تفاعلت قضية اقتحام «طالبان البنجاب» مقراً تابعاً لقيادة الجيش في راولبندي، في ظل جدل حول سلامة المقار الحساسة في باكستان، خصوصاً الترسانة الذرية. وعلى رغم اعراب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن ثقتها بأن السلاح النووي الباكستاني، ما زال تحت سيطرة إسلام آباد، فانها اعتبرت الهجوم دليلاً على ان «طالبان» تشكل خطراً «متزايداً» على باكستان. وفي وقت نجحت القوات الخاصة الباكستانية في القضاء على المسلحين وإنقاذ 39 عسكرياً اتخذوا رهائن داخل المقر الخاص لقيادة الأمن العسكري (استخبارات الجيش)، ظهرت توقعات في الأوساط السياسية الباكستانية بضغوط اميركية على باكستان ل»تطهير الجيش من الأصوليين»، في ظل تلميحات الى ان اقتحام المقر لم يكن ممكناً من دون «تواطؤ داخلي». وما زاد في خطورة الحادث، ان منفذيه لم يأتوا من منطقة القبائل (غرب) بل من اقليم البنجاب (شرق) المحاذي للحدود مع الهند، وينتمون الى «جماعة أمجد فاروقي» التي يطلق عليها اسم «طالبان البنجاب» وهي اكثر قرباً الى «القاعدة» من «طالبان باكستان» التي تنشط في الحزام القبلي المحاذي للاراضي الأفغانية. وأفادت معلومات ان المجموعة المسلحة المؤلفة من 10 عناصر (قتل تسعة منهم في مواجهات مع الجنود واعتقل العاشر بعد اصابته) تمكنت من استئجار منزل في مبنى مقابل لمقر قيادة الجيش منذ أكثر من شهرين، ولم تنتبه الأجهزة اليهم على رغم تسلم قيادة الجيش في راولبندي تحذيراً من شرطة البنجاب في 15 تموز (يوليو) الماضي، تضمن معلومات عن نية الجماعة المذكورة مهاجمة مقر القيادة العسكرية الباكستانية. وعثرت اجهزة الأمن في المنزل الذي استخدمه المسلحون، على ملابس عسكرية للجيش الباكستاني وخرائط لأماكن حساسة ومواقع عسكرية مهمة وصواعق تفجير، ما عزز المخاوف من إمكان استهداف أماكن امنية حساسة أخرى. واستدعى ذلك اتخاذ احتياطات أمنية مشددة خصوصاً في محيط القصر الرئاسي والبرلمان ورئاسة الوزراء، فيما انتشرت في شوارع العاصمة إسلام أباد وراولبندي القريبة، حواجز أمنية عدة للتدقيق في الهويات وتفتيش الباصات والشاحنات والسيارات. ووضعت الوحدات الخاصة حداً لعملية احتجاز الرهائن داخل مقر الأمن العسكري طيلة 16 ساعة، اذ اقدمت فجر امس، على اقتحام المقر حيث اشتبكت مع 5 مسلحين داخله، وقتلت 4 منهم وألقت القبض على الخامس بعد اصابته بجروح، كما اعلن الناطق باسم الجيش الجنرال اطهر عباس. وأفرجت الوحدات الخاصة عن 39 رهينة على دفعتين، فيما قتل ثلاثة رهائن وجنديان. وأشار الجنرال عباس الى ان الأجهزة تحقق في احتمال تورط المهاجم الناجي الذي عرف باسم «عقيل» او «الدكتور عثمان» بهجوم استهدف فريق الكريكيت السريلانكي في لاهور في آذار (مارس) الماضي. ودارت على الأثر معارك عنيفة استمرت ساعة قتل خلالها ستة عسكريين احدهم برتبة جنرال وآخر كولونيل. كما قتل خمسة مهاجمين فيما تمكن الخمسة الآخرون من دخول مقر قيادة الاستخبارات واحتجاز رهائن. وخلافاً لما تعود عليه الانتحاريون، لم يكن الباص الذي استقلوه مفخخاً. وتوقعت اوساط باكستانية تزايد الضغوط الأميركية على حكومة الرئيس آصف زرداري ل»غربلة» العديد من قيادات الجيش، وطرد من له صلات بجماعات اصولية، شرطاً لإقرار خطة المساعدات الأميركية المعروفة باسم مشروع «كيري لوغار». وسلط هجوم راولبندي الضوء على جماعات مسلحة جنوبإقليم البنجاب وعلى تماس مع كل من أقاليم بلوشستان والسند وسرحد (بيشاور)، وانتشار المدارس الدينية ومؤيدي «طالبان» و»القاعدة» في تلك المنطقة، إضافة إلى تهريب كميات كبيرة من السلاح من وزيرستان وبلوشستان الى مناطق ديرة غازي خان ومظفر غار وغيرها من البلدات والمدن.