طلبت وزارة الخارجية الفرنسية عبر سفارتيها في الجزائر وباماكو المساعدة بما هو متاح من معلومات حول مواطن فرنسي خطفه فصيل صحراوي تابع ل «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» ليل الأربعاء - الخميس في مالي. ويعتقد متتبعون أن موقع خطف الفرنسي بيار كامات في ميناكا في جنوب مالي، على بعد 100 كلم عن الحدود مع النيجر، يرجّح أن «عبدالحميد أبو زيد» الذي ورث كتيبة «طارق بن زياد» عن القيادي السابق المعتقل «عبدالرزاق البارا»، هو منفذ العملية بحكم نشاطه في المنطقة إلى جانب مقاتلين قبليين من مالي وعدد من الأجانب. وأفيد أن أجهزة الأمن الفرنسية تأكدت من وقوف فرع الصحراء في «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وراء خطف بيار كامات في ميناكا التي تبعد أكثر من 1500 كلم شمال شرقي باماكو. وكان التنظيم قتل قبل ستة أشهر رهينة بريطانياً في هذه المنطقة التي ينشط فيها حميد السوفي المكنى «عبدالحميد أبو زيد»، وهو القائد العسكري الميداني للفرع الصحراوي ل «القاعدة» بزعامة يحيى جوادي (أبو عمارّ). وطلبت الخارجية الفرنسية من الجزائر مساعدة فنية وتقنية «للتعامل مع الوضع»، كما وجّهت الطلب نفسه إلى السلطات في باماكو. وتعتبر الحادثة اختباراً حقيقياً لمالي التي أعلنت «إنخراطها الكامل في الحملة الدولية ضد الإرهاب في الساحل الصحراوي»، وأيضاً إختباراً لمدى نجاح الجزائر في حملتها الدولية لإقناع الدول بعدم السماح ب «دفع الفدية» إلى أي «مجموعة إرهابية» وتحت أي ضغوط. وقال ناطق عسكري في باماكو: «كل المعلومات التي في حوزتنا تؤكد أن بيار كامات بين أيدي إسلاميين مسلحين في الصحراء». لكن معلومات رصدتها الجزائر من مجموعات قبلية أشارت إلى خطف الرهينة من قبل « وسطاء قبليين» يُعتقد أنهم سلّموا بيار إلى فرع «القاعدة» المغاربي في مقابل أموال، وهذا أسلوب معروف أسس له الأمير السابق للصحراء مختار بلمختار المكنى «خالد أبو العباس»، في شكل «حلف بين المسلحين ومجموعات مهربين تنشط عبر الساحل الصحراوي». وتُعرف منطقة «ميناكا» بأنها مرتع لجماعات «أبو زيد»، وبسطت «القاعدة» يدها فيها بعد إنسحاب المتمردين الطوارق نحو مدنهم الثلاث (غاو، كيدال وتمبكتو)، في حين أن التغطية الأمنية النظامية تبدو شبه منعدمة في المنطقة. وأعلنت باريس أن بيار كامات البالغ من العمر 61 عاماً استقر في ميناكا منذ 2008 حيث يرأس منظمة محلية ويدير فندقاً. وقالت مصادر أمنية جزائرية ل «الحياة»، أمس، إن « الخطوات المقبلة معروفة ... سيطلبون على الأرجح فدية». وسيعني ذلك وضع مسعى الجزائر إلى تجريم دفع الفدية في حرج ويقطع الطريق أمام اعتماد مشروعها دولياً. وأفادت مراجع فرنسية أن المخطوف يرأس جمعية في منطقة الفوج (شرق فرنسا)، وأنه كان يزور مالي «بانتظام» حيث يعمل في زراعة نبتة تستخدم لعلاج الملاريا. وعلى إثر الإعلان عن الخطف، دعت وزارة الخارجية الفرنسية الفرنسيين المقيمين في شمال مالي وشرقها، إضافة إلى المناطق الحدودية القريبة، «إلى مغادرة المنطقة فوراً بسبب تصاعد جديد للخطر الإرهابي». وقالت الخارجية إن الدعوة إلى مغادرة المنطقة «والعودة من دون تأخير إلى العاصمة» المالية موجهة إلى الفرنسيين الموجودين في مناطق كيدال وغاو وتمبوكتو والذين يقدر عددهم بعشرة أشخاص، وأوضحت أنها لا تنصح بالتنقل «في المنطقة شمال الخط الذي يربط واتاغونا (الحدود النيجرية) بنارا (الحدود الموريتانية) مروراً بدوينتزا في وسط مالي»، وشددت على ضرورة «عدم التوجه إلى مالي انطلاقاً من الجزائر، وبالعكس إلى الجزائر انطلاقاً من مالي». وتطالب أجهزة أمنية غربية عديدة برأس «أبو زيد» الذي يوصف بزعيم «الجناح المتشدد» و «الرئة» الحقيقية في تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، وهو نفسه من تبنى قتل رهينة بريطاني في هذه المنطقة قبل ستة أشهر إثر رفض لندن مطالب التنظيم بإطلاق سراح متشددين إسلاميين ودفع فدية.