أبى مدير مركز الدراسات البحرية في مركز البيئة والمياه التابع لمعهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور محمد قربان، تحديد وحصر نوعية ملوثات البحر التي تتسبب في تلوث مياه الشاطئ الشرقي من المملكة. وقال ل«الحياة»: «لا نستطيع تحديد أبرز الملوثات في البحر على مستوى الخليج، بل ما هي الأشياء التي تؤثر في البيئة البحرية». وذكر أن ردم الساحل يعتبر من أوائل المؤثرات، واصفاً إياه ب«القاتل» للبيئة البحرية تماماً، موضحاً أن الملوثات كافة بالإمكان معالجتها إلا «الردم»، فلا يوجد معه خط رجعة. وأبدى قربان عدم معرفته بالجهات التي تتحمل مسؤولية «الردم»، لافتاً إلى أنه لا يعلمها، مطالباً بالتفكير بشكل متأخر في مسألة دفن الشواطئ، كذلك لو استدعى الأمر ذلك يتم بطريقة منظمة وصالحة بيئياً. وذكر أنه ليس بالإمكان منع «الردم» وذلك للحاجة إليه في بعض الأحيان ومنها بناء موانئ للصيادين وغيره، مشيراً إلى ضرورة عمل دراسة بيئية مكثفة لذلك، وتتضمن دراسة التيارات الموجودة في المنطقة نفسها، لافتاً إلى ضرورة عمل دراسة ينتج منها اقتراحات سليمة تحافظ على البيئة البحرية. وأضاف: «إن البيئة البحرية في الخليج العربي تتعرض إلى ضغوط بيئية طبيعية ومنها ارتفاع درجة الحرارة ونسبة الملوحة، على رغم استمرار الحياة للكائنات البحرية وتنوعها». واستبعد إمكان معرفة نسبة التلوث الناتج من عمليات «الردم» للبحار، عازياً السبب إلى أن «الردم» عبارة عن دفن منطقة بحرية بالكامل ينجم عنها القضاء الشامل على البيئة البحرية. ولفت إلى نوع آخر من التلوث، وهو ما يسمى ب«مياه الموازنة» الناتج من تفريغ مياه محملة بكائنات غريبة أو محملة ببقايا من الزيوت، ما ينتج منه تلوث بحري، موضحاً أن لا يتم عمل أي مشروع إلا بموافقة من جهات رسمية منها وزارة الزراعة والأرصاد وحماية البيئة، مؤكداً أن الأوضاع حالياً في تقدم واضح. البقعة الحمراء أوضح قربان أن ما حدث من تكون «بقعة حمراء اللون» في الفترة الماضية على امتداد شاطئ سيهات «لا يعتبر تلوثاً»، مشيراً إلى أنه تم تجميع عينات تربة ومياه من منطقة سيهات، اتضح بعد تحليلها خلوها من أي ملوثات. واعتبر أن بعض ما ينشر حول هذا الشأن «أخذ أكبر من حجمه»، لافتاً إلى أنه في حال وجود نفوق أسماك متنوعة بكميات كبيرة يعود الأمر إلى «تلوث بحري»، أما في حال وجود نفوق أسماك من نوع واحد بكثرة فيعزى الأمر إلى زيادة درجة الحرارة ونقص الأوكسجين، بسبب كثرة وجود المواد العضوية مصحوباً بارتفاع درجة الحرارة، تنمو الهائمات النباتية بكثرة التي تقوم باستنزاف كمية الأوكسجين في البحر بخاصة ليلاً (عند أقل من ثلاثة ملليغرام لكل لتر) وبالتالي يتم نفوق الأسماك، إذ تتناسب كمية الأوكسجين الذائب في الماء عكسياً مع ارتفاع درجة الحرارة. فقر في آليات تنفيذ الإجراءات الوقائية شدد الباحث البيئي علي العلي على ضرورة «إيجاد قوانين صارمة في منظومة مجلس التعاون الخليجي تمنع المخالفات البيئية، مع ضرورة إيجاد مراكز بحثية مشتركة بينهما»، مشيراً إلى افتقار المملكة إلى العديد من الآليات في تنفيذ القرارات الإجرائية. وأكد ضرورة الحفاظ على الصحة البيئية، «فإذا أردنا الحفاظ على صحة الأجيال فإن البيئة كعلم مهم وأساسي يجب أن يعطى أولوية قصوى في البلد، فعلى رغم وجود بعض القوانين أو اللوائح البيئية في السعودية، لكنها تفتقر إلى آليات تنفيذ وقوة قرار في الإجراءات الوقائية». وأوضح أن دول الاتحاد الأوروبي لديها قوانين وإجراءات على شكل غرامات مالية باهظة جداً لأية دولة تخالف أحد القوانين البيئية، ما يجبر دول الاتحاد الأوروبي على مراعاة الشؤون البيئية بشكل كبير. وأضاف: «نجد مثلاً جميع الدول الأوروبية تتجنب استخدام أكياس البلاستيك غير القابلة للتدوير وتضع عليه ضرائب لتشجيع الناس على استخدام أكياس صديقة للبيئة أو قابلة لإعادة التدوير. ونحن في منظومة دول مجلس التعاون نحتاج لمثل هذه الآليات والقوانين فبيئة الخليج بيئة واحدة وخليج مشترك فأي تسرب نفطي في الكويت مثلاً سيؤثر في بقية الدول فلا بد هنا من جهود مشتركة ومراكز أبحاث مشتركة». وذكر أنه قام ببحث علمي في خليج تاروت على مستوى التلوث «كشفت نتائج التحليل الكيماوي لسبعة من ملوثات المعادن الثقيلة والنيتروجين والفسفور والملوثات الحيوية المترسبة في التربة أن هناك مؤشراً خطراً وتلوثاً عالياً جداً في بعض المناطق بعد حساب مؤشر التلوث PLI». وعزا أسباب نفوق الأسماك التي شهدتها شواطئ المنطقة الشرقية في فترات مختلفة إلى «عمليات الردم والتدمير التي طاولت أشجار المنغروف، وبخاصة على سواحل مدينة الدمام ومحافظة القطيف». الملوثات تحاصر مياه الخليج.. وتحيلها إلى صفراء باهتة «جمعية الصيادين»: عقوبات للمتسببين في قتل الأسماك.. لكنها لا تطبق! «الموانئ»: لا نملك محطات تفريغ وقود للسفن.. ونحتاج ضبطاً! بدأت آثار الاختلال البيئي بالظهور باحث بيئي: إبادة «المنغروف» كارثة بيئية