على وقع التأجيل المتكرر لجلسات انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، لم يتوقف المشهد الرئاسي أمس عند الجلسة العشرين في مسار الشغور الرئاسي في قصر بعبدا الذي بلغ ال 91 يوماً بعد المئتين، فانضمت الى مصير سابقاتها، لترحل الى الثاني من نيسان (أبريل) المقبل حاملة الرقم 21 في سجل جلسات الانتخاب الفاقدة للنصاب. وفيما بدا ان الفراغ الرئاسي اضحى واقعاً مرشحاً للتمديد جلسة بعد اخرى في غياب التوافق الداخلي والانكفاء الخارجي، فإن مشهد الجلسة أمس لم يختلف عما سبق، باستثناء ما رافقها من تخفيف للاجراءات الامنية في محيط ساحة النجمة التي كانت تطاول المواطنين الذين كانوا يقصدون وسط بيروت. وحضر 54 نائباً الى مبنى البرلمان من دون ان يكتمل النصاب الذي يتطلب حضور ثلثي عدد اعضاء المجلس (86 نائباً)، فأرجأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة الى الخميس 2 نيسان، وليس الاربعاء الاول من نيسان، ما انعكس ارتياحاً لدى بعض النواب، لعدم تحديد الجلسة في الاول من نيسان كي لا تقترن بكذبة أول نيسان، اذ جرت العادة ان تؤجل الجلسات الى الاربعاء، وليس الخميس، لكن شاءت الصدف هذه المرة ان يكون يوم الاربعاء هو الاول من نيسان، فاستعيض عنه باليوم الذي يليه، لئلا تتحول جلسة الانتخاب الى كذبة على ما قال نواب ل «الحياة». وفي انتظار 2 نيسان فإن تداعيات الشغور الرئاسي ستلقي بظلالها على العمل التشريعي، مع دخول المجلس النيابي في عقده العادي بدءاً من اول ثلثاء يلي 15 آذار (مارس)، ورفض عدد من القوى المسيحية التشريع في ظل الشغور على اساس ان المجلس هيئة ناخبة، وليس هيئة تشريعية. الحوار لن تعرقله بعض الافلام والاقلام وفور الإعلان عن تأجيل الجلسة توجه عدد من النواب ككل اربعاء للقاء الرئيس بري الذي أبدى استغرابه «لمحاولات النيل من الحوار الجاري بين تيار المستقبل وحزب الله، والذي نجمت عنه فوائد عديدة لمصلحة هذا البلد في هذه الفترة الكالحة، وذلك بمحاولة تشويه متعمدة وغير صادقة للقاء الذي جمعه مع الرئيس سعد الحريري في عين التينة». ونقلوا عنه قوله ان «الرئيس الحريري لم يضع اوراقاً، ولا الرئيس بري مخزن اوراق. ولتتقِ بعض وسائل الاعلام والاقلام الله في هذا البلد. وعلى كل، الحوار مستمر ولن تنفع بعرقلته بعض الافلام». وقصد بري بذلك ما نشر عن أن الحريري أبلغه رغبته بتولي رئاسة الحكومة. وعن الجلسة التشريعية، نقل النواب عنه انه سيدعو «بعد 17 الجاري، وهو موعد بدء العقد العادي، هيئة مكتب المجلس الى اجتماع، لوضع جدول اعمال هذه الجلسة المرتقبة التي يتوقع عقدها في نهاية هذا الشهر او بداية الشهر المقبل». ومع كل تأجيل، يتكرر مشهد الظهور النيابي، كما كل جلسة. ولفت وزير الاتصالات النائب بطرس حرب من ساحة النجمة الى ان «النظام السياسي في لبنان يتداعى، واذا استمررنا على ما نحن عليه، سيسقط النظام اللبناني، ولا يمكن الاستمرار من دون رئيس، ويجب اقناع من يعطل الجلسات ان التعطيل يؤدي الى انهيار الدولة، ونحن اليوم نرفع الصوت ونقول لا يمكن ان نستمر هكذا لأن الجلسات تحولت مهزلة لأننا نعلم مسبقاً انه لن يكون هناك نصاب في الجلسة». واعتبر حرب ان «من ينتخب رئيس لبنان هم نواب لبنان، ومن حق العماد ميشال عون ان يترشح لرئاسة الجمهورية، ولكن من حق النواب انتخاب الرئيس، ولا يجوز ان تبقى الرئاسة مجمدة في البراد وانتظار مواقف عون وحزب الله». وحذر حرب من ان «الخطر يزيد على لبنان ولا يمكن مواجهة ما يجري في المنطقة ورأس الدولة مقطوع وإن بقي الوضع على ما هو عليه سنطلب من الرأي العام أن يتحرك». وطالبه ب «التحول الى قوى ضاغطة على النواب للحضور الى الجلسات وانتخاب الرئيس». اما عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني فقال في حضور النائب باسم الشاب، باسم كتلة و»تيار المستقبل»: «مع الاسف والألم لم نستطع ان ننتخب رئيساً نتيجة غياب مجموعة من زملائنا الذين يعطلون النصاب، وهذه الممارسة خاطئة لأنها تخالف الدستور وتمنع انتظام عمل المؤسسات الدستورية كلها، وممارسة خطرة لأنها ترفض الدستور وترفض مبدأ الديموقراطية، خصوصاً الديموقراطية التوافقية إذ إن الزملاء الذين يغيبون يتكلمون عنها صبح مساء ومنذ سنوات وهم انفسهم يعطلونها لمصلحة فرض رأيهم على الآخرين». وحذر من ان «هذه الممارسة الخطيرة تهدد التوزيع الطائفي للرئاسات الثلاث وانطلاقاً من هنا نحن اليوم اردنا رفع الصوت والتحذير من ان هذه الممارسة سيكون لها تداعيات سلبية كبيرة اذا استمرت على لبنان واللبنانيين». سننتظر كثيراً وأشار النائب مروان حمادة الى ان «لبننة الاستحقاق الرئاسي هي ضرورة وعندما رشحنا هنري حلو للرئاسة كان ذلك تعبيراً اننا نريد رئيساً لبنانياً توافقياً مئة في المئة». وأكد ان «لا علاقة للاتفاق النووي الايراني الاميركي بالانتخابات الرئاسية، واذا اردنا أن ننتظر هذا الاتفاق ليحصل سننتظر كثيراً لأنني أرى ان لا اتفاق قريباً». ولفت حمادة الى «اننا سندرس موضوع الهيئة العامة ووجوب اجتماعها، وانا سأدعى من قبل الرئيس بري الى المشاركة في وضع جدول اعمال واذا كان هذا الجدول يخدم اللبنانيين فعلى كل الكتل ان تتجاوب». وفي موقف له من ساحة النجمة توجه عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت الى «حزب الله» ورئيس «تكتل التغيير والاصلاح» ميشال عون وقوى 8 آذار جمعاء سائلاً اياهم: «ما هو موقفكم من التصريح الخطير الذي ادلى به مستشار الرئيس الايراني، علي يونسي حول الامبراطوية الفارسية؟»، مضيفاً: «انطلاقاً من المصلحة الوطنية، المطلوب توضيح صريح من المشروع الفارسي الذي من المفترض ان يضم لبنان وسورية وبلداناً كثيرة، وسكوتكم يعني انكم تضحون بالسيادة اللبنانية».