إذا كانت الدعوات منطلقة من مكةالمكرمة كلما ألم بالأمة الاسلامية موقف مؤلم أو حدث مؤسف فكانت أولى الدعوات الصادقة منطلقة أيضاً من المدينة المقدسة وتحديدا في الحادي عشر من ربيع الثاني عام 1344 ه حيث وجه الملك عبدالعزيز رحمه الله دعوة لانعقاد مؤتمر للأمة الاسلامية قبل أن نبحر في الحديث عن مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي الذي دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله لانعقاده في مكةالمكرمة يومي 26 27 من شهر رمضان الجاري سعيا منه يحفظه الله لخدمة الإسلام والمسلمين ووحدة صفوفهم خاصة في هذا الوقت فان البداية تستدعي أن نقف أمام صفحات التاريخ لنستقرىء من خلالها ما مضى من مواقف سعودية صادقة تجاه الامة الاسلامية اذ كانت الدعوات منطلقة من مكةالمكرمة كلما ألم بالأمة الاسلامية موقف مؤلم أو حدث مؤسف فكانت أولى الدعوات الصادقة منطلقة من مكةالمكرمةالمدينة المقدسة وتحديدا في الحادي عشر من ربيع الآخر عام 1344 ه حيث وجه الملك عبدالعزيز رحمه الله دعوة لانعقاد مؤتمر للأمة الاسلامية وقال رحمه الله في رسالته التي أرسلها إلى قادة الشعوب والهيئات والجمعيات الإسلامية “ وبعد فإني أرجو لكم دوام الصحة والعافية ، وإني سعيد أن أمد يدي ليدكم ولكل يد عاملة لخير الإسلام والمسلمين ، وإني مملوء ثقة أنه بتعاوننا على الخير سيكون المستقبل السعيد لجميع الشعوب الإسلامية “. وقد وجدت تلك الدعوة صداها لدى قادة وزعماء العالم الاسلامي وأكد ذلك قول الشاعر أحمد الغزاوي الذي عرف بشاعر الملك عبدالعزيز اذ خاطب الملك عبدالعزيز عند دعوته للمؤتمر الإسلامي الأول عام 1344ه بقوله: أجاب بنو الإسلام طراً نداءكم لمؤتمر الشورى فكان مجسما وخاضوا عباب البحر كيما يشاهدوا حقائق كانت في ذراهم توهما فلما رأوا ما يملأ العين قرة تولوا بحمدٍ أفعم القلب والفما فلا تتركوها فرصةً ذهبيةً فقد حان للآمال أن تتبسما وفي كلمة القاها في مكةالمكرمة خلال لقائهم برؤساء بعثات الحج يوم السابع من شهر ذي الحجة عام 1345 ه قال الملك عبدالعزيز رحمه الله أنه “ يجب أن يعتبر المسلمون من حالتهم اليوم ، فإنهم لم يصلوا إلى ما هم عليه الآن إلا من كثرة أقوالهم وعدم أفعالهم ، ألا إن العمل هو أساس النجاح ، إن العقيدة الصحيحة هي أساس الفلاح “. وظل الملك عبدالعزيز رحمه الله في توجيه دعواته للتضامن الاسلامي والوحدة لمواجهة الاعداء وهو ما أكدته كلمته التي ألقاها لحجاج بيت الله الحرام عام 1353ه حيث قال رحمه الله : “ إن أحب الأمور إلينا أن يجمع الله كلمة المسلمين ، فيؤلف بين قلوبهم، ثم بعد ذلك أن يجمع كلمة العرب ، فيوحد غاياتهم ومقاصدهم ؛ ليسيروا في طريق واحد يوردهم موارد الخير “. وفي عهد الملك سعود رحمه الله جددت المملكة دعوتها للتضامن الاسلامي وسعى رحمه الله وبدأ ذلك وأضحا في الكلمة التي وجهها رحمه الله في شهر رمضان المبارك عام 1373 ه حيث قال : “ عليكم أيها المسلمون بالرجوع إلى الله في سركم وعلانيتكم وتوحيد كلمتكم وجمع صفوفكم في هذا الجو المكفهر ، فهبوا أيها المسلمون إلى تصحيح مبادئكم واسترجاع مجدكم وتوحيد كلمتكم كما قال تعالى في كتابه الحكيم : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » ، وقوله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ»، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : (المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً ). فإلى متى وإلى أين أيها المسلمون في هذا التفرق وهذا التشتت الذي أحدث فجوةً في صفوف المسلمين ، وكما قال بعض أعداء العرب والمسلمين لما سُئل : (بمَ تستعين على العرب وهم أكثر منكم عدداً وعدة ؟) قال:(أستعين عليهم بالتفرقةِ فيما بينهم). ... إنني أستنهض هممكم ، وأذكركم بماضيكم المجيد ، ونحن على أتم استعداد للسير فيما فيه عز العرب والمسلمين،فلنضحِّ بالغالي والرخيص في سبيل ذلك عن عقيدة وإيمان مبتهلين إلى الله عز وجل في هذا الشهر المبارك أن ينصر دينه ، ويجمع شمل المسلمين ، ويحفظ كيان هذه الأمة المجيدة متكاتفين متحدين، والسلام عليكم". ويعتبر الكثير من الساسة أن الملك سعود رحمه الله هو أول من نادى لعقد مؤتمر عربي شعبي