دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره التونسي الباجي قائد السبسي إلى زيارة واشنطن «من أجل تعزيز وتوسيع الشراكة بين البلدين»، فيما يشهد حزب «نداء تونس» العلماني موجة تجاذبات على خلفية تكليف وزير الداخلية السابق الحبيب الصيد بتشكيل الحكومة الجديدة. وذكر البيت الأبيض في بيان مساء أول من أمس، أن أوباما هنأ السبسي وأشاد بما قام به التونسيون «خلال العملية الانتقالية الديموقراطية التاريخية»، مؤكداً عزم الولاياتالمتحدة على «تعزيز وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع تونس». وكان السبسي كلّف وزير الداخلية السابق الحبيب الصيد بتشكيل الحكومة بعد أكثر من شهرين على انتخاب المجلس النيابي الذي تحوز فيه حركة «نداء تونس» العلمانية على أكبر كتلة (86 مقعداً) في حين تراجعت حركة «النهضة» الإسلامية إلى المركز الثاني برلمانياً (69 مقعداً) بعد أن كانت تسيطر على المجلس الوطني التأسيسي السابق. وأثار تكليف الحبيب الصيد ردود أفعال متباينة بين قيادات «نداء تونس» وأحزاب أخرى، فبعد موافقة «النهضة» ضمنياً على ترؤسه الحكومة المقبلة ورفض «الجبهة الشعبية» (يسار) لاختيار شخصية عملت مع نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي وحكومة «النهضة» لرئاسة الوزراء، عبّر عدد من قيادات «نداء تونس» عن رفضهم لهذا الخيار. ويرى مراقبون أن «نداء تونس» منقسم إلى تيارين كبيرين، الأول يعتبر أن تكليف شخصية مستقلة بتشكيل الحكومة من شأنه أن يخفف حدة التوتر والاحتقان السياسيَين، فيما يقول التيار الثاني إن قيادات الحزب أولى من غيرها بتولي رئاسة الحكومة والمناصب الوزارية الحساسة. ويتزعم التيار المناهض لتكليف الصيد، الأمين العام للحزب الطيب البكوش (نقابي ويساري بارز) الذي كان يطمح إلى ترؤس الحكومة المقبلة خاصة وأنه أمين عام الحزب الفائز في الانتخابات الاشتراعية، لكن السبسي وقيادات أخرى في الحزب رفضت تعيينه بسبب عدم نيله تأييد «النهضة». ويواجه رئيس الوزراء المكلّف تهديدات بعدم المصادقة على حكومته في حال عيّن فيها وزراء من حركة «النهضة». وبدأ التنسيق بين خصمي الساحة السياسية التونسية (نداء تونس والنهضة) منذ جلسة انتخاب رئيس البرلمان محمد الناصر المنتمي للحزب الحاكم ونائبه القيادي الإسلامي البارز عبدالفتاح مورو من الحركة الإسلامية. ويتوقع مراقبون أن تكون حركة «النهضة» من الأطراف المشاركة في الحكومة بخاصة وأنها لا تعترض على شخصية رئيسها الذي سبق وأن عمل في الحكومة التي قادها الإسلاميون برئاسة حمادي الجبالي. ويمكن أن تكون مشاركة «النهضة» في الحكومة عبر وزراء منها أو ب «تكنوقراطيين» مقربين منها. وترفض قيادات يسارية في «نداء تونس» أي مشاركة للنهضة في الحكومة مشترطة اقتصار التشكيلة الوزارية على الحزب الحاكم والأحزاب العلمانية واليسارية الأخرى، لكن هذا التوجه لا يروق للرئيس السبسي الذي يسعى إلى نيل الحكومة دعماً واسعاً في البرلمان، الأمر الذي لن يتحقق إلا بمشاركة «النهضة». في غضون ذلك، رفضت محكمة عسكرية تونسية أمس، الإفراج عن المدون ياسين العياري الذي يواجه حكماً غيابياً بالسجن 3 سنوات بتهمة إهانة الجيش عبر الانترنت. وفي ختام جلسة استمرت حوالى 3 ساعات، أعلنت قاضية في المحكمة العسكرية الابتدائية «تأخير القضية إلى يوم 20 كانون الثاني (يناير) الجاري مع إصدار بطاقة إيداع بالسجن بحقه. وكان القضاء العسكري قد أودع ياسين العياري السجن فور عودته من فرنسا يوم 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي حيث واجه تهمتين هما: «المس بكرامة الجيش الوطني بنشر وإفشاء أحداث تتعلق بالسلطة العسكرية» و «المس بكرامة الجيش بما من شأنه أن يضعف فيه روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء».