ماجت بيروت بماراثونها الذي أنعشته زخات المطر الغزيرة أحياناً، لكنها لم تثن حوالى 33 ألف مشارك من مختلف الأعمار يمثلون 73 بلداً، من التنافس والتعبير كل على طريقته خصوصاً في سباق ال10 كلم، الذي حشد حوالى 22 ألف مشارك، والذي يغلب عليه طابع "المشاركة لأهداف انسانية وخيرية ودعم جمعياتها". "الماراثون المهرجان" في نسخته السابعة استقطب جرياً على عادته وجوهاً سياسية وديبلوماسية واجتماعية وفنية، فقدم صورة زاهية مختلفة عن واقع الحال، ومنح المواطنين فسحة التقاط للأنفاس واستراحة من الهموم اليومية الضاغطة، ما جعل مشهد العائلة كلها "تنافس" مألوفاً وجسّدّ شعار السباق لهذا العام "صار وقت اركض". وفاجأ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري المشاركين في سباق ال10 كلم، إذ كان متوقعاً أن تحضر عقيلة سليمان السيدة وفاء لتعطي إشارة الإنطلاق. لكنها وصلت بصحبة زوجها بلباسهما الرياضي، وسبقهما الحريري بلباس المنافسة وحمل على صدره الرقم 3. كما حضر وزير الشباب والرياضة علي عبد الله ووزير الداخلية والبلديات زياد بارود ووزير البيئة محمد رحال والوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة ورئيس لجنة الشباب والرياضة النيابية سيمون أبي رميا والنائب عمّار حوري والنائب نديم الجميّل، وشخصيات وضيوف أجانب يتقدمهم حامل الرقم القياسي السابق للماراثون البطل العالمي الكيني بول تيرغات سفير الأممالمتحدة لصندوق الغذاء العالمي، وبطل العالم الإسباني آبل انطون والبطل الأولمبي دانيال ماسالا (شاركا في سباق ال10 كلم). نتعلّم منهم وأكد سليمان قبل إعطائه إشارة الانطلاق أن "الماراثون أصبح ظاهرة حضارية مهمة في لبنان، وهو يتكرر منذ سبع سنوات ويجمع شباناً وشابات من لبنان وبلدان العالم ، ومن كل الفئات، بروح رياضية وروح من المساواة. وهو يتميز باحتضانه مشاركين من الأعمار والطوائف كلها خصوصاً ذوي الحاجات الخاصة الذين نحييهم على مشاركتهم السنوية". وزاد: "تؤمن المناسبة مساحة للتلاقي والفرح، وان شاء الله تكون كل سنة أجمل من سابقاتها". وقال سليمان نستمد العبر من المشاركين "هؤلاء أتوا ليلتقوا مع بعضهم بعضاً. هؤلاء يعلموننا، وقد وجهوا لنا رسالة تؤكد ضرورة أن نبقى معاً، كما يجتمعون هم في المهرجانات الكبيرة التي تسودها الروح الرياضية، روح التسامح والمنافسة الشريفة التي تسمح لنا بأن نتعلم أن الديموقراطية بدورها يجب أن تمارس بروح رياضية، وبمنافسة شريفة والسير بخط مستقيم نحو الأهداف وليس بخط ملتو، ما يمكننا من أن نصل معا إلى الهدف". وقالت السيدة سليمان التي اجتازت مسافة ال10 كلم بكاملها: "ينجح لبنان مجدداً بتنظيم هذا الحدث العالمي المهم. وهذا هو وجه لبنان الموحد بروح أبنائه الرياضية وبمحبتهم للحياة والحضارة والتنافس الرياضي". وشكرت الرياضيين اللبنانيين "خصوصاً المعوقين وجميع الذين شاركوا من لبنان والخارج الذين أكدوا بدورهم محبتهم لهذا الوطن". كما شكرت منظمي هذا الحدث "وفي مقدمهم رئيسة جمعية بيروت ماراثون مي الخليل، على الجهد الذي بذل لكي يرى العالم لبنان على المستوى الذي يفتخر به". وخاض الرئيس الحريري رمزياً السباق ونوه بالجهد الذي تبذله الخليل، وقال: "أشارك لأشجع اللبنانيين على الاجتماع ولا شيء أفضل من الرياضة لجمعهم"، مضيفاً "يجب أن يكون يكون الوجهة الرياضية للعالم العربي". وإلى التنافس الرياضي الذي حفلت به شوارع بيروت وبعض ضواحيها، كانت هناك محطات فينة وترفيهية. كما منحت الفنانة هيفاء وهبي المناسبة لمسة رشيقة بمواكبتها، إذ أعطت إشارة الانطلاق لسباق ال42 كلم، ولفتت الأنظار في حضورها باقي المحطات، حتى إن مشاركين أخّروا انطلاقهم لالتقاط صور معها، وأعربت عن اعتزازها بهذا "التواصل والمشاركة الكبيرة التي تُشعر الناس بالامان والطمأنينة". كما شارك الفنان دريد لحام (حمل الرقم 40839) ورأى في السباق "تعاون الجميع في سبيل غاية سامية"، وأضاف:" الركض يؤمن تنفسنا هواء نقياً، بينما كثر من شعبنا العربي يركض هرباً من المخابرات أو لتأمين لقمة عيشه". وطغى هذا الاستقطاب الاحتفالي للسباق على نتائجه الفنية، وكان من أبرزها فوز الإثيوبي حسين محمد (2.16.12ساعة) ومواطنته ميهريت بيغنا (2.42.41)، كما حلت سفيرة بريطانيا في لبنان فرانسيس غاي أولى في فئتها (3.27.38س). وأسهم في إنجاح "اليوم الطويل" 4 آلاف متطوع ومتطوعة، و500 مسعف من فرق الإسعاف الأولي في الصليب الأحمر اللبناني وأعضاء اللجنة الطبية. وتأكيداً للعلاقة بين الحدث الماراثوني وعالم الثقافة، قدمت الكاتبة ندين توما صاحبة دار قمبز للنشر عملها الأخير "نقطة وراء نقطة... بيعملوا بحر"، وهو إصدار يترافق مع احتفالية بيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009.