«المهور» ليست المشكلة نقرأ ونسمع يومياً في المجالس والنوادي والمناسبات أن سبب تكاثر «العنوسة» في بلادنا هو غلاء المهور، وأنا أرى أن هذا الكلام غير صحيح وأحب أن أضع أمام القراء هذه الملاحظات حول «العنوسة» وأسبابها، وأين المشكلة؟ هل هي غلاء المهور، كما يقال، أم هذه الخزعبلات غير المجدية للعريس والعروس؟ ففي منطقة عسير مثلاً حددت المهور بنحو 40 ألف ريال موزعة كالآتي: 20 ألف ريال مهراً، و20 ألفاً ذهباً، وبارك الجميع هذا القرار الحكيم إلا أن هناك بعض التصرفات من بعض الآباء والأمهات، الأمر الذي ساعد على عزوف الشباب عن الزواج وتكاثر «العنوسة» وذلك بسبب الطلبات الآتية: إقامة حفلة الزواج في قصر للأفراح بنحو 25 ألف ريال، كما يتم إحضار شعاّر ومطبلين للرجال بمبلغ 15 ألف ريال، وشراء ثوب الزفاف «الشرعة» بمبلغ 15 ألف ريال، وإحضار مطبلات ومغنيات للنساء بمبلغ 15 ألف ريال، فتح بوفيه للنساء بمبلغ 10 آلاف ريال، عطورات وبخور 5 آلاف ريال، كوفيرة للعروس 5 آلاف ريال، صبابات قهوة 3 آلاف ريال، حلويات لقسم النساء 5 آلاف ريال. هذه الطلبات مطلوبة من العريس عدا المهر المتفق عليه، بالله عليكم أين المشكلة؟ هل هو المهر أم الطلبات التي جعلت معظم الشباب يتركون الزواج، ما جعل 80 في المئة من الفتيات «عوانس»، وأنا أتساءل أين دور خطباء المساجد ومديري الجامعات والكليات من توعية الآباء والأمهات عبر المحاضرات والندوات؟ لقد أصبحت بيوتنا تعج بالعوانس والعزاب الذين ليس لهم حول ولا قوة سوى المظاهر الكذابة والمباهاة أمام الناس من الآباء والأمهات، ولماذا لا تقتصر حفلة الزواج على الأهل والأصدقاء ما دام الجميع متفقين على الزواج؟ أحد المتزوجين اشترى سيارتين بمبلغ 160 ألف ريال تقسط على أقساط من أجل إقامة حفلة زواجه، متى يتم تسديد هذا المبلغ؟ خصوصاً إذا لم يكن هناك توافق بعد الزواج؟ محمد بن سعيد بن صبر – أبها إشباع ذاتنا وضياع أبنائنا قد تلهينا الدنيا وتشغلنا عمن هم أقرباء لأفئدتنا من أصحاب وأحباب وهذا أمر يسير... الأمر العظيم الذي ليس بيسير، حينما نرى مشاغل الدنيا ومتاعبها تأخذ الآباء والأمهات وتلهيهم عن فلذات أكبادهم، فنرى الأم تتنقل بين صالات الأفراح والأسواق، وباهتمام بالغ تتابع آخر صيحات الموضة... والأب نشاهده يزاحم وبشدة لاكتساب أي منصب عالٍ، ويصارع وبقوة على جني المال على رغم ثرائه، وهما بذلك ناسين أو متناسين من هم بحاجة إليهم بدلاً من إشباع رغباتهم... وبعد برهة من الزمن نرى الضياع والتشرد والفساد قد تمكن من بعض الأبناء، والبعض الآخر تشاهده يبحث عن بديل عوضاً عن الأصل، ليتسنى له الارتواء منه بقدر ما يشاء... وإذا انطوى على الأبناء دهر طفولتهم، وأقبل عليهم دهر شبابهم الذي فيه عنفوانهم، ترى من كانوا يحتاجون إليهم بالأمس هم بحاجة إليهم الآن. أيها الأب وأيتها الأم... أيعقل أن تتركوا مشاغل الدنيا تأخذكم من أبنائكم؟! ولِمَ الإهمال والإجحاف بحقهم؟ ولمَ الشح والتقصير معهم؟! لِم ولِم ولِم... تساؤلات واستفهامات كثيرة فهل سنجد لها إجابات لديكم؟! «عن عبدالله بن عمر أنه سمع رسول الله «صلى الله عليه وسلم» يقول: «كلم راعٍ ومسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راعٍ ومسؤول عن رعيته... الخ». وفاء بنت عبدالعزيز - الرياض