ذكرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) أمس، أن كميات كبيرة من الغذاء لدى البلدان النامية تهدر عقب الحصاد ما يفاقِم أوضاع الجوع المتردية في العالم. وأكدت أن الاستثمار والتدريب يمكن أن يقلِصا كميات الفاقد بمعدلات ضخمة. وتعزى أسباب خسائر ما بعد الحصاد، التي تقدًر بين 15 و50 في المئة من مجموع الإنتاج، إلى عوامل متنوعة تتضمن، الحصاد في مرحلة غير سليمة من نضج المنتَج، التعرض المفرط للأمطار، الجفاف أو الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، التلوث بكائنات حية مجهرية والتعرض لأضرار مادية تخفض قيمة المنتَج. وتفقد المحاصيل قيمتها أيضاً بسبب الانسكاب، والتضرر بالأدوات غير الملائمة، والتلوث الكيميائي أو المناولة غير السليمة بما فيها ارتفاع درجات الحرارة، في غضون عمليات الحصاد والتحميل والتغليف والنقل. وبينما تساهم الخسائر في ارتفاع أسعار مواد الغذاء نتيجة طرح جزء من الإمدادات خارج الأسواق، فإنها تنعكس سلباً على البيئة وتغير المناخ أيضاً إذ تستخدَم موارد من أراض ومياه وأيد عاملة وموارد غير متجددة، ومدخلات مثل الأسمدة والطاقة، في السياق الإنتاجي للسلع وتجهيزها وتغليفها ونقلها، من دون طائل. صون منتجات الحصاد وتنجم خسائر بفعل النقل الخاطئ وأساليب التغليف غير السليمة يمكن تفاديها إذا تأمن تدريب كاف للعاملين فيها. وبالتعاون مع البنك الدولي وأطراف أخرى، تدرب «فاو» آلاف السكان في ثلاث قارات على المعالجة السليمة لناتج الحصاد من مواد الغذاء. ونَجحت «فاو» في بناء أكثر من 45 ألف صومعة خزن صغيرة وفق أحدث المواصفات لدى 16 بلداً. وأتيح تدريب متخصص لما يتجاوز 1500 تقني وحرفي أضحوا يملكون مهارات الإنتاج والصيانة. ولوضع مثل هذه المستودعات في متناول صغار المزارعين، لزم إجراء تدخلات إضافية في مجالات ترتبط بالنشاط الزراعي. ففي بلدان نامية يعجز المزارعون عن تحمل تكاليف شراء مواد تدخل في صنع الصوامع أو اقتنائها جاهزة، لذا تعين على «فاو» الشروع في إدارة الأموال والقروض لتيسير نشر ثقافة الخزن الأفضل في الحاويات. وتضمنت التدخلات الأخرى المبتكرة تشكيل آليات مؤسساتية مستجدة من نموذج نظم الخزن الجماعي في مقابل الوصولات. ومع توقعات بلوغ الذروة في معدلات النمو السكاني بحلول عام 2050 وتوسع المناطق الحضرية أكثر فأكثر لدى بلدان نامية، ينطوي الاتجاه الغالب على نقل الموارد الغذائية الأعلى قيمة، على امتداد مسافات أطول، ما يقتضي بذل جهود أكثر مشقة لخفض خسائر المنتجات عبر السلسلة الغذائية. وعلى أقل تقدير، توجد حاجة إلى استثمارات أكبر بكثير لتأمين مرافق الخزن المبردة والتخزين المجفف، وإتاحة معدات معالجة المراحل الأولى لمواد الغذاء منعاً لتلفها.