هوت أسعار ماكينات «سنجر» أمس، إذ وصل سعر الواحدة إلى 50 ريالاً فقط في بعض المحافظات، في مؤشر على انخفاض وتيرة الهوس ب «الزئبق الأحمر» في غالبية مناطق السعودية، بعد جلاء حقيقة أنها مجرد إشاعة روّج إليها محتالون. بدا ذلك واضحاً في مدينة حائل التي تراكمت ماكينات «سنجر» في ساحات سوقها الشعبية بكميات كبيرة من دون أن تجد راغباً، بحسب ما أكده باعة في السوق ل «الحياة». وذهب عدد كبير من السعوديين بعيداً في لهثهم وراء السائل الأحمر، عندما اتجهوا إلى القرى بحثاً عنها عند سكانها أو في المنازل القديمة، بينما سجلت شرطة منطقة حائل حوادث سرقة لمنازل ومحال خياطة للسبب نفسه. ويؤكد الموطن خالد الشمري تعرض منزله الشعبي لحادثة سرقة في وضح النهار، وقال: «فوجئت عند عودتي من العمل ببعثرة أثاث المنزل، وحينما دخلت غرفة جدتي التي كانت مغلقة منذ وفاتها قبل 9 أعوام وجدت مكينة «الخياطة» الخاصة بها مختفية، وفوجئت بورقة تركها اللص لي، كتب فيها «راحت عليك الملايين»، فأيقنت أنه لص طريف. ولم تسلم من حوادث السرقة محال الخياطة، عندما نجح لصوص في سرقة أربعة ماكينات خياطة في حي المطار، ما أوقع الخياط في حرج مع زبائنه. وسبق الانخفاض في أسعار الماكينات العتيقة التي وصلت أسعارها في وقت سابق بحسب ما يتردد بين الناس إلى 100 ألف ريال، قام العشرات من المواطنين والمقيمين أول من أمس في مردم النفايات في حي السمراء، بعمليات بحث ونبش القديم منها طمعاً في الثراء المزعوم. في غضون ذلك، صدرت توجيهات لخطباء الجمعة في حائل بالتركيز على إشاعة ماكينات الخياطة، إذ أكد المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف في حائل عبدالله الحماد ل «الحياة» ضرورة أن يرتفع الناس بعقولهم عن مثل هذه الخزعبلات والخرافات. ودعا الحماد علماء الدين والفكر لتوعية عامة الناس من خطورة الترويج للإشاعات وتصديقها، مشيداً بالأطروحات الإعلامية التي فندت الإشاعة وأسهمت في توعية الناس على أن موضوع الزئبق الأحمر لا يعدو كونه نصباً واحتيالاً. وأكد أن سيتم تخصص جزء من خطب الجمعة لتنبيه الناس على ضرورة تجنب الانسياق خلف الإشاعات التي تتسبب في كثير من المشكلات الأمنية والاجتماعية. في الوقت ذاته، حاول مستفيدون من الإشاعة تغذيتها من جديد، بالحديث عن علاقة للسلاح النووي الإيراني بالزئبق الأحمر الذي يستخدم في صناعة الأسلحة النووية، ببثهم إشاعات جديدة عن رغبة إيران في شراء الماكينات لاستغلال المادة التي بداخلها. وفي بريدة، استمر تأثير الإشاعة حتى عصر أمس، حتى وإن بدت سوق «الجردة» أقل حركة عن الأيام السابقة، إذ شاب متداولي الماكينات نوع من الحذر، خوفاً من الوقوع ضحية لعملية احتيال، وكأن التحذيرات التي أطلقت هنا وهناك لم تكن كافية لتوقف المواطنين عن الاستمرار في الانجراف خلف الإشاعة، كونها لم تكتسب الفة الرسمية. وتدنت أسعار الماكينات إلى 200 ريال للواحدة. الشوريخ: لم نتلق بلاغات نصب واحتيال أوضح الناطق الإعلامي لشرطة منطقة الرياض الرائد سامي الشوريخ في تصريح إلى «الحياة» أن الشرطة لم تتبلغ حالات نصب واحتيال تعرض لها مواطنون، من خلال انتشار إشاعة ارتفاع أسعار ماكينات الخياطة (سنجر) خلال الأيام الماضية، محذراً في الوقت ذاته من الالتفات إلى تلك الإشاعات. وادي الدواسر: منع بيع الماكينات حظرت الجهات الأمنية في محافظة وادي الدواسر بيع الماكينات، بمنعها عرضها أو المناداة لبيعها، إلى جانب منعها دخول حامليها إلى الحراج. ويأتي ذلك في الوقت الذي تسود فيه موجة غضب عارمة بين البسطاء وذوي الدخل المحدود في المحافظة، بعد اكتشافهم حقيقة كذبة الزئبق الأحمر، لضياع الوهم الذي أملوا بأن ينتشلهم من أوضاعهم الصعبة.