تسارعت الترتيبات لعقد جولة جديدة من الحوار بين الأطراف السياسية في ليبيا غداً الثلثاء، وسط سجالات حول أجندته والشخصيات التي ستشارك فيه. وتعقد الجولة الجديدة من الحوار في مدينة غدامس الليبية قرب الحدود مع الجزائر بدعوة من مبعوث الأممالمتحدة برناردينو ليون. في الوقت ذاته، تسعى الأممالمتحدة والحكومة الإيطالية إلى ترتيب لقاء مع «قادة الثوار» في ليبيا، بغية استكشاف آفاق التوصل إلى وقف للنار. وأبلغ «الحياة» أمس، أحمد هدية الناطق باسم «درع الوسطى» (ثوار مصراتة)، أن ليون والمسؤولين الإيطاليين يسعون إلى «عقد لقاء مع كل قادة الثوار»، في ختام حوار غدامس الأسبوع المقبل. وعزا هدية الأمر إلى أن «ليون فهم رسالة مفادها أنه لا بد من استشارة من يملك القوة على الأرض، والذي يستطيع بدء الحرب ووقفها». ووجه الاتحاد الأوروبي «النداء الأخير» إلى أطراف النزاع في ليبيا للقبول بالحوار كحل للصراع الدائر. وقالت كاثرين راي الناطقة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن الاتحاد «يحض الأطراف كافة وفي شكل عاجل على البدء فى الحوار». وشدّدت على ضرورة مساندة تلك الأطراف لجهود ليون في هذه «المرحلة الدقيقة»، و «الابتعاد عن العنف الذي من شأنه نسف جهود التسوية». يأتي ذلك بعد ترحيب وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة وأميركا الذين اجتمعوا في بروكسيل الأسبوع الماضي، بدعوة مبعوث الأممالمتحدة إلى جولة حوار جديدة تحت مسمى «غدامس 2». وأبقى ليون تفاصيل مبادرته طي الكتمان، خصوصاً في ما يتعلق بأجندتها والشخصيات المشاركة فيها. غير أن تقارير تناقلت معلومات عن دعوة 24 من الشخصيات الليبية إلى غدامس، من بينها 4 أعضاء من مجلس النواب (المنعقد في طبرق) و4 من المؤتمر الوطني (البرلمان المنتهية ولايته) وممثلان عن المجلسين المحليين في الزنتان ومصراتة وآخرون مستقلون. وأشارت المعلومات إلى أن ليون اختار شخصياً المدعوين. كذلك أفيد بأن هدف جلسة الحوار غداً، البحث في تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة المرحلة الانتقالية مع تجميد الإعلان الدستوري وإعطاء مجلس النواب المنتخب إجازة، وتكليفه فقط متابعة واستكمال طرح مشروع الدستور على الاستفتاء، وذلك لتجاوز «معضلة الشرعية» الناشئة بعد قرار المحكمة العليا إبطال المجلس، علماً أن ليون ومسؤولين غربيين لا يعتقدون أن حكم المحكمة يؤدي ضرورة إلى إبطال برلمان منتخب حديثاً. كذلك تشمل أجندة الحوار الدعوة إلى وقف فوري لكل العمليات العسكرية، واستهداف من يرفض الدعوة بإجراءات عقابية دولية. وتحفظ أنصار اللواء المتقاعد خليفة حفتر عن هذه الدعوة سلفاً، معتبرين أنها «تضع الجميع على قدم المساواة، ولا تأخذ في الاعتبار الدور الذي يؤديه الجيش في مكافحة الإرهاب». واستنكرت الأوساط ذاتها، فتح حوار موسع يشمل 50 من قادة الميليشيات وشيوخ القبائل، للبحث في وقف النار وترتيبات ميدانية أخرى، ورأت أن ذلك «لا يأخذ في الاعتبار وجود شرعية متمثلة في برلمان وحكومة منتخبة، يعود إليهما وحدهما القرار في هذا الشأن، علماً أن الطرفين الشرعيين يرفضان الحوار مع أطراف إرهابية». ونفى وزير الثقافة السابق عطية الأوجلي ما تردد عن اتفاق مسبق على ترشيحه لرئاسة الحكومة المنبثقة عن الحوار. وقال الأوجلي ل «الحياة»: «هناك اتصالات ومشاورات، لكن تحديد ترشيحات باعتبارها محسومة، هي بمثابة وضع العربة قبل الحصان». وأضاف: «يتعين على المتحاورين الاتفاق أولاً على ترتيبات سياسية وأمنية، ثم يتم تداول أسماء مرشحين لأداء مهمات في المرحلة المقبلة. وتردد أيضاً اسم سليمان الساحلي وزير التعليم السابق مرشحاً محتملاً، لكن تعذر الاتصال به. إلى ذلك، دعا البيان الختامي لمجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا، إلى «مقاربة موحدة» والمزيد من تنسيق الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمة الليبية «للاستفادة من القيمة المضافة» لمختلف الفاعلين الدوليين والمحليين المعنيين بالمسألة الليبية. وفي بيان ختامي صدر بعد اجتماعها الأول في أديس أبابا، أكدت المجموعة أن «على الدول والمنظمات المشاركة في الجهود الحالية العمل على وجه السرعة، على تنسيق جهودها»، داعية الأممالمتحدة إلى «اتخاذ التدابير الضرورية من أجل تسهيل مقاربة ومسار موحدين، بما يعزز آفاق نجاح الحوار الشامل في ليبيا». وأكد المشاركون عدم إمكان حل المشكلة في ليبيا عسكرياً، ودعوا إلى «وقف فوري وغير مشروط للمعارك» مدينين بشدة «كل التدخلات الأجنبية التي تفاقم الموقف على الأرض وتدفع إلى تقوية الاستقطاب في الساحة السياسية والاجتماعية». وحذر البيان من تنامي «التهديدات التي تمثلها المجموعات الإرهابية والإجرامية التي وجد بعضها، بمن في ذلك عناصر أجنبية، ملجأ في مناطق من ليبيا».