يوم الإثنين الماضي، هدد مجموعة من العقاريين الناس وأرهبوهم، وهم يقصدون الحكومة بالطبع من موجة تضخم جديدة بسبب ضرائب مرتقبة، كما صرح مجموعة من «هواميرهم» لجريدة «الوطن». وجاء في حديثهم أن أي رسوم سيتم فرضها على الأراضي المجمدة سيقومون بتحميلها للمستهلك النهائي، ما سيؤدي إلى تضخم أسعار المنازل والإيجارات.. هكذا نصاً. الأغرب أن الموضوع أيضاً أورد احتمالات التضخم رغم توقعات وزير المال بعدم حدوثه، كما جاء في نص الموضوع الذي كان بالفعل ينم عن جشع معهود، وأمان من العقوبة، واستسخاف هؤلاء العقاريين بعقولنا، وربما بعقول من يدرسون قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء المجمدة داخل النطاقات العمرانية. الرسوم تهدف إلى تشجيع تدوير الأراضي، وخفض أسعارها، وإلى موازنة التطور الحضري والعمراني مع التوسع الأفقي والعمودي للعقارات والمخططات الجديدة، وهؤلاء يظنون أنهم يمسكون كل الأراضي البيضاء بأيديهم، وسيحملون أي رسوم تترتب على ذلك للمستهلك النهائي! من المتعارف عليه أن يلجأ أصحاب المصالح للضغط مع أو ضد أي توجه أو قرار يؤثر في أعمالهم، لكن ذلك يتم بناء على أهداف مشروعة، وبطرق ذكية جداً، لا تستغفل الناس وربما الحكومة، وتشير بعصا التأثير في معيشة الناس ورزقهم وصلاح أمرهم الذين يسعى له مثل هذا القرار. السؤال لهؤلاء: لماذا تجمدون الأراضي البيضاء التي تجاوزها العمران؟ ألم تشتروها أراضي خاماً بأسعار منخفضة وحقق بعضها الضعف؟ ما هو الرقم الذي يكفيكم كنسبة ربح؟ وما هو المدى الزمني الذي تحتاجونه ل «تسقيع» الأرض كما توصف هذه العملية في المحكية المصرية؟ إن فرض الرسوم المعقولة، وفق الضوابط المتوازنة بين مصالح الناس وحاجاتهم سيفيد المواطن والوطن، وهذا القرار لن يمس من لديه قطعة أرض ينتظر قرضها، أو مساحات فردية لا تدخل في التصنيف التجاري، لكن سيؤثر في أصحاب الكيلومترات المجمدة، الذين يهددوننا في عقر دارنا بأن دارنا المملوكة ستصبح حلماً أبعد إذا ما تجرأت الجهة المختصة وفرضت الرسوم عليهم. إن الملف العقاري التائه بين جهات حكومية عدة يحوي بين غلافيه الكثير من المتناقضات، وتاريخاً هو مليء بالقصص والحكايات النادرة، وتلك التي يتندر بها الناس علينا، والحمد لله أن متخذ القرار في هذا البلد الجميل لا ينظر إلا لرفاه المواطن، ويقيس بحكمة مصالح القطاع الخاص، ويعين على تحقيقها، ولن يؤثر فيها «لوبي» يدير حملة إعلامية هنا أو هناك، ويشيع بين البسطاء والعامة أفكاراً مغلوطة يستغلها فيما بعد ليقول لزبائنه إن الحكومة هي السبب في ارتفاع الأسعار وليس طمعي وقلة قدرتي التخطيطية والتنفيذية والتطويرية للقطاع العقاري. [email protected]