تبارى نواب اليمين الإسرائيلي في إغداق المديح لرئيس الحكومة بنيامين نتانياهو على خطابه مساء أول من أمس أمام الكونغرس الأميركي، فيما اتفقت تعليقات الصحف العبرية، المؤيدة والمعارضة على السواء، على توصيف الخطاب ب «الرائع» وب «أفضل عرض (مسرحية) في المدينة»، والإشادة بقدرات نتانياهو الخطابية، «وهو أفضل خطاب يلقيه رئيس حكومة أمام الكونغرس ألأميركي» أو «الكونغرس الصهيوني» بحسب المعلق ناحوم برنياع في «يديعوت أحرونوت». كما أشارت إلى أن المواقف السياسية التي تضمنها الخطاب مقبولة لدى غالبية الإسرائيليين وعززت شعبية نتانياهو، إلا أنها لن تساهم في استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بل تقضي نهائياً على الفرص الضئيلة أصلاً لاستئنافها. ونقلت الإذاعة العسكرية عن أوساط نتانياهو ارتياحه العميق لنتائج زيارته للولايات المتحدة وقوله إنه شعر بشعور عظيم من التأييد الكبير الذي لقيه في الكونغرس «وهو تأييد يعزز الدعائم التي قامت عليها دولة إسرائيل. وعندما تكون الدعائم مغروزة عميقاً في الأرض فإن الخيمة لن تقع». ولفتت أوساط نتانياهو تحديداً إلى التصفيق الحار والمتواصل الذي استقبل به أعضاء الكونغرس دعوة نتانياهو رئيس السلطة الفلسطينية إلى الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية. وقالت إن نتانياهو يأمل بأن يساهم تأييد الكونغرس هذا في إقناع أوروبا بتبني موقف مماثل. ورأى سكرتير الحكومة تسفي هاز أن رئيس الحكومة أوضح في خطابه أن الكرة الآن في الملعب الفلسطيني «وأنه في حال قبل عباس مبدأ الدولة اليهودية «ستُحَل 90 في المئة من المشاكل». وتابع أن سائر المشاكل تتعلق بتفاصيل يمكن التغلب عليها «لكن كما يبدو لنا فإنه لا يوجد أي مؤشر إلى استعداد فلسطيني للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية». وقال نائب رئيس الحكومة موشيه يعالون إن إسرائيل لا تعاني عزلة دولية لا في الولاياتالمتحدة ولا في أوروبا، «على رغم مواصلة الفلسطينيين زرع أكاذيبهم في عدد من الدول». وأضاف أن الولاياتالمتحدة تفضل دولة إسرائيل قوية لا مستضعفة. أما القطب البارز في حزب «ليكود» الحاكم الوزير المتشدد يغآل اردان فقال إن العالم بات يدرك بصورة أفضل من ذي قبل حقيقة الموقف الإسرائيلي في أعقاب خطاب نتانياهو. وأضاف «على رغم استعداد إسرائيل للتنازل عن بعض المستوطنات فإن هناك مواقع ذات أهمية قومية لن يتم التخلي عنها». كما سارع نواب المعسكر المتشدد في «ليكود» إلى تهنئة نتانياهو على خطابه «الذي جعل كل الإسرائيليين فخورين برئيس حكومتهم». ودعا رئيس مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية داني ديان إلى استغلال التأييد الكبير للكونغرس الأميركي لمواقف إسرائيل «وإحلال السيادة الإسرائيلية على كل المستوطنات الإسرائيلية في يهودا والسامرة». وكرر قادة المستوطنين رفضهم الانسحاب الإسرائيلي من أي مستوطنة، بعد أن لمح نتانياهو إلى أن الحل الدائم سيشمل إبقاء مستوطنات خارج إسرائيل. واعتبر رئيس مجلس حزب «كديما» المعارض الوزير السابق حاييم رامون أن خطاب نتانياهو أمام الكونغرس «لم يقلل من الخطر الذي يتهدد إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية»، معتبراً رفض نتانياهو الصيغة التي طرحها الرئيس باراك أوباما في شأن إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967 «ينال من فرص حصول إسرائيل على الشرعية من المجتمع الدولي». قدرات خطابية الى ذلك، نوّه كبار المعلقين الإسرائيليين بالترحاب الكبير الذي لقيه نتانياهو في الكونغرس «والذي لم يعرف مثله أي من رؤساء الحكومة السابقين». وعزوا