يبحث البرلمان العراقي في إعادة هيكلة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وإيجاد بدائل أخرى عاجلة تشرف على الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤها في 16 كانون الثاني (يناير) العام المقبل. وعلى رغم ان غالبية الكتل السياسية متفقة على عدم حيادية مفوضية الانتخابات ومحاباتها لأحزاب الحكومة في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة، الا انها اختلفت حول كيفية التعاطي معها حالياً، بين من يدعو الى اقالتها بكاملها أو الاكتفاء باقالة رئيسها فرج الحيدري، الذي وصف عملية استجوابه الثلثاء الماضي أمام البرلمان بانها تندرج ضمن «الصراعات السياسية والدعاية الانتخابية». وأكد رئيس اللجنة القانونية في البرلمان بهاء الاعرجي ل»الحياة» ان «مسؤولية مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات تضامنية، ولا يمكن الاكتفاء باقالة أحدهم وترك الآخرين بل يجب اقالة مجلس المفوضين بأجمعه اذا اراد البرلمان ذلك». وقال الاعرجي انه «لا يجوز البحث في مسألة الاقالة إلا بعد مرور اسبوع واحد على موعد الاستجواب، أي لا يستطيع البرلمان اتخاذ أي قرار قبل الاربعاء المقبل». وأضاف ان «أجوبة رئيس المفوضية خلال الاستجواب لم تكن مقنعة، والكرة الآن في ملعب البرلمان، وعليه أتخاذ قراره بشأن مفوضية الانتخابات». بدوره كشف عضو اللجنة القانونية والمسؤول عن استجواب أعضاء المفوضية النائب كريم اليعقوبي ل»الحياة» ان «هناك شبه إجماع في البرلمان على ضرورة اقالة مجلس المفوضين، لكنه يبحث في البديل الذي يتمكن من ادارة الانتخابات المقبلة والاشراف عليها وعدم التأثير على موعدها». وأشار الى ان «هناك حوارات مكثفة بين البرلمان والأمم المتحدة وخبراء دوليين لإيجاد تلك البدائل»، مبيناً ان «البرلمان اكتشف خلال الاستجواب مدى الفوضى التي تعمل بها تلك المفوضية وانها كانت سببا في ضياع اصوات الآلاف من أصوات الناخبين خلال الانتخابات المحلية التي أجريت مطلع العام الحالي». من جانبه استبعد النائب عن «جبهة التوافق» أحمد السليمان اقالة مجلس المفوضين بأجمعه، مرجحاً اقالة رئيس المفوضية فرج الحيدري ورئيس الدائرة الانتخابية قاسم العبودي. وقال السليمان ل»الحياة» ان «هناك صعوبة كبيرة في إيجاد بديل عن المفوضية للاشراف على الانتخابات إذ ان الوقت المتبقي غير كاف». وأضاف ان «مسألة اقالة رئيس المفوضية ورئيس الدائرة الانتخابية وفرض رقابة على المفوضية ووضع ضمانات حتى لا يتم السيطرة عليها من قبل الحكومة واحزاب معينة هو الاقرب للتطبيق»، مشيراً الى انه «ثبت بالدليل القاطع بأن المفوضية مسيسة وتمتلك ارتباطات مشبوهة مع احزاب السلطة»، لكنه أكد ان «قرار حجب الثقة عن مجلس المفوضين بأكمله مطروح بقوة لكن حصول توافقات سياسية من جميع الكتل أمر صعب». من جهته اعتبر رئيس مجلس المفوضية فرج الحيدري ان «الاستجواب جزء من الصراعات السياسية بين الكتل، وان أي مساس بالمفوضية يعني مساساً بالعملية السياسية لانه ينعكس سلباً عليها». وأكد خلال لقائه السفير الياباني في بغداد أول من أمس ان»تلك الاستجوابات لن تنال من عزيمتنا ولن تثنينا عن اجراء الانتخابات في موعدها المقرر». وطالب الحيدري بوقوف المجتمع الدولي بجانب المفوضية، لأن «الانتخابات المقبلة مهمة في تاريخ العراق. فنجاحها يعني خطوة نحو التقدم وفشلها يعني العودة للمربع الاول من الديكتاتورية». وكانت مفوضية الانتخابات أجرت انتخابات داخلية فازت بموجبها عضو مجلس المفوضين حمدية الحسيني بمنصب رئيس الدائرة الانتخابية خلفاً للقاضي قاسم العبودي الذي تحول الى عضو عادي في المفوضية. ووصف المراقبون هذا الاجراء بأنه محاولة من قبل مفوضية الانتخابات لاجراء اصلاحات داخلية للحيلولة دون الاقالة الجماعية من قبل البرلمان وتحميل اشخاص محددين مسؤولية الخروقات التي رافقت انتخابات مجالس المحافظات، التي تتهم غالبية الكتل السياسية مفوضية الانتخابات بأنها «جيرتها لمصلحة ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي». في غضون ذلك، حذر المالكي من»الفشل في اجراء الانتخابات لأنها تعرض الوحدة الوطنية للخطر». وقال في كلمة له أمام شيوخ عشائر محافظة الديوانية ووجهائها التي وصلها أمس: «إذا فشلنا باجراء الانتخابات سنعرض الوحدة الوطنية الى الخطر، وسيعود الارهاب السياسي، ويحاول الاعداء من خلال هذا الباب تخريب العملية السياسية». وأضاف ان «العراق يريد ان يتواصل مع الآخرين على اساس المحبة ولكن لن نسمح بالتدخل في العراق»، موضحاً ان هذا الخطاب «موجه الى كل الدول».