثورتين اللتين قامتا ضد الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين، أنهما وقعتا بعدما انفرد مكتب سياسات الأول ومكتب إرشاد الأخير بالقرارات بعيداً من الشعب». أما نائب رئيس حزب «النور» السلفي أشرف ثابت فقال إن «الحزب تقدم بمشروع قانون كامل لتقسيم الدوائر الانتخابية يحتوي كل الملاحظات التي أوردتها المحكمة الدستورية ويراعيها. ونتضامن مع ما طرح بزيادة عدد القوائم». وشدّد رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» المنخرط في تحالف «الوفد المصري» محمد أنور السادات على «ضرورة إعلان جدول زمني محدد لإتمام العملية الانتخابية في أقرب وقت ممكن»، متوقعاً «أن يكون لدينا برلمان حقيقي في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وفقاً لاستقراء المشهد السياسي والواقع الحالي». واجتمع السيسي مساء أول من أمس في قصر الاتحادية الرئاسي بعضو المجلس التخصصي لتنمية المجتمع الداعية الإسلامي أسامة الأزهري، وناقشا «ضرورة الاهتمام بالبناء الفكري للشخصية الإسلامية، بما يسمح بتكوين عقلية معتدلة ومنفتحة تعتنق القيم السمحة للدين الإسلامي»، وفقاً لبيان رئاسي أوضح أن الأزهري عرض خلال اللقاء «الجهود الراهنة لتصويب الخطاب الديني، من أجل إرساء خطاب عصري ومستنير، يراعي الواقع ويحافظ على ثوابت الدين الإسلامي، ويؤكد قيم التسامح والتعايش السلمي واحترام الآخر». وشدد السيسي على «أهمية إبراز قيمة إعمال العقل في الإسلام، ومعالجة البناء الفكري والنأي به عن القوالب الجامدة ودحض الفكر المتطرف من خلال إعلاء التعاليم السمحة لديننا الحنيف»، وفق البيان الذي أشار إلى أن الرئيس «أبرز الدور المهم الذي يضطلع به الأزهر الشريف وكبار شيوخ وعلماء الدين في نشر تعاليمه الصحيحة والسمحة وتصويب الخطاب الديني، سواءً في المساجد أو بالمناهج التعليمية، مؤكداً أهمية العمل على مواجهة الأفكار المغلوطة، بما يساهم في السمو بالمنظومة القيمية للمواطن المصري والنهوض بها».