أفرجت «جبهة النصرة» في الساعات الماضية عن 24 من مقاتلي حركة «حزم» ومدنيين مؤيدين لها في مقابل قيادي و5 من عناصرها، وفق ما أورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، فيما اعتبر تقرير لوكالة «فرانس برس» أن تفكك حركة «حزم» - بعد هزيمتها عسكرياً على أيدي مقاتلي «النصرة» - يشكّل «صفعة» لجهود الولاياتالمتحدة في بناء فصيل مقاتل معتدل يواجه تنظيم «الدولة الإسلامية». وذكر «المرصد» أمس «أن جبهة النصرة أفرجت عن 24 من مقاتلي حركة حزم ومواطنين مدنيين لحركة حزم مقابل إفراج الأخيرة عن 6 عناصر على الأقل من جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) بينهم قيادي في النصرة من جنسية عربية». وأوضح أن عمليات الإفراج عن المعتقلين جاءت «عقب مقتل نحو 100 مقاتل من الطرفين 60 منهم من حركة حزم والبقية من جبهة النصرة خلال سيطرة النصرة على مقرات حركة حزم في الفوج 46 قرب الأتارب ومنطقة المشتل وكفرنوران وميزناز وريف المهندسين الثاني في ريف حلب الغربي قبل أيام». وكان مقاتلو حركة «حزم» في بلدة الأتارب بريف حلب الغربي انضموا إلى حركة «نور الدين الزنكي» و «لواء الأنصار» بعدما حلت الحركة نفسها أول من أمس. ومنذ الإعلان عن تأسيسها في كانون الثاني (يناير) 2014، كان ينظر إلى حركة «حزم» على أنها حجر الزاوية في برنامج واشنطن لتدريب وتجهيز آلاف المقاتلين للتصدي للتنظيم المتطرف (داعش) داخل سورية. وتعرضت حركة «حزم» لهزيمة واسعة في نهاية الأسبوع الماضي على أيدي جبهة النصرة التي هاجمت مقر الفوج 46، وهو قاعدة عسكرية أساسية للحركة، في ريف حلب وطردتها منه ومن مناطق أخرى مجاورة. ووفق تعليق موجز لمجموعة «صوفان» الاستشارية المتخصصة في متابعة الحركات الجهادية يعني «انهيار حزم غياب مجموعة معارضة كبيرة معتدلة وذات مصداقية مدعومة من الغرب في معظم أنحاء سورية». وكانت الحركة التي نشطت في شكل أساسي في محافظتي إدلب وحلب في شمال سوريا، جذبت إلى صفوفها آلاف المقاتلين. وتجلى الدعم الأميركي لها من خلال إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال العام الماضي أن بلاده تنوي دعمها بالسلاح والتدريب. وضمت الحركة عند انطلاقتها مقاتلين كانوا يحاربون في عشرات المجموعات التابعة للجيش السوري الحر، أبرز قوة عسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في السنتين الأوليين للنزاع. وكانت «حزم» الفصيل المعارض الأول الذي تلقى في نيسان (ابريل) الماضي صواريخ «تاو» الأميركية الصنع المضادة للدبابات. وتعرضت «حزم» خلال الأشهر الأخيرة لضغوط متزايدة من «جبهة النصرة» التي طردت مقاتلي الحركة من مناطق عدة، بعدما كانت شنت حملة مماثلة على مجموعة أخرى من المعارضة المسلحة المعتدلة هي «جبهة ثوار سورية» التي طردتها من ريف إدلب في تشرين الثاني (نوفمبر). وبدا واضحاً أن الحملة التي قادتها «النصرة» تهدف إلى إنهاء وجود الحركة، بدليل العنف الذي اتسمت به والبيانات المتتالية التي أعلنت بوضوح النية في القضاء عليها، على الرغم من بيانات الدعم التي صدرت عن أهالي المنطقة (الأتارب مثلاً) دعماً لحزم. وقال لؤي المقداد، رئيس مركز «مسارات» المهتم بالشأن السوري والمجموعات المقاتلة والمتحدث السابق باسم الجيش السوري الحر لوكالة «فرانس برس» إن «النصرة قصفت مقر الفوج 46 بالمدفعية الثقيلة بشكل متواصل على مدى أربع إلى خمس ساعات». وأشار إلى مقتل 73 من مقاتلي حزم في ليلة واحدة. وأفاد «المرصد السوري» أن مقاتلي «النصرة» اجتاحوا مقر الفوج وصادروا نحو ثمانين صاروخ «تاو». وأظهرت لقطات على مواقع التواصل الاجتماعي هؤلاء وهم يفاخرون برفع أسلحتهم الجديدة. وفي اليوم التالي، تم تناقل بيان على مواقع التواصل الاجتماعي يعلن أن الحركة حلت نفسها من دون أن يتسنى ل «فرانس برس» التحقق من صحته. لكنّ مقاتلين في الحركة أعلنوا لاحقاً انضمامهم إلى صفوف «الجبهة الشامية» (تحالف واسع لفصائل إسلامية في محافظة حلب) ولواء الأنصار وحركة نور الدين زنكي. واعتبرت مجموعة «صوفان» أن «انهيار حركة حزم المدعومة من الغرب وحل نفسها... يشكلان نهاية مأسوية لمجموعة كانت، إلى حد ما وبشكل علني، مجهزة ومدربة من جهات غربية». وقللت واشنطن من أهمية الحادث. وقال مصدر عسكري أميركي ل «فرانس برس» إن حل حزم بمثابة تذكير بأن «سورية هي أرض معركة سائبة». وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة ركزت جهودها على المقاتلين المعتدلين. ومن المقرر أن تدرب نحو خمسة آلاف مقاتل سوري هذا العام ونحو 15 ألف مقاتل في غضون ثلاث سنوات. ولفت المصدر الأميركي إلى أن الولاياتالمتحدة تدرك تماماً أن «هناك خسائر في السلاح والأفراد»، مشيراً إلى أن مقاتلي «حزم» السابقين سينضمون إلى برنامج التدريب المقرر أن يبدأ خلال أربعة إلى ستة أسابيع في تركيا. وقال الباحث في الشؤون الدفاعية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى جيفري وايت إن ما جرى بمثابة «جرس إنذار لكل الجهات». وأضاف «طرفا البرنامج قلقان من تفكك حزم وقيام النصرة بنهب أسلحتها». ورأى أن هذا «يدل على أن دعم الولاياتالمتحدة لأي من المجموعات الكبرى ينطوي على مخاطر» تتمثل في وصول السلاح إلى أيدي الجهاديين. كما أن المقاتلين أنفسهم بعد التطورات الأخيرة، سيكونون أكثر حذراً لدى اندماجهم في برنامج مدعوم من الولاياتالمتحدة. ورأى وايت أن «حالة جبهة ثوار سورية وحزم ستكون ماثلة في أذهان الأشخاص الذين سينضمون إلى البرنامج وسيتساءلون: هل يريد الأميركيون دعمنا أم أنهم سيعرضوننا للقصاص داخل سورية؟».