هددت قوى المعارضة الرئيسية في السودان بتصعيد حملتها إلى مقاطعة شاملة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة منتصف الشهر المقبل، بسبب تدهور الحريات السياسية والصحافية وتفاقم أعمال العنف في دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. ومنعت أجهزة الأمن ندوة لقوى المعارضة في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، كانت ضمن حملة «ارحل» لمقاطعة الانتخابات، واعتقلت الأمين العام ل «حزب الأمة» القومي سارة نقدالله والقيادي في «الحركة الاتحادية» محمد يعقوب شداد، إضافة إلى 34 من ناشطي المعارضة، قبل أن تفرج عن بعضهم لاحقاً. وقال الناطق باسم تحالف المعارضة أبو بكر يوسف أن الشرطة حاصرت دار هيئة شؤون الأنصار في مدينة الأبيض ومنعت الحشود من الوصول إليه، ما اضطر الحضور للتجمهر قبل أن تتدخل الشرطة لفضهم عبر قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات المطاط. وأكد يوسف ل «سودان تربيون» أن السلطات نفذت اعتقالات واسعة طاولت 34 من قيادات المعارضة في شمال كردفان، وآخرين من الخرطوم كانوا يعتزمون التحدث في الندوة، من بينهم سارة نقدالله ومحمد يعقوب شداد. وأكد التحالف المعارض في بيان أمس، عدم تخليه عن تحركه، وقال: «ظللنا ندعو إلى المقاطعة الفعالة للانتخابات، من خلال حملة (ارحل)، كتعبير مشروع عن موقفنا السياسي وبأدوات سلمية وديموقراطية». وأضاف أن «الدعوة وسط الجماهير لتجاوز الانتخابات تتعدى الحق الدستوري والقانوني إلى الواجب الوطني والقومي، ونحن لسنا على استعداد للتخلي عن الحق ولا عن الواجب». واعتبر التحالف ما حدث في مدينة الأبيض واعتقال العشرات من قادة قوى المعارضة وتفريق الجموع بالغاز واستخدام القوة المفرطة، حلقة جديدة من مسلسل قهر وعنف السلطة إزاء المدنيين العزل. في المقابل، قال رئيس مفوضية الانتخابات في السودان مختار الأصم أن المفوضية ستبرهن للعالم أن العملية المقرر أن تجرى في البلاد في نيسان (أبريل) المقبل، ستكون حرة ونزيهة وغير مزورة كما تروج لذلك بعض الجهات. وأردف خلال لقاء أمس مع رؤساء اللجان العليا للانتخابات في كل الولايات السودانية: «سنرد عملياً بانتخابات حرة ونزيهة على الذين يحاولون بث الروح الانهزامية بفبركة الفديوات عن تزوير الانتخابات». وتابع أن «المحاولات الأخيرة لتقديم فيديو يشير إلى التزوير، تبرهن قدرة المفوضية على إدارة انتخابات حرة ونزيهة وشفافة أمام الجميع». وأعلنت السلطات الأمنية الأسبوع الماضي إحباط مخطط للترويج لمقاطع فيديو مفبركة استباقية تظهر عمليات تزوير في الانتخابات، تم تصويرها لتبث بالتزامن مع عمليات الاقتراع والفرز منتصف الشهر المقبل. وفي شأن آخر، أعلنت بريطانيا أن أوضاع حقوق الإنسان في السودان «لم يطرأ عليها أي تحسن»، بل «شهدت تدهوراً خلال العام الماضي، نتيجة الانتهاكات المستمرة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وغياب الحريات الشخصية وتكرار مصادرة الصحف واستمرار اعتقال أفراد المعارضة والصحافيين إلى جانب تراجع الحريات الدينية وإغلاق الكنائس». وقال السفير البريطاني في الخرطوم بيتر تيبر، في تعليقه على التقرير الذي أعدته حكومته حول أوضاع حقوق الإنسان في السودان لعام 2014، باعتباره من الدول المثيرة للقلق: «لا نزال قلقين جداً إزاء حقوق الإنسان في السودان». وأضاف تيبر: «كما أوضح التقرير، فإننا لم نشهد أي تحسن، بل تدهور الوضع في بعض المجالات»، وزاد: «من المقلق بصورة خاصة الانتهاكات وتدهور الوضع الإنساني في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق نتيجة الصراعات المستمرة في المنطقة». وقال السفير البريطاني: «لم تقتصر الانتهاكات على مناطق النزاع فقط، بل كانت هناك قيود واضحة للحقوق المدنية والسياسية في البلاد، وهو ما يتعارض مع الالتزام الواضح باحترام حقوق الإنسان المبين في دستور السودان الانتقالي». وأضاف أن «الحكومة السودانية هي المرتكب الأساسي لانتهاكات حقوق الإنسان». ورأى أن عدم رغبة السلطات في الإصلاح يشكل العقبة الرئيسية لمعالجة المسائل المثيرة للقلق.