أعادت العروض الكرنفالية واللوحات الفولكلورية التي قدمتها فرق فنية من دول عربية وأجنبية عدة في «مهرجان طريق الحرير» أخيراً إلى الأذهان الطقوس والعادات التي كانت سائدة لدى شعوب المناطق الواقعة على هذا الطريق. ويعد المهرجان الذي اعتادت وزارة السياحة السورية تنظيمه سنوياً نافذه سياحية ومحطة هامة للاطلاع على غنى وتنوع المنتج السياحي السوري وفرصة للمشاركين فيه للتعرف على التراث الحضاري لسورية التي تضم أكثر من 20 حضارة مختلفة. وطريق الحرير عبارة عن مجموعة من الطرق المترابطة كانت تسلكها القوافل التجارية والسفن، تمرّ عبر جنوب آسيا رابطةً تشان الصينية مع أنطاكية في سورية. وكانت القوافل العابرة لهذا الطريق تأتي من الشرق والغرب كالمدن المتنقلة يعيش فيها الشعراء والرحالة والمسافرون والتجار والموسيقيون يحطون رحالهم في خانات سورية وأسواقها لتبادل السلع والبضائع والأفكار والثقافات والموسيقى والشعر والعادات والتقاليد والأزياء والأطعمة في تبادل مباشر تحول معه طريق الحرير إلى طريق للتفاعل والتمازج بين الحضارات. وبدا واضحاً أن هدف دمشق من وراء المهرجان ليس الترويج للمواقع الأثرية والتاريخية، وإنما إيجاد إسقاطات تاريخية تحاكي الواقع الراهن في محاولة لإبراز مكانة سورية وقدرتها على القيام بلعب الدور ذاته الذي لعبته في الماضي عندما كانت محطة بارزة على طريق الحرير الذي شكل جسراً للتعاون بين الشرق والغرب ومحوراً للتفاعلات التجارية والثقافية والإنسانية والحضارية والدينية. وقال وزير السياحة السوري سعدالله آغة القلعة ل «الحياة»: أن المهرجان حقق اهدافه كونه نقل الصورة الحضارية لسورية ودورها»، لافتاً إلى أن المهرجان جذب على مدى ثمانية أعوام من عمره أكثر من 1880 إعلامياً. واستطاع مهرجان هذه السنة جذب أكثر من 250 صحافياً وإعلامياً جاؤوا من 35 دولة عربية وأجنبية ساروا على مدى أسبوع على طريق الحرير القديم ليعودوا بعدها إلى بلدانهم حاملين معهم انطباعاتهم ومشاهداتهم عن المناطق التي زاروها. واعتبر الإعلامي الألماني مقصود كليمن المهرجان مهماً جداً «لأننا استطعنا من خلاله أن نتعرف على التاريخ والحضارة، والتعلم من التاريخ يعطينا مجالا لتطبيقه على الحياة الحالية والانطلاق قدماً نحو الإمام والاستفادة من التجارب القديمة». ورأى أن الخانات القديمة والأسواق التجارية التي شاهدها في جولته هي من أهم المعالم التاريخية التي كانت تلتقي فيها قوافل طريق الحرير، ومازالت تلك المعالم تحتفظ بقوة بنائها وجمال زخرفتها ورشاقة هندستها». وشهد المهرجان افتتاح خان رستم باشا في محافظة حماه (وسط سورية) كسوق للمهن الشعبية القديمة لإعادة إحياء أكثر من 30 مهنة يدوية للحفاظ عليها من الاندثار مثل صناعة النسيج اليدوي والبسط والأحذية والنحت على الخشب. وأتاح المهرجان للمشاركين الاطلاع على مدينة تدمر الأثرية وحضور افتتاح صالة الزوار فيها التي تحوي على أفلام وثائقية تعريفية بآثار المدينة وأيضاً زيارة العديد من الأديرة والكنائس والقلاع في حلب ووادي النصارى وصيدنايا ومعلولا. وقال الإعلامي السوري فهد كنجو: «إن أجمل شيء هو أن تقف على أعتاب التاريخ وتستحضر الذكريات وتتخيل كيف كانت القوافل التجارية بين الغرب والشرق تعبر سورية». وأضاف: « تشعر بعراقة هذا الطريق وأصالته عندما تتوقف في العديد من محطاته التي كان يمر بها من بصرى الشام والقنوات إلى تدمر وحماه وحلب وغيرها من المحطات المهمة».