عناوين مختلفة تسمعها وأنت تزور مدينة تعز (260 كلم جنوب العاصمة صنعاء) منها: «زوجة الزميل زكريا ماتت... العزاء في مقر فرع نقابة الصحافيين». «أنصحك بأن لا تقضي إجازة العيد في تعز ف «حمى الضنك» متفشية بشكل مرعب». «يبدو أننا ننحدر باتجاه أوبئة القرن التاسع عشر... حمى ضنك في تعز وكوليرا في صعدة أمراض تقليدية تتوازى مع صراعات متخلفة». «كانت شابة تركوها تموت في المستشفى ظنوا أنها أعراض إنفلونزا الخنازير فاعتذروا عن عدم معالجتها، لم يعرفوا أنها «حمى ضنك» إلا بعد أن فارقت الحياة»... «هكذا هم أطباؤنا مثل ساستنا لا يدركون المشكلة إلاّ بعد أن تقع الفأس في الرأس». «تفشي الفقر والفساد جعلا تعز عرضة للأوبئة». «يبدو أن الكوارث تروق لمسؤولينا ليتسولوا بعاهات البلد»... هذه العناوين وغيرها تشكل فحوى الحديث عن مرض «حمى الضنك» التي طغت على الأجواء محتلة مكان إنفلونزا الخنازير. وتقبل التعازي يحل مكان العديد من الأمور وآخرها التهاني بالأعياد. تشير المعلومات الرسمية في اليمن إلى نحو 800 إصابة سجلت حتى الشهر الماضي. وتقول مصادر طبية أن حجم الإصابات أكبر من ذلك، ويشير الأمين العام لجمعية أصدقاء الدم في تعز الدكتور خالد النهاري إلى تسجيل 2000 حالة. ويقول الأمين العام لنقابة الأطباء والصيادلة في تعز الدكتور عبد الجليل الزريقي عن عدد الإصابات يتعدى ال120 ألف إصابة، موضحاً أن الأرقام الرسمية تعتمد فقط على الحالات المسجلة في المختبر المركزي «فيما اعتمدنا في جمع بياناتنا على الحالات المسجلة في مختلف المستشفيات الحكومية والخاصة إضافة إلى العيادات». وتقول السلطات أن من أسباب تفشي المرض أزمة المياه ما يؤدي إلى تخزين المياه في أوان مكشوفة، ويضيف إلى ذلك «إهمال السلطات وعدم قيامها بالرش والتوعية بشكل كاف». وكان الأطباء والعاملون في المجال الصحي في تعز نفذوا منتصف الشهر الماضي اعتصاماً احتجاجياً على تفشي مرض «حمى الضنك» وتقاعس السلطات. وجاء في بيان أصدرته نقابة أطباء تعز ونقابة المهن الطبية ونقابة الصيادلة أن اعتمادات مستشفيات تعز التشغيلية لا تشكل أكثر من 35 في المئة من بقية المحافظات. ويذكر الزريقي أن مستشفيات تعز لا تحتوي سوى على جهاز واحد لمعالجة تكسر صفائح الدم الناتج من «حمى الضنك». ويستغرب تقاعس السلطات عن توفير هذه الأجهزة على رغم أن سعر الجهاز لا يزيد على 8000 دولار، مقدراً حالات الوفاة الناجمة عن هذه الحمى ب2800 حالة. ويقول: «14 طبيباً أصيبوا بالمرض توفي اثنان منهم». وعدا الملاريا ينتشر في اليمن عدد كبير من الإمراض أبرزها حمى الوادي المتصدع والدودة الحلزونية والتيفوئيد، وخلال العام الماضي سجلت الخوخة ومدينة زبيد الساحلية انتشار مرض من أعراضه الإسهال الشديد ما أدى إلى سقوط عدد من الوفيات من دون أن يتم تشخيص المرض أو التعرف إليه. وكانت لجنة برلمانية أوصت الحكومة بتوفير الإمكانات اللازمة لمكافحة «حمى الضنك» في محافظة تعز ومنها أجهزة ومركبات رش المبيدات، وتوفير أجهزة طبية خاصة بفصل الصفائح الدموية، وأخرى لفحص «الاليزا»، ووصل الأمر إلى مطالبة بعد النواب إعلان تعز منطقة «منكوبة». وينتمي فيروس «حمى الضنك» إلى عائلة الفيروسات الخيطية، وتتضمن فيروس «الكبد الوبائي ج» وفيروس «النيل الغربي» وفيروس «الحمى الصفراء». وتنتقل عدوى «الضنك» بواسطة بعوضة «الآييدس»، التي تتكاثر في تجمعات المياه داخل الأوعية المصنعة مثل: أكواب البلاستيك والإطارات المستعملة والقوارير المكسورة وأحواض الزهور...، ومنتجات الدم المعدية، ومن أعراض «حمى الضنك» صداع حاد مع آلام شديدة في المفاصل والعضلات، وارتفاع شديد في الحرارة، وطفح جلدي، وأحياناً التهاب في المعدة يظهر كمزيج من ألم بطني وغثيان وقيء أو إسهال. وفي بعض الحالات تظهر «حمى الضنك» بأعراض أخف قد تشخّص خطأً كإنفلونزا.