حيث قال في حديث نشرته مجلة المصور المصرية عام 1373ه “ أدعو العرب جميعاً إلى عقد مؤتمرٍ شعبي ؛ لتكون الشعوب العربية على اطلاعٍ ومعرفةٍ بجميع الحقائق ، نريد تآلفاً بين الدول العربية في ميادين السياسة والاقتصاد والشؤون العسكرية ، وأنا في مقدمة الذين يهدفون إلى هذا الاتجاه ضمن ميثاق الجامعة العربية ، وقد أبلغت الوفد الذي مثل المملكة عزمنا الأكيد على التعاون العربي في أي ميدان وفي أي مجال ممكن لتحقيق ما فيه الخير والمصلحة لنا جميعاً ، وما فشل العرب إلا عندما تفرقوا ، وما نجحوا إلا عندما استمسكوا واتحدوا ، وأذكر أن لرئيس الدولة الصهيونية كلمة مشهورة قال فيها:)نحن لن نستطيع التغلب على العرب إذا اتحدوا ، نحن مليون ، وهم أربعون مليوناً ، ونجاحنا وقيام دولتنا مرهون بإشعال الخلافات بينهم وتفرقتهم) ، لن نكون شيئاً إذا لم نتحد ونخلص للاتحاد ، وعلينا أن نعمل “ . وقد وجدت الدعوة صداها فبرز ميثاق التضامن الإسلامي الذي وقعه الملك سعود رحمه الله وكل من رئيسي مصر وباكستان عام 1375 ه. وان كان كلا من الملك عبدالعزيز والملك سعود رحمهما الله قد دعيا الى التضامن الاسلامي ووحدة المسلمين فان الملك فيصل رحمه الله سعى بكافة قواه وامكانياته للعمل على وحدة المسلمين وتضامنهم فلقب برائد التضامن الاسلامي وكانت من أكثر مواقفه الحازمة ما قاله في في مؤتمر القمة الاسلامي الأول الذي عقد بمدينة الرباط بالمملكة المغربية عام 1389 ه والذي أكد من خلاله على ضرورة الخروج بعمل اسلامي موحد فجاء البيان الختامي للقمة الاسلامية الأولى بالرباط في شهر رجب عام 1389 ه سبتمبر 1969 م والذي حضره “ رؤساء الدول والحكومات والممثلين لكل من مملكة أفغانستان الشعبية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية، وجمهورية تشاد، وجمهورية غينيا، وجمهورية إندونيسيا، والإمبراطورية الإيرانية، والمملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، والجمهورية اللبنانية، والجمهورية العربية الليبية، وماليزيا، وجمهورية مالي، والمملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وجمهورية النيجر، وجمهورية باكستان، وجمهورية السنغال، وجمهورية الصومال، وجمهورية اليمن الشعبية، وجمهورية السودان الديمقراطية، والجمهورية التونسية، والجمهورية التركية، والجمهورية العربية المتحدة، والجمهورية العربية اليمنية، ولمسلمي الهند “ بقرار هام تمثل في العمل على عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول المشاركة بجدة في شهر مارس 1970 م وذلك: ا- لبحث نتائج العمل المشترك الذي قامت به الدول المشاركة على الصعيد الدولي في موضوع القرارات الواردة في إعلان مؤتمر القمة الإسلامي بالرباط. 2- لبحث موضوع إقامة أمانة دائمة يكون من جملة واجباتها الاتصال مع الحكومات الممثلة في المؤتمر والتنسيق بين أعمالها وأنشئت منظمة المؤتمر الاسلامي التي أصبحت فيما بعد تعرف باسم منظمة التعاون الإسلامي كثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأممالمتحدة، وتضم في عضويتها سبعا وخمسين (57) دولة عضوا موزعة على أربع قارات. وتعتبر المنظمة الصوت الجماعي للعالم الإسلامي وتسعى لصون مصالحه والتعبير عنها تعزيزا للسلم والتناغم الدوليين بين مختلف شعوب العالم ولازال التاريخ يذكر تماما الكثير من المواقف والكلمات التي أطلقها الملك فيصل رحمه الله خاصة عبارته الشهيرة في مؤتمر القمة العربي الخامس الذي عقد في القاهرة في ديسمبر 1969 ه اذ قال رحمه الله “ إذا أردتم المعركة فميزانية السعودية كلها لها “ ويعني المعركة مع اسرائيل. وان كانت للملك فيصل رحمه الله مواقف صلبة وقوية للتضامن الاسلامي ومواجهة أعداء الامة فان للملك خالد رحمه الله مواقف مماثلة لم يحيد عنها وقد أوضحها رحمه الله في بداية توليه للحكم اذ قال في كلمته بعد مبايعته بالحكم في الثالث عشر من ربيع الاول عام 1395 ه “ إن من أهم الركائز التي قامت عليها سياستنا الخارجية هي الدعوة إلى التضامن الإسلامي لرفع شأن المسلمين في أقطارهم وتقوية أواصر التعاون بينهم. وحكومتنا إذ تحرص كل الحرص على مواصلة السير في هذا الاتجاه بالقوة ذاتها والاندفاع نفسه فإنها تؤكد ما