شن انتحاريان من جماعة «الأحرار» المنشقة عن «طالبان باكستان» هجومين بالمتفجرات على كنيستين متجاورتين في مدينة لاهور مركز إقليم البنجاب، ما أودى بحياة 17 شخصاً بينهم شرطيان كانا يحرسان الكنيستين. كما أصيب أكثر من 70 شخصاً بجروح أعلنت الشرطة أن حال ثلاثين منهم خطرة للغاية، ما قد يزيد عدد الوفيات في الساعات المقبلة. وأدى الهجومان إلى حال من الذعر والفوضى وسط جموع ممن كانوا في الكنيستين والحي المسيحي في مدينة لاهور. وسارع أكثر من أربعة آلاف من مسيحيي لاهور إلى التظاهر في الشوارع وإغلاقها أمام حركة السير، كما قام عدد منهم بتحطيم زجاج السيارات، مطالبين الحكومة بحماية أبناء الأقلية المسيحية في باكستان، خصوصاً أن كنيسة في مدينة بيشاور تعرضت لهجوم عنيف في عام 2013 أدى إلى مقتل 82 من روادها. كما تظاهر المئات من أبناء الأقلية المسيحية في مدن كراتشي وراولبندي وملتان وكويتا، احتجاجاً على استهداف الكنيستين في لاهور. وطالب بابا الفاتيكان بتوفير الحماية الكافية للمسيحيين في باكستان الذين قال أنهم يتعرضون لقتل عشوائي من دون حماية توفرها السلطات المحلية. وتشكل الأقلية المسيحية نسبة 2 في المئة من سكان باكستان البالغ تعدادهم 195 مليون نسمة، ويتوزع أبناؤها في أحياء خاصة بهم في المدن الباكستانية الكبرى. ويعتبر الهجوم على الكنيستين في لاهور من أكبر أعمال العنف التي مارستها الجماعات المسلحة سواء ضد الأقلية المسيحية في باكستان أو في إقليم البنجاب منذ فترة طويلة، إذ شهد الإقليم هدوءاً نسبياً مقارنة بإقليمي خيبر (بيشاور) وبلوشستان (غرب). ويأتي ذلك بعد جدل في وسائل الإعلام الباكستانية عن اتصالات بين رئيس حكومة إقليم البنجاب شهباز شريف والجماعات المسلحة، عارضا فيها تقديم مبلغ مادي لهذه الجماعات مقابل عدم استهداف الإقليم بأي من عملياتها المسلحة، وهو ما نفاه شهباز شريف. وأعلنت جماعة «الأحرار» المنشقة عن «طالبان - باكستان» مسؤوليتها عن الهجوم على الكنيستين، من دون أن تقدم تبريراً لاستهداف الأقلية المسيحية في باكستان. وكانت الجماعة تبنت هجوماً قوياً قبل أشهر عدة على معبر واجا الفاصل بين الهندوباكستان قرب مدينة لاهور، راح ضحيته العشرات من رجال الشرطة والأمن الباكستانيين. وتوعدت الجماعة بمزيد من الهجمات ضد الأقلية المسيحية في باكستان والمصالح الحكومية، مع استمرار الجيش الباكستاني في عملياته في مناطق القبائل الباكستانية معقل التنظيمات المتشددة. لكن الغريب في توقيت الهجوم ومكانه، كونه جاء في مدينة لاهور التي اعتبرت إلى زمن طويل من أكثر المدن الباكستانية استقراراً، كما أنه أتى قبل يوم من بدء الحكومة برنامج إعادة النازحين من وزيرستان إلى منازلهم، وهو ما يعني محاولة من جماعة «الأحرار» لاستدراج الجيش من جديد إلى معارك في شمال وزيرستان والمناطق القبلية الأخرى. كما أن استهداف الأقلية المسيحية في باكستان قد يضع ضغوطاً على علاقات الجيش المتنامية مع أميركا ويحرج حكومة رئيس الوزراء نواز شريف الذي يحاول الاستفادة من علاقاته الأوروبية لتحسين أوضاع بلاده الاقتصادية. وكانت جماعة «الأحرار» أعلنت سابقاً ولاءها لتنظيم «داعش»، وهو ما أدى إلى انتقادها من جانب بقية الجماعات المسلحة الباكستانية التي أعلنت وقوفها إلى جانب «طالبان» الأفغانية واعتبار زعيم الحركة الملا محمد عمر مرجعيتها الوحيدة.