في الوقت الذي واجهت الأمة الإسلامية الكثير من المشكلات، لاسيما القضية الفلسطينية، حَرص الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله على حل تلك الإشكالات، ووجه دعوة تاريخية للفرقاء الفلسطينيين لعقد لقاء «عاجل» وجمعهم بجوار بيت الله الحرام. ولم يكتف الملك الراحل بتلك الدعوة التاريخية، بل تمكن من جمع نحو 57 دولة عربية وإسلامية بجوار بيت الله الحرام، بعد أن وجه دعوة إلى ملوك ورؤساء وأمراء دول وحكومات البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إذ تم عقد مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي بمكةالمكرمة في آب (أغسطس) 2012. وسجل المؤتمر إجماع الأمة الإسلامية على وحدة كلمتها، ووجوب الأخذ بكل أسباب الوحدة والتضامن والتعاضد بين أبنائها، والعمل على تذليل كل ما يعترض تحقيق هذه الأهداف، وبناء قدراتها من خلال برامج عملية في المجالات السياسية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية، حتى يستطيع أبناء الأمة الإسلامية الترابط بينهم عقائدياً ووجدانياً ومصيرياً في الحاضر والمستقبل، ونبذ كل أسباب الفرقة والشقاق السياسي، والفتنة الطائفية والتشرذم بين أبناء الأمة الواحدة، والالتزام بالصدقية في العمل الإسلامي المشترك. وأحدثت تلك الدعوات والنداءات التاريخية التي وجهها الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدول العربية والإسلامية صدى كبيراً في المجتمع الدولي، إذ أبدت حركتا فتح وحماس الفلسطينيتان آنذاك استعدادهما لتلبية النداء الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله، لجمع الفرقاء الفلسطينيين في البيت الحرام. وسجلت مواقف الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إشادات دولية من مسؤولين عرب، إذ أوضح المتحدث الرسمي باسم حركة فتح ومستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس أحمد عبدالرحمن أن دعوة الملك لجمع الفرقاء الفلسطينيين جاءت من قائد عربي مخلص لأمته، ويحرص كل الحرص على قضية لمّ الشمل الفلسطيني. وتحدث الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله، وقال إن المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً لا تقبل أن تقف صامتة متفرجة لتنظر بحزن وألم عميقين، لما يدور على الساحة الفلسطينية من اقتتال بين الأشقاء أصحاب القضية الواحدة، من دون أن تتصدى لدورها الإسلامي والعربي والأخلاقي تجاه أمانة الكلمة والفعل. وأدت الدعوة التي وجهها الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله، إلى نجاح الجهود السعودية في لمّ شمل الفرقاء الفلسطينيين، بعد أن توصلت فتح وحماس في مكةالمكرمة إلى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، إضافة إلى تأكيد حرمة الدم الفلسطيني، واتخاذ الإجراءات والترتيبات كافة التي تحول دون ذلك، وتأكيد أهمية الوحدة الوطنية كأساس للصمود الوطني والتصدي للاحتلال، وتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، واعتماد لغة الحوار كأساس وحيد لحل الخلافات السياسية في الساحة الفلسطينية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وفق اتفاق تفصيلي معتمد بين الطرفين، والشروع العاجل في اتخاذ الإجراءات الدستورية لتكريسها.