ضم معرض الفنانة أوليفيا بيشوب الذي أقيم في قاعة «آرت اللوا» في القاهرة مزيجاً من الرسم والحكي. تحت عنون «إرث» عرضت بيشوب مجموعة من الرسوم الصغيرة بالقلم الرصاص تضم مجموعة من العناصر المختلفة: عملات ورقية، زجاجة عطر، قلادة ذهبية وأشياء أخرى. لم تدمج الفنانة عناصرها المرسومة تلك بعضها ببعض، بل إن كل مفردة مرسومة على ورقة بيضاء ناصعة وداخل إطار زجاجي. وكل هذا الأشياء هي مقتنيات لأشخاص من سكان المنطقة الشعبية المحيطة بقاعة العرض والتي أقامت فيها بيشوب لبعض الوقت. ووراء كل صورة من الصور المعروضة حكاية ما يرويها أصحابها عبر مقطع صوتي مصاحب للعرض. وسوف تدرك من خلال الحكايات المروية بالصوت مدى ارتباط أصحاب هذه المقتنيات بها، إذ تمثل العناصر إرثاً شخصياً يربط كل فرد معني بماضيه وذكرياته على نحو ما. هذا الإرث هو ما انصب عليه اهتمام أوليفيا بيشوب، المهتمة على نحو خاص بفكرة السفر والميراث والقيام بأعمال فنية باستخدام القصص الشخصية والأشياء المادية. في هذه المقاطع الصوتية المصاحبة للعرض يروي كل شخص حكايته الخاصة مع واحد من الأشياء المعروضة وسبب احتفاظه بها، فصاحب العملات الورقية على سبيل المثال حصل عليها من مدرّسيه وهو صغير تشجيعاً له. تذكره العملات بسنوات الطفولة وبالسعادة التي شعر بها حين حصل عليها، وهو يتذكر حتى أسماء مدرسيه وملامحهم، ويتمنى أن يُرِي تلك العملات الورقية لأبنائه في المستقبل ويحكي لهم عن سبب وجودها معه، لأن هذه الأوراق النقدية الصغيرة ذات القيمة الضئيلة تمثل له فخراً حقيقياً. أما اللوحة الصغيرة المرسومة بالأبيض والأسود فهي أول هدية تلقاها ذلك الشاب وهو في مقتبل العمر، أهداه إياها فنان إسباني (آرنو) قبل ست سنوات تقريباً. ويحلم الشاب بأن يلتحق يوماً ما بكلية الفنون. حينها قد يرسم لوحة ويهديها إلى «آرنو» الذي كانت هديته تعني له الكثير، وكانت حافزاً له لدراسة الفن. أما هذا التمثال النحاسي الصغير لبائع العرقسوس فهو من مقتنيات والدة أحدهم. وهو يتذكرها بعد رحيلها كلما نظر إلى التمثال حتى أنه أصبح يحب الأشياء المصنوعة من النحاس، على رغم أنه لم يكن يقدر هذه الأشياء بالمقدار الذي كانت تفعله أمه الراحلة، أما اليوم فهو يعتني بمقتنياتها الخاصة التي جمعتها والمصنوع معظمها من معدن النحاس، فهي تشعره دائماً بنوع من الحنين إلى الماضي. أوليفيا بيشوب فنانة بريطانية تستكشف فكرة السفر والميراث اعتماداً على القصص الشخصية والأشياء التي حملها جدها من مصر حيث عاش فترة خدمته في الجيش البريطاني، وحيث التقى أيضاً جدتها وتزوجا عام 1942 . جاءت بيشوب إلى القاهرة من أجل الإقامة الفنية في مساحة «آرت اللوا» في 2014، وخلال هذه الفترة عملت على إنجاز فيلم قصير يوثق رحلتها على الطريق ما بين سيناء ومدينة السويس حيث عاش أجدادها. ويتكون الفيلم من لقطات معاصرة من إنتاجها تتخللها لقطات أخذها جدها في مصر في أربعينات القرن الماضي. تعمل أوليفيا بيشوب عبر مجموعة واسعة من وسائل الفنون، بما في ذلك الرسم والطباعة والرسوم المتحركة والأفلام، وتدربت في كلية «سانت مارتنز» المركزية في جامعة لندن، وكذلك في «إيل بوليتكنيكو» في ميلانو ومعهد التعليم في لندن. وقد عرضت أعمالها في معارض فردية وجماعية في لندن وبرلين وأمستردام وميلانو. وهي تعمل حالياً بتطوع مدربة فنية مع مؤسسة «أنقذوا الأطفال» في أرض اللوا في الجيزة.