قرّر حزب الأمة المعارض في السودان بزعامة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي، حل أجهزته والتحول الى العمل السري، وذلك بعدما طلب جهاز الأمن من مجلس الأحزاب تجميد نشاطه لتحالفه مع متمردي «الجبهة الثورية». تزامن ذلك مع تحدي القوى المعارضة في الخرطوم النظام الحاكم وإبرامها ميثاقاً اعتقلت السلطات موقعيه. وتبنى المكتب السياسي لحزب الأمة تجميد أجهزة الحزب ونشاطه العلني و «النزول تحت الأرض»، نتيجة للظرف الاستثنائي الذي يواجهه، وذلك بناء على اقتراح المهدي من مقر إقامته في القاهرة، يقضي بتشكيل مؤسسات استثنائية، لممارسة نشاط سري معارض للنظام. يأتي ذلك بعدما توعد الرئيس عمر البشير المهدي بالاعتقال والمحاكمة في حال عودته إلى السودان، وطالبه بالتبرؤ من الاتفاقات السياسية التي وقعها مع تحالف متمردي «الجبهة الثورية». وتحدى رؤساء وقادة 14 من الأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، النظام في الخرطوم وأعادوا التوقيع على وثيقة «نداء السودان» التي توافق عليها الصادق المهدي وهيئة تحالف قوى المعارضة مع «الجبهة الثورية» التي تضم «الحركة الشعبية - الشمال» والحركات المسلحة في دارفور. وتضمنت الوثيقة رؤية تلك الأطراف لحل أزمة البلاد عبر تفكيك النظام الحالي في الخرطوم. واعتبر رؤساء الأحزاب الموقعون، الخطوة بمثابة تضامن مع رئيس تحالف المعارضة فاروق أبو عيسى ورئيس كونفيدرالية منظمات المجتمع المدني أمين مكي، المعتقلين منذ أكثر من شهر. وقال زعيم الحزب الشيوعي مختار الخطيب، في حديث عقب التوقيع على الميثاق في دار الرئيس الراحل إسماعيل الأزهري، إن «النظام لا ينوي التراجع عن سياساته الفاشلة التي قادت الى تدمير البلاد، وهو غير جدي في الحوار الذي أعلنه العام الماضي». وأوضح أن «الحزب الحاكم لا يريد حلاًّ لأزمات البلاد ويمضي قدماً في إجراء الانتخابات في ظل غياب الحريات وحياد مفوضية الانتخابات»، مؤكداً ثقة الأحزاب الموقعة على «نداء السودان» في الشعب، لإسقاط النظام على رغم ظروف القمع. وكانت السلطات الأمنية اعتقلت الشهر الماضي، أبوعيسى ومدني بسبب توقيعهما وثيقة «نداء السودان» في أديس أبابا، ووجهت إليهما عشرة اتهامات تصل عقوبتها إلى الإعدام. البشير من جهة اخرى، زار البشير امس الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية، وأكد خلال لقاء جماهيري أن ولايات دارفور الخمس ستكون خالية من التمرد نهاية العام. وقال البشير إن المرحلة الثانية من عمليات «الصيف الحاسم» ستقضي على التمرد في الإقليم، وستبدأ السلطات في جمع السلاح من ايدي المواطنين، ولن يكون السلاح الا لدى القوات الحكومية، وتعهد بإعمار وتنمية الإقليم. الى ذلك، أقر الناطق باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد بإحالة عدد من الضباط الى التقاعد، لكنه برر الخطوة بأنها إجراء «روتيني». وأوضح ان رئاسة أركان الجيش أجرت ترقيات واسعة وإحالات محدودة على التقاعد وسط الضباط برتب مختلفة. وكانت لائحة صدرت بإحالة نحو 120 ضابطاً الى التقاعد من رتبة عقيد الى ملازم. وفي تطور آخر، منع الأمن السوداني أمس الحزب الجمهوري المعارض، من إحياء الذكرى السنوية لإعدام المفكر السوداني محمود محمد طه. ودهمت قوى امنية مقر مركز باسم الراحل في أم درمان ثاني كبرى مدن العاصمة، وأمرت الحضور بمغادرة المكان، وإغلاق المركز. وأعدم طه في 18 كانون الثاني (يناير) 1985 في عهد الرئيس السابق جعفر النميري بعدما دانته محكمة بالردة. وقالت القيادية في «الحزب الجمهوري» الذي رفضت السلطات تسجيله والاعتراف به، أسماء محمود، ان قوة من الأمن والشرطة دهمت المقر وأمرت بإلغاء النشاط بحجة عدم ترخيص المركز. لكن الحضور اتجهوا في مسيرة راجلة الى منزل أرملة الراحل آمنة لطفي. ورأت محمود ان الحجة التي استند إليها رجال الأمن لمنع الاحتفال «باطلة»، لأن ادارة المركز ظلت لفترة تطلب تجديد ترخيص المركز من وزارة الثقافة، لكن الوزارة واجهت هذه الإجراءات بالمماطلة.