أثار خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، أمام الكونغرس الأميركي أمس (الثلثاء) حول القضايا الأمنية التي تواجه إسرائيل، الخلافات بين المعسكر الصهيوني وأحزاب المركز واليسار من جهة، واليمين واليمين المتطرف من جهة أخرى، لتتهم كل جهة الأخرى في حرصها على أمن إسرائيل. واعتبر رئيس المعسكر الصهيوني إسحاق هرتسوغ أن الخطاب غير مؤثر على موقف الإدارة الأميركية من الاتفاق المتبلور مع إيران بل يعمق الشقاق بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، الأمر الذي سيدفع ثمنه الإسرائيليون. وقال هرتسوغ "لنعترف بالحقيقة، الخطاب الذي استمعنا إليه، مهما كان مثيراً، لم يوقف المشروع النووي الإيراني، ولم يؤثر على الاتفاق المتبلور. الحقيقة المؤلمة هي أنه من وراء التصفيق، بقي نتانياهو وحيداً وبقيت إسرائيل معزولة. هذا الخطاب يشكل تخريباً بالغاً للعلاقات الإسرائيلية – الأميركية". ووصفت زعيمة "ميرتس" زهافا غلؤون خطاب نتانياهو ب "خطاب التخويف والأكاذيب"، وقالت إن "الخطاب الذي أثار حال تخويف يعكس اليأس وانعدام الأمل". وردّ مسؤولون في حزب "ليكود" على حديث هرتسوغ بالقول إنه دليل جديد على أن أمن إسرائيل بات أقل أهمية بالنسبة للمعسكر الصهيوني وأحزاب المركز واليسار، بسبب اعتبارات سياسية وشخصية. واعتبروا مضمون تصريح هرتسوغ دعاية انتخابية لجمع الأصوات. أما رئيس البيت اليهودي نفتالي بينت، الذي يتواجد مع نتانياهو في واشنطن، فاعتبر الهجوم على الخطاب بمثابة إطلاق السهام على ظهر رئيس الحكومة في لحظة مصيرية. صحيفة "هارتس" ردت في افتتاحيتها على تبادل الاتهامات تحت عنوان "التهديد الوجودي الحقيقي"، وانتقدت الطرفين لانجرار قادتهما إلى نقاش وصلت ذروته تجاهل المتنافسين في الحملة الانتخابية الحالية للتهديد الوجودي الحقيقي الذي يواجه إسرائيل وقدرتها على الوجود كدولة يهودية وديموقراطية. وأكدت الصحيفة أن الخطر الحقيقي الذي يواجه إسرائيل هو احتلالها الذي لا ينتهي للأراضي الفلسطينية، وكتبت أن "إصرار إسرائيل على مواصلة السيطرة على ملايين الفلسطينيين المحرومين من الحقوق في الضفة الغربية، وتوسيع الاستيطان ومواصلة محاصرة سكان غزة هو التهديد الحقيقي لمستقبل إسرائيل التي تستعبد موارد الفلسطينيين الوطنية للحفاظ على النظام المزدوج. ديموقراطية لليهود وفصل عنصري للفلسطينيين. الوهم الذي يحاول تصوير الاحتلال وكأنه مريحاً وهادئاً وأن معظم الإسرائيليين معزولين عنه، مصيره الانفجار. في السنوات الأخيرة التي ساد فيها الهدوء النسبي في الضفة الغربية شنت إسرائيل الحرب ثلاث مرات على غزة، وأسفر عن قتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، فقط في سبيل الحفاظ على الوضع الراهن. هذه العمليات الدورية، ووقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، فرضت وصمة عار أخلاقية على الجيش الإسرائيلي وعلى السياسيين الذين أرسلوه إلى غزة للقيام بعمل الدوريات في رام الله ونابلس والخليل". وأضافت "الدعوة إلى فرض المقاطعة على إسرائيل والاعتراف بفلسطين، من دون اتفاق، انتقلت من الهامش السياسي إلى مركز المنابر الغربية، وبدل من أن يتخلى الفلسطينيون عن طموحاتهم القومية تضطر إسرائيل إلى مواجهة الادعاءات بأن الصهيونية تتناقض مع الديموقراطية". وترى الصحيفة أن "الرد على خطاب نتانياهو أظهر أن المعركة الانتخابية الحالية تدور كما لو أنها حفلة ساخرة. الأحزاب تتجاهل الاحتلال ومخاطره وتختار وضع أقنعة: إيران، ثمن الشقق السكنية، الخلافات الشخصية. لا أحد يتجرأ على التعامل مع الصراع مع الفلسطينيين، وثمنه الباهظ والحاجة إلى إنهائه، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الذي أهدر الفرص والاهتمام الكبير الذي حظي به في الكونغرس، ولم يذكر بالخطر الحقيقي الذي يهدد إسرائيل".