لم أصدق عيني وأنا أقرأ عنواناً في صحيفة «الغارديان البريطانية»، يصف مباراة مصر والجزائر المقبلة بأنها مباراة الكراهية، ولم أصدق أذني وأنا أسمع بعض كبار المسؤولين في الطرفين وهم يكيلون الاتهامات لبعضهم البعض، فقبل مباراة الجزائر ورواندا خرجت الاتهامات من البعض في مصر تتهم رئيس الاتحاد الجزائري بشراء الحكم لحسم المباراة وتأمين صعود الفريق الجزائري إلى نهائيات كأس العالم، وبعد المباراة نفسها خرجت الاتهامات من البعض في الجانب الجزائري يتهمون فيها رئيس الاتحاد المصري بأنه نجح في شراء الحكم الذي لم يحتسب هدفاً جزائرياً صحيحاً في المنتخب الرواندي، ما رفع من أسهم مصر في المباراة الفاصلة والتي ستقام يوم 14 تشرين الثاني (نوفمبر) في القاهرة. ولم أصدق نفسي وأنا أرى حرب الاتهامات المتبادلة بين جماهير البلدين عبر المواقع والمنتديات والتي وصلت فيها الاتهامات إلى حد لا يطاق ولا يمكن أن يوصف، ولم أصدق نفسي وأنا أرى بعض الصحافيين ينحر الآخر ويسقط في مستنقع العصبية والكراهية، وكأنه يؤكد صدق عنوان صحيفة «الغارديان الإنكليزية». ويبدو أن المباريات العربية تحولت بالفعل إلى معارك، فلم يعد يجدي أن نناشد ونطالب ونصرخ من كل قلوبنا وحناجرنا بأن الموضوع لا يتعدى مباراة لكرة القدم، وستسفر في النهاية عن فائز فنهنئه ونبارك له وخاسر سنتمنى له التوفيق في المستقبل، وهذا ما يحدث في كل المنافسات في العالم إلا في عالمنا العربي، فقد شاهدت بعين رأسي فرنسا وهي تخرج من كأس العالم 94 في ملعبها ووسط جماهيرها أمام بلغاريا في الثانية الأخيرة من اللقاء، ولم يحدث زلزال أو انقلاب، بل على العكس استفادت فرنسا من الدرس ونجحت في الحصول على كأس العالم بعدها بأربع سنوات فقط لا غير. أيضاً شاهدت فشل إنكلترا في التأهل لكأس العالم السابقة بعد تعادلها على ملعبها مع كرواتيا، واليوم أشاهدها وهي أول المتأهلين لكأس العالم 2010 والقائمة طويلة، كما انني لا أنسى يوم أن أقصت مصر الكاميرون من سباق التأهل نحو كأس العالم على ملعبها وبين جماهيرها ولم يكن من لاعبي وجماهير الكاميرون سوى مصافحة وتشجيع المنتخب المصري، لأنه لعب بشرف وأمانة على رغم أنه كان بعيداً تماماً عن المنافسة، ولكن وبكل أسف الوضع يصبح مغايراً تماماً في المباريات العربية العربية، فالتعصب والاتهامات والإعلام المنفعل كلها أمور جاهزة لقلب الطاولة في حال هزيمة أو فوز فريق آخر، على رغم وحدة لغة الضاد ووحدة الدين. ولا أخفيكم سراً أن اللعب في الدول الافريقية أسهل بكثير من المواجهات العربية، لأن المواجهات العربية – العربية وبصراحة شديدة أصبحت تشكل عبئاً على الجميع، فهل يفعلها ولو مرة واحدة الإعلام العربي وينقي الأجواء ويسهم في إيصال الصورة الصحيحة للجميع من أن اللقاء مجرد منافسة رياضية وستنتهي، وأن العلاقات والاخوة هي التي ستبقى في النهاية؟ أم أننا عازمون على خسارة كل شيء. [email protected]