تدخل تونس اليوم، مرحلة «الصمت الانتخابي» في ختام حملة رئاسية عكست تنافساً حاداً بين المرشحين (العلماني) الباجي قائد السبسي والرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي. ويتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع غداً للمشاركة في الدورة الثانية والحاسمة للانتخابات الحرة والتعددية الأولى من نوعها في تاريخ البلاد. وفي مؤشر يعكس قلقاً من اعتداءات إرهابية محتملة، قررت خلية الأزمة في رئاسة الحكومة مساء الخميس، إقفال معبري رأس جدير والذهيبة مع ليبيا حتى الأربعاء المقبل. وأكد رئيس الحكومة مهدي جمعة تحمله «مسؤولية استكمال المسار الانتخابي في أفضل الظروف»، داعياً المواطنين جميعاً إلى «التحلي بروح المسؤولية خلال العملية الانتخابية وبعدها» وخوض الاستحقاق ب «السلوك الحضاري ذاته الذي ساد الانتخابات الاشتراعية والدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، تكريساً لمناخ ديموقراطي يشرّف تونس أمام مواطنيها والعالم». وتعهدت خلية الأزمة المكونة من وزراء الداخلية والدفاع والعدل والخارجية وتضم قيادات أمنية وعسكرية، بحماية المسار الانتخابي «إدارياً وأمنياً وعسكرياً»، مشيرةً إلى أن السلطات اتخذت كل الإجراءات للتصدي لأي تهديدات على الحدود الجنوبية والغربية وداخل المدن. وأعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار في مؤتمر صحافي أمس، اتخاذ إجراءات خاصة بمكاتب الاقتراع القريبة من الجبال الحدودية غرب البلاد، من بينها تعزيز الحماية الأمنية وتقليص ساعات الاقتراع. وأبدى صرصار تخوفه من استهداف العملية الانتخابية خصوصاً بعد شريط مصور هدد فيه تونسيون موالون ل «داعش»، بتنفيذ مزيد من الاعتداءات والاغتيالات. كما تعهد المسؤول الانتخابي، الإعلان عن نتائج الاقتراع بعد 24 ساعة على إغلاق آخر المراكز (في سان فرانسيسكو– كاليفورنيا)، داعياً المتنافسَين إلى «القبول بالنتائج وعدم التشكيك في مصداقية الهيئة والعملية الانتخابية برمتها». واشتد التنافس مع اقتراب يوم الحسم بين المرزوقي والسبسي الذي حصل حزبه على أكبر كتلة نيابية في البرلمان، ويحظى بدعم أحزاب وقوى علمانية، بينما يتمتع الرئيس المنتهية ولايته بتأييد جزء كبير من أنصار حركة «النهضة» الإسلامية وعدد من ناشطي اليسار. ويذكّر المرزوقي بأن منافسه عمل مع نظامين استبداديين بصفة وزير في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ثم رئيساً للبرلمان في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. في المقابل، يتهم السبسي منافسه بأنه «متطرف» وأن من صوّت له في الدورة الأولى هم الإسلاميون وتيار «السلفية الجهادية» الذي تنسب إليه مسؤولية اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية هما محمد البراهمي وشكري بلعيد في عام 2013، إضافة إلى قتل عشرات من عناصر الأمن والجيش منذ عام 2011. ورفض السبسي طلب المرزوقي إجراء مناظرة تلفزيونية بينهما. وقال: «لو تناظرت مع المرزوقي، أخاف أن يسبّ وأنا أسبّ، ورأفةً بنجاح الانتخابات رفضت المناظرة». ويأتي الاستحقاق الرئاسي بعد شهر من انتخابات برلمانية أسفرت عن فوز حزب «نداء تونس» العلماني ب86 مقعداً من أصل 217 في مجلس النواب، في مقابل تراجع حركة «النهضة» الإسلامية الى المركز الثاني ب69 مقعداً.