وقعت الحكومة المالية أمس، اتفاق «سلم ومصالحة» مع ثلاث مجموعات مسلحة، بعد ثمانية أشهر من المفاوضات في الجزائر لوضع حد للنزاع في شمال البلاد. لكن ثلاث حركات مالية مسلحة، فاجأت الوسطاء الجزائريين في آخر لحظة، بطلب مهلة زمنية للتفكير، ما جعل الاتفاق «ناقصاً» إلى حين جولة جديدة في العاصمة باماكو للتوقيع النهائي. وفي حين كان الاتفاق منتظراً بين الحكومة المالية وست حركات طوارقية وعربية سياسية مسلحة ناشطة في شمال مالي، فوجئ الوسيط الجزائري خلال اللحظات الأخيرة قبل مراسيم التوقيع في فندق «الأوراسي» وسط العاصمة، بتحفظات من ثلاث مجموعات. ووقعت الحكومة بالأحرف الأولى على الاتفاق مع «حركة أزواد العربية» و «تنسيقية شعب أزواد» و «تنسيقية الحركات والجبهات الوطنية للمقاومة»، فيما طلبت 3 أطراف هي «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» و «المجلس الأعلى لوحدة أزواد» و «حركة أزواد العربية» المنشقة، مهلة قبل التوقيع. ووقع على الاتفاق ممثل الحكومة المالية وممثلو الجماعات السياسية - العسكرية لشمال مالي وفريق الوساطة الدولية الذي تقوده الجزائر. وحضر مراسيم التوقيع على هذا الاتفاق ممثلان للحكومتين الأميركية والفرنسية. وضم فريق الوساطة الذي تشرف عليه الجزائر كل من «المجموعة الاقتصادية لبلدان غرب أفريقيا» و «الاتحاد الأفريقي» والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي و «منظمة التعاون الإسلامي»، إضافة إلى بوركينا فاسو وموريتانيا والنيجر والتشاد. وسلمت الحكومة الجزائرية صحافيين نصّ إعلان الوساطة الدولية بقيادتها، وورد فيه أن الحوار الذي أجري خلال خمس جولات من التفاوض كان «نزيهاً ومتفتحاً وشاملاً»، وأن المفاوضات تمت «بصرامة ووضوح وصبر وتفانٍ واستعداد تام من جانب فريق يمثل في شكل واسع المجتمع الدولي». وأشار النص إلى أنه «كما يأمل الماليون أنفسهم ومعهم الهيئات الدولية والإقليمية، كان الحوار المالي نزيهاً ومنفتحاً وشاملاً وشهد مشاركة المجتمع الدولي. وطيلة المسار، أفسحت الوساطة في المجال أمام الأطراف للتعبير عن موافقها». ويجسد اتفاق السلام الذي تم استكماله والتوقيع عليه بالأحرف الأولى، التزاماً ثابتاً بوضع حد للأزمة في مالي من خلال الحوار وتكريس المصالحة الوطنية، في ظل الاحترام التام لسلامة التراب والوحدة الوطنية والطابع العلماني والجمهوري لدولة مالي». واعتبر وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الذي قاد شخصياً المفاوضات منذ بدايتها في تموز (يوليو) 2014، أنه «يوم مشهود في مسيرة شعب مالي وفي مسيرة سكان المناطق الشمالية في جمهورية مالي، نحو السلم والوئام والمصالحة». وأوضح أن هذا الاتفاق وقع بالأحرف الأولى، مؤكداً أن «المفاوضات ستتواصل في مالي حول مسائل الدفاع والأمن والتنمية الاقتصادية للتوقيع الرسمي والنهائي على الاتفاق»، متمنياً «ألا يغيب أحد». وتحدث ممثل «تنسيقية حركات أزواد» ممثل الأطراف الثلاثة غير الموقعة إبراهيم أغ صالح عن «حق شعب الأزواد» (الطوارق) في معرفة محتوى الاتفاق، معتبراً أن «اتفاقاً لا يتم تقاسمه مع القاعدة ليس له حظوظ كبيرة في النجاح». وطالب «المجموعة الدولية بإمهال طرفه الوقت والدعم اللازمين لتقاسم مشروع الاتفاق مع السكان في مهلة معقولة قبل التوقيع عليه». ودعا ممثل الأطراف الموقعة المحامي هارونا توريه التنسيقية إلى «حوار مباشر لجعل هذا الاتفاق حقيقة تاريخية تطفئ نار الحرب». وأكد أن الأطراف الموقعة «التزمت رسمياً احترام نص وروح الاتفاق» والعمل «على أن يعيش شعب مالي أخوياً». وكانت الوساطة الجزائرية عرضت الخميس على الطرفين مشروع اتفاق جديداً ينص على «إعادة بناء الوحدة الوطنية للبلاد على قواعد تحترم وحدة أراضيها وتأخذ في الاعتبار تنوعها الإثني والثقافي».