يدرس-- وزراء الزراعة في الاتحاد الأوروبي اليوم، تقديم مساعدة مالية عاجلة بقيمة 300 مليون يورو لتخفيف أزمة تراجع مداخيل منتجي الحليب في السوق الأوروبية، وتقييد أثرها السياسي السلبي على حكومات غالبية دول الاتحاد. وتعبّئ النقابات المهنية صفوفها منذ انتهاء الصيف، ولا تتردد عن إتلاف كميات كبيرة أمام الرأي العام للفت الانتباه إلى خطر تراجع إيرادات المزارعين. وتعد هذه المعونة استثنائية وموقتة، ولن تكون كافية لحل أزمة القطاع. وستنفق في غضون عام 2010 وتبدو رمزية بحيث لا يتجاوز معدلها الوسطي ألف يورو لكل منتج، بينما تراجعت عوائده في شكل منتظم في الفترة الأخيرة 20 في المئة عام 2008 وبين 10 و20 في المئة في 2009. وينتظر أن يشهد الاجتماع في لوكسمبورغ اليوم، نقاشات حامية بين غالبية تقودها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا تريد مراجعة نظام تحرير قطاع تجارة الحليب ومشتقاته، وأقلية في شمال أوروبا تتمسك بقرارات خفض نظام حصص الإنتاج في شكل تدريجي حتى إزالتها عام 2015، وفق مقررات السياسة الزراعية المشتركة. وكانت الدول الأعضاء في الاتحاد توصلت في اجتماع استثنائي عقده الوزراء في الخامس من الشهر الجاري في بروكسيل، إلى اتفاق حول تشكيل فريق خبراء يدرس إشكالات تحرير سوق تجارة الحليب ويقدم توصياته منتصف 2010. وتقول النقابات المهنية إن الأزمة لا تقتصر على قطاع إنتاج الحليب فحسب، بل أصابت قطاعات اللحوم والخضر والفواكه، وتطالب بخطة شاملة «لوقف تدهور عوائد المزارعين». ويتزامن التصعيد الذي تشهده أزمة قطاع الحليب في أوروبا مع تقرير أصدرته محكمة المحاسبات الأوروبية الخميس الماضي حول وضع القطاع في السنوات العشر الأخيرة. وتستنتج بأن «الأسعار عند الإنتاج تراجعت بينما ارتفعت في مستوى الاستهلاك. وحافظ المزارعون على مداخليهم بفعل زيادة الإنتاجية والمعونات الأوروبية. وتبدو مشتقات الحليب ذات القيمة المضافة العالية قادرة على مواجهة المنافسة في السوق العالمية». وترى محكمة المحاسبات أن «نظام الحصص ساعد على تأطير الإنتاج، لكن ارتفاع مستواها أدى إلى وفرة العرض». وتستنتج أن تحرير تجارة الحليب «يهدد استقرار الأسواق ويزيد في تذبذب الأسعار». وتدعو المحكمة المفوضية الأوروبية إلى «مراقبة تطور السوق ومواكبة تغيّر السعر، عبر شبكة وسطاء، انطلاقاً من المنتج إلى المستهلك». وتنصح بتفادي تركز الإنتاج في مناطق زراعية على حساب مناطق أخرى، وتوجيه الإنتاج نحو الاستهلاك الداخلي لأسباب اشتداد المنافسة في السوق العالمية.