شهد الحوار الذي دعت اليه الأممالمتحدة اطراف الصراع الليبي، انطلاقة «متعثرة» في مدينة غدامس امس، بعد رفع قيادات «فجر ليبيا» التي تسيطر وحلفاؤها الأسلاميون على العاصمة طرابلس، سقف مطالبها، رافضة الاعتراف بشرعية مجلس النواب المنتخب حديثاً والذي يعقد جلساته في مدينة طبرق (شرق). وأجتمع في غدامس المحاذية للحدود مع الجزائر، وفد نيابي يمثل البرلمان الذي يعقد جلساته في طبرق، مع عدد من النواب المقاطعين له، بحضور رئيس بعثة الأممالمتحدة في ليبيا برناردينو ليون والموفد البريطاني جوناثان باول وممثلين عن دول اوروبية. (للمزيد) وهدف اجتماع غدامس الى اجراء «مفاوضات تمهيدية للمصالحة بين الأطراف الليبية»، كما صرح في ابو ظبي امس، المبعوث الإيطالي الخاص الى ليبيا غيوسي بوتشينو غريمالدي الذي أكد تنسيق بلاده مع دولة الإماراتوالجزائر، لإطلاق «جلسات للحوار المباشر» بين الأطراف الليبية في العاصمة الجزائرية خلال استضافتها اجتماعاً لدول الجوار الليبي في اوائل تشرين الأول (اكتوبر) المقبل. واجتمع الوفد الممثل للبرلمان والذي ضمّ محمد شعيب النائب الأول لرئيسه و15 نائباً، مع عدد من نواب مصراتة ومدن أخرى مقاطعين لجلساته. وعلمت «الحياة» ان المناقشات تناولت سبل انهاء مقاطعة اعمال البرلمان وسحب المسلحين من طرابلس لتمكين حكومة عبدالله الثني من استرداد المقار الرسمية في العاصمة. واتفق المجتمعون على استكمال المحادثات الأسبوع المقبل. لكن انعقاد جلسة الحوار التمهيدي في غدامس امس، ابرز تناقضات حادة بين النواب المقاطعين للبرلمان، وتجسد ذلك في غياب ثلاثة من ابرز القيادات المناهضة للبرلمان: عبد الرحمن السويحلي وعلي بوزعكوك وعبد الرؤوف المناعي. ترافق ذلك مع مواقف تصعيدية من جانب قياديين آخرين في «فجر ليبيا» ابدوا رفضهم الحوار مع البرلمان، واتهموه بتصنيفهم ب «الإرهابيين» واستدعاء تدخل خارجي ضدهم. وفي توضيح لموقف قيادات «فجر ليبيا»، قال ل «الحياة» السويحلي النائب عن مصراتة ورئيس «الاتحاد من اجل الوطن»، ان «الصراع كبير والحوار بشأنه يجب ان يعد اعداداً جيداً». وأضاف: «لا يمكننا التحاور مع من وصفونا بالإرهاب والذين ننتظر ان يفصل القضاء بيننا وبينهم». وأضاف ان «أي وثيقة توقّع في غدامس لن تكون ملزمة لأحد، لأن الوفد الذي ذهب الى هناك لا يمثل فجر ليبيا». ورأى ان «مجلس النواب المنعقد في طبرق فاقد للشرعية، ليس لأننا نشكك في انتخابه، بل لأنه اصدر قرارات اعتبرها الناخبون خيانة». ودعا السويحلي الى «الاحتكام الى الشعب، مصدر الشرعية، وإجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة انتقالية». وتضاربت الآراء في ليبيا امس، حول جدوى حوار لا تشارك فيه القيادات الفاعلة على الأرض، فيما رأى موالون لبرلمان طبرق ان فشل الحوار يثبت ان «الحل مع التشكيلات العسكرية الخارجة عن سيطرة الدولة، لا يكون الا بمساعدة من الدول الصديقة وتعزيز امكانات القوات الموالية للشرعية لتمكينها من استرداد العاصمة ومدينة بنغازي (شرق) من قبضة المتشددين». في المقابل، رحب نواب مقاطعون للبرلمان ويوصفون بالمعتدلين، بانطلاق الحوار في غدامس. وقال ل «الحياة» النائب عن سوق الجمعة (طرابلس) مصطفى ابو شاقور: «اتمنى أن يصل الحوار الى حل اصلاحي لتجاوز الإشكال الذي يعاني منه البرلمان بعد قرارات صدرت عنه هيّجت الشارع». ورأى ان أحد الحلول هي «التوصل الى اتفاق على مقر آخر للبرلمان» غير طبرق التي ابدى مقاطعون تحفظهم عن انعقاد مجلس النواب فيها بعد اتفاق على ان يكون مقره في بنغازي. وقال ل «الحياة» النائب عن مصراتة فتحي باشاغا قبل توجهه الى غدامس، ان الحوار «خطوة جيدة في سبيل تحقيق توافق يخرج ليبيا من أزمتها المتفاقمة بسبب اعتماد مبدأ المغالبة الذي لن يقود الا الى مزيد من المشاكل».