أعلنه صاحب دعوة التضامن الإسلامي زعيمنا الراحل – الفيصل– بقوله : “ إننا لا نستهدف من وراء ذلك نياتٍ سيئة تجاه الغير أو أن نكون مصدر خطر وعدوان أو اضطراب بالنسبة إلى الآخرين ، فإن نفع ذلك سوف لا ينحصر في الأمة الإسلامية فقط ، لكنه سيمتد كذلك إلى غيرهم من الأمم الأخرى “. وقد أكد الملك خالد رحمه الله حرصه على وحدة العرب والمسلمين فكان مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الذي عقد في رحاب المسجد الحرام مكةالمكرمة عام 1401ه وصدر في أعقابه “ بلاغ مكةالمكرمة" الذي تضمن الرؤية الإسلامية لقادة الشعوب الإسلامية والتزامهم التضامن الإسلامي. وحرص الملك فهد رحمه الله على دعم التضامن الاسلامي والعمل من أجله وأكد ذلك بقوله ان “ المملكة واحدة من دول أمة الإسلام ، هي منهم ولهم، نشأت أساساً لحمل لواء الدعوة إلى الله، ثم شرفها الله لخدمة بيته وحرم نبيه، فزاد بذلك حجم مسؤوليتها ، وتميزت سياستها، وتزايدت واجباتها، وهي إذ تنفذ تلك الواجبات على الصعيد الدولي تتمثل ما أمر الله به من الدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة ، هذا هو منطلق سياستنا في الداخل والخارج، ولذلك فإن على المؤمنين بالله من قادة المسلمين وعلمائهم مسؤولية كبرى في مؤازرتنا والسير معنا في طريق الدعوة إلى الله وتطبيق أحكامه". وحينما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في السادس والعشرون من جمادى الثانية عام 1426 ه وجد أمامه العديد من القضايا الاسلامية ابرزها الخلاف الفلسطيني الفلسطيني فهمل على دعوه القادة الفلسطينيين من حركتي فتح وحماس إلى مؤتمر في مكة وذلك لحل المشاكل بينهم وإنشاء حكومة وحده وطنية فلسطينية. وسعى لتوقع اتفاقية للمصالحة بين الفصائل الصومالية المتحاربة برعايته. وقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على ضرورة بناء حوار اتصال مع كافة الاديان فعمل على رعاية مؤتمر حوار الاديان وحضره العديد من أتباع الديانات المختلفة وأعلن يحفظه الله في مؤتمر القمة العربية الاقتصادية المنعقدة في الكويت بتاريخ 19 يناير 2009 عن نهاية الخلافات العربية - العربية وإنه سيتم فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الدول العربية المتخاصمة فيما بينها، كما أكد على أن مبادرة السلام العربية لن تبقى على الطاولة أكثر مما بقيت لأن إسرائيل تماطل فيها ولا تريد تنفيذها وإنه أمام إسرائيل خياران إما الحرب أو السلام، وإن العرب قادرين على الصمود والحرب لاستعادة الأرض والكرامة المسلوبة ، وأعلن عن تبرع شعب المملكة العربية السعودية ب 1000 مليون دولار لإعادة إعمار قطاع غزة وتعويض أهلها عن كل مالحقهم من دمار وتشريد وأكد على أن الدم الفلسطيني أغلى من كنوز الأرض. وأكد خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله حرصه على تضامن المسلمين فكانت دعوته لعقد مؤتمر القمة الاسلامي الاستثنائي بمكةالمكرمة خلال الفترة من 5 6 ذو القعدة 1426 ه بمكةالمكرمة وحينها خاطب المليك المفدى زعماء العالم الاسلامي قائلا : “ إن المؤمن القوي بربه لا يقنط من رحمته، وإن الوحدة الإسلامية لن يحققها سفك الدماء كما يزعم المارقون بضلالهم، فالغلو والتطرف والتكفير لا يمكن له أن ينبت في أرض خصبة بروح التسامح ونشر الاعتدال والوسطية. وأكد تطلعه إلى أمة إسلامية موحدة، وإلى حكم يقضي على الظلم والقهر، وإلى تنمية مسلمة شاملة تهدف للقضاء على العوز والفقر، وإلى انتشار الوسطية التي تجسد سماحة الإسلام، وإلى مخترعين وصناعيين مسلمين وتقنية مسلمة متقدمة، وإلى شباب مسلم يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته". واليوم يجدد خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله حرص المملكة العربية السعودية على تضامن المسلمين ووحدتهم في دعوته رعاه الله إلى إقامة مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي في رحاب مكةالمكرمة وخلال أيام شهر رمضان المبارك ليؤكد أن الأمة الاسلامية بتضامنها ووحدتها ستكون قادرة على اجتياز الصعاب ان توحدت كلمة قادتها وعملوا على نبذ الخلافات وان المملكة العربية السعودية ستكون المنطلق الدائم لكل دعوة وحدوية.