سجلت المحاكم السعودية 661 قضية «تشهير» خلال العامين الماضيين. وتصدرت محاكم الرياض في عدد القضايا، تلتها مكةالمكرمة ثم المنطقة الشرقية. وسجلت قضايا التشهير ارتفاعاً من 314 في 1434، إلى 347 في العام الماضي. وأقر قانونيان بأن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في زيادة قضايا «التشهير»، بسبب تساهل البعض بالكتابة حول أي شيء، بما فيها الأعراض. ويحاكم المتهمون ب «التشهير» في هذه الحالة وفقاً لنظام «الجرائم المعلوماتية». وانتقد قانوني ضعف العقوبات المقرة ضد المُدانين بالتشهير، داعياً إلى تغليظها وتسريع البت فيها. وكشفت إحصاءات أصدرتها وزارة العدل أخيراً، عن ارتفاع معدلات قضايا التشهير ورد الاعتبار على مستوى محاكم المملكة خلال 1434 و1435، إذ بلغ مجموع قضايا التشهير 661، ورد الاعتبار 394 قضية. وتصدرت الرياض القائمة ب140 دعوى تشهير خلال العام الماضي، وكانت 118 في الذي سبقه. تلتها مكةالمكرمة ب88 قضية، التي كانت سجلت 109 دعاوى في العام السابق. واحتلت المنطقة الشرقية المرتبة الثالثة ب76 دعوى، وهو الرقم ذاته الذي سجلته في العام السابق. فيما ارتفعت قضايا القصيم من ثمان في 1434، إلى 31 قضية في العام الماضي. وأخيراً المدينةالمنورة التي سجلت 12 دعوى خلال العام الماضي، و18 في 1434. بدوره، اتهم القاضي السابق يوسف السليم، مواقع التواصل الاجتماعي بالإسهام في رفع معدل قضايا التشهير. وقال ل «الحياة»: «أدت هذه المواقع إلى حدوث استهانة كبيرة جداً بالسب والقذف والشتم، وتتبع العورات وكشف الخصوصيات»، لافتاً إلى أن هذا «التساهل الواضح للعيان يعتبره الإنسان كلاماً عابراً ويخصه، وأن الصفحة خاصته يكتب فيها ما يريد، متناسياً أن لذلك تبعات، فالحساب يخص الفرد ولكن يسري عليه النظام والقانون، ويقدم للمحاكمة إن هو شهّر أو تتبع أحداً، أو أساء بقذف أو سب أو شتم». وأضاف السليم: «نواجه عبء إثبات هل الصفحة تخص المُدعى عليه أو منتحلة، وفي حال الإثبات يُحاكم ويقدم للقضاء، وتطلب الإثباتات في حال الإنكار ويتم التحقق منها، ويسري على المتهم نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية»، مستدركاً أن «التهم التي لم يوردها النظام تبقى للتعزير العام، وفق السلطة التقليدية ومواءمة العقوبة للجرم، ومدى الضرر الذي وقع على الشخص المتضرر». وأوضح أن «القذف هو اتهام الشخص بالزنا واللواط، وله حد شرعي 80 جلدة، أما السب والشتم أو إفشاء خصوصيات، وتتبع عورات فمنها ما يدخل في نظام الجرائم المعلوماتية». بدوره، أوضح المحامي فهد الشلوي أنه مع «انتشار وازدياد أعداد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت قضايا التشهير والسب والكذب والافتراء في الازدياد، ما يدفع المتضررين إلى رفع دعاوى. إلا أنهم سرعان ما يتوقفون عن متابعة سير دعاواهم، بسبب الإجراءات الطويلة للتقاضي، ولعدم التفعيل العملي للأنظمة المتعلقة بهذه القضايا». وأضاف: «التشهير يختلف عن السب والقذف، فالتشهير قانوناً هو أي تصريح مكتوب أو مطبوع، يقصد به إيذاء السمعة، وذلك من طريق الأخبار والصحف والإنترنت والتلفزيون، أو أية طريقة أخرى تحقق انتشاراً، أما السب والقذف فلا يتطلب فيه النشر أو الإذاعة». وحول شروط وضوابط رفع قضايا التشهير قال: «إن يثبت المتضرر أن تلك التصريحات المسيئة تم نشرها، ويثبت أنها تتعلق به، وهو المدعو فيها، وأنها تحمل صفة التشهير الضار بسمعته». ورأى الشلوي أن تلك القضايا «لا تجد الاهتمام التشريعي المناسب، فلا نجد لها تطبيقاً إلا في أضيق الحدود، وتكون العقوبات الصادرة من المحاكم في مثل هذه القضايا غير متناسبة مع حجم الضرر الحاصل، علماً بأن هذه النوعية من القضايا لا يشترط فيها تحقق الضرر من عدمه، وتلقى قضايا التشهير التطبيق الفعّال في دول أجنبية، التي يحكم القضاء فيها بتعويضات كبيرة للمُشهر به»، داعياً إلى «الاهتمام تشريعياً في هذه القضايا، وإيجاد عقوبات رادعة، وهي مسألة مهمة جداً، وذلك للمحافظة على سمعة الأشخاص وكرامتهم». ...و394 «رد اعتبار» يرفعها سجناء «تائبون» كشفت إحصاءات وزارة العدل عن أن 394 قضية «رد اعتبار» سجلتها المحاكم السعودية خلال العامين الماضيين. وقفزت هذه القضايا من 109 في 1434، إلى 203 قضايا في العام الماضي. وتصدرت الرياض ب59 دعوى، فيما سجلت 61 في 1434. وتخطت الدعاوى في المنطقة الوسطى حاجز المئة في الأعوام السابقة. وكان نصيب مكةالمكرمة 57 في 1435، و59 في 1434. وجاءت الشرقية ثالثاً ب41 دعوى في العام الماضي و38 فيما سبقه، و27 في المدينةالمنورة خلال العام الماضي، و15 قضية خلال 1434. وتساوت القصيم في عدد القضايا خلال العامين (19 قضية). وعلق القاضي السابق يوسف السليم على قضايا رد الاعتبار بالقول ل «الحياة»: «إنها تكون بطلب رسمي بعد إدانة الشخص بالجرم وبعد إنهاء مدة محكوميته، وفيها تفاوت. ولكن غالباً ما تكون بعد مرور خمسة أعوام من إدانة الشخص، وظهوره بتعامل سوي وأخلاق حسنة، إذ إنه لم يقع في الجناية مرة أخرى، فيطلب رد الاعتبار». وذكر أن شركات ومؤسسات ترفض توظيف المسجون السابق إلا برد اعتبار أو تزكية.