ذلك إلى إتقان نتانياهو اللغة الإنكليزية واللكنة الأميركية فضلاً عن قدراته المميزة في فن الخطابة. ورأت الأستاذة الجامعية في فن الخطابة الدكتورة تمار باروش أن «نتانياهو دوّخ العالم بقدراته الخطابية الخارقة». وأضافت أن ثمة جدلاً حول مضمون الخطاب «لكن قلائل يمكنهم انتقاد الطريقة التي ألقيت فيها كلماته». وتابعت أن نتانياهو جسّد كل مبادئ نظرية الخطاب في شكل شبه متكامل». وكتب يوسي فيرطر في «هآرتس» أن نتانياهو يعود إلى إسرائيل «منتصراً» في نظر غالبية الإسرائيليين و «ملكاً متوجاً لليمين الإسرائيلي»، مشيراً الى أن هذا الانتصار تحقق له «لأنه لم يُهزَم في حرب الخطب (مع الرئيس الأميركي)». إلا أنه لفت الى أن الخطاب لن يؤدي إلى أي اختراق في الجمود السياسي مع الفلسطينيين «لأن نتانياهو لم يلق خطاب حياته» بل قدم برنامجه الانتخابي للانتخابات المقبلة في إسرائيل القائم على استعداد للذهاب إلى سلام وموافقة على قيام دولة فلسطينية «لكن بشروطه هو: وضع ترتيبات أمنية متشددة واعتراف الفلسطينيين بإسرائيل يهودية، ومن دون «حماس»، وهذا برنامج بات موضع شبه إجماع لدى غالبية الإسرائيليين». وقال اري شافيت المعلق في الصحيفة نفسها «إننا نذهب في طريق مسدود. نتانياهو صنع سلاماً مع الكونغرس إلا أنه أدار ظهره للعالم». ورأى المحلل السياسي في الصحيفة ألوف بن أن نتانياهو لم يلتزم شيئاً في خطابه «ليضمن بذلك وقوف ائتلافه الحكومي موحداً خلفه فيما الاستطلاعات تؤكد أن غالبية الإسرائيليين تؤيد المواقف التي أعلنها»، وفي الوقت ذاته مواقف يرفضها الفلسطينيون. وكتب ناحوم برنياع في «يديعوت احرنوت» أن خطاب نتانياهو استساغته آذان أعضاء الكونغرس الأميركي «الذين يؤيدون تماماً الرفض الإسرائيلي للتفاوض مع حماس ورفض العودة لحدود 1967 ويؤيدون القدس موحدة كاملة تحت السيادة الإسرائيلية». وأضاف: «إذا كانت هناك فرصة صغيرة لاستئناف المفاوضات قبل الزيارة (نتانياهو الى واشنطن)، فلا يوجد الآن أية فرصة لإعادة إطلاقها». وزاد إن أعضاء الكونغرس الذين صفقوا لنتانياهو «لن يكونوا هنا عندما ستواجه إسرائيل المشاكل (...) لن يكونوا هم الذين سيبحثون عن ملجأ في عسقلان وبئر السبع (جنوب إسرائيل) عندما تستأنف الهجمات الصاروخية. لن يكونوا هم الذين يخشون من الصعود الى حافلة خوفاً من تفجير انتحاري ولا هم الذين سيرسلون أولادهم (لخوض الحرب) في لبنان وسورية أو في أزقة نابلس». ورأت المعلقة في الشؤون الحزبية سيما كدمون أن نتانياهو لم يفاجئ في شيء ولم يتخذ قرارات حاسمة، وتابعت أن شروط نتانياهو للفلسطينيين «تلغي احتمال استئناف المفاوضات وبالتأكيد تحقيق السلام». وأشارت إلى تأييد الشارع الإسرائيلي لنتانياهو «على رغم، بل ربما، بسبب المواجهة مع أوباما، وعلى رغم إغلاق باب المفاوضات». وأضافت أن «رؤيته أو مواقفه تمثل عملياً إجماعاً إسرائيلياً». وأظهر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي نشرته صحيفة «معاريف» أمس أن شعبية «ليكود» الذي يتزعمه نتانياهو ارتفعت هذا الأسبوع، وأنه لو أجريت الانتخابات اليوم لفاز الحزب بأربعة مقاعد إضافية في الكنيست على حساب الحزب المعارض «كديما» الذي سيخسر ثلاثة مقاعد. كما أكد الاستطلاع تفوق نتانياهو على زعيمة «كديما» تسيبي ليفني بتسع نقاط. ورأى 47 في المئة من الإسرائيليين أنه كان حرياً برئيس حكومتهم أن يرد على خطاب أوباما الخميس الماضي بصيغة «نعم ولكن» بدلاً من «لا» قاطعة، وذلك لتفادي مواجهة مع الرئيس الأميركي، وقال 10 في المئة إنه يتعين على نتانياهو التجاوب مع «مبادرة أوباما» بينما أيد 36 في المئة «لاءات» نتانياهو.