في ظاهرة لافتة لعلها تحصل للمرة الأولى في العراق، بدأ الموسم الثقافي بثلاثة معارض تشكيلية لثلاث رسامات يمثلن أجيالاً مختلفة. ففي أسبوع واحد افتتح معرض الفنانة الشابة يسرى العبادي، أعقبتها الفنانة المخضرمة نضال الآغا، بافتتاح معرضها الشخصي السادس والذي جاء متزامناً مع افتتاح معرض الفنانة سوسن سلمان العقابي. وإذا كانت العبادي تشاركت قاعة «حوار» والفنان ستار درويش، فإن هذا الجمع بين أنثى وذكر شمل أيضاً معرض العقابي التي شاركت القاعة نفسها الفنان عبدالجبار سلمان. أما الآغا فاستقلّت بمعرضها الذي استضافته قاعة «مدارات». من جانب فني، تبدو الآغا والعبادي أقرب الى بعضهما بعضاً، ليس في الأسلوب الذي تنفرد كل واحدة منهما بطريقتها الخاصة فيه، بل في التعبير عن هواجس المرأة الإنسان في محيط اجتماعي تضطرب الحياة فيه على نحو مثير للقلق. هواجس القلق تجعل من اللوحة عند كل منهما مرتبطة، ألواناً وتعبيراً، بمحمولات الذات، التي تجيء عند الآغا «مأخوذة بجماليات اللون والشكل والدهشة وفردية التعبير»، كما تقول في تقديم معرضها هذا، معتمدة «الكولاج» طريقة في التنفيذ بأسلوب يجمع بين النسق الجمالي والتعبيرية الحسية وفقاً لبناء بصري. بينما تنحو العبادي منحى «شكلنة الجمال»، على حد تعبيرها، مقتبسة عناصر هذا الجمال من مدينتها بغداد التي تصفها بالهاجس المحرك لرؤيتها الفنية بين أزقتها وطفولتها فيها، جاعلة كل لوحة صفحة من حياة هذه المدينة، كما تقول، في وقت عمدت العقابي الى الاستعانة بالأشكال والصور المتحفية من تراث حضارات العراق القديم للتعبير عن موضوعاتها التي ركزت فيها على الجمع بين لغتين: لغة الحاضر رؤية وموضوعاً، ولغة التاريخ رموزاً وأشكالاً تحتوي على اللغة الأولى، سواء ما جاء منها في صورة أشكال مجسدة، أو في شكل حروف مسمارية دالة. فهي، كما تقول، تستعيد التاريخ لئلا يندثر.