لم يكد يمر يومان على نتائج الانتخابات النيابية العامة في ألمانيا حتى طالب جناح اليسار في الحزب الاشتراكي الديموقراطي بتغيير القيادات العليا وتعديل المسار السياسي للحزب بعد الهزيمة النكراء التي أصيب بها. وفي المقابل بدأ النزاع المتوقع بين الحليفين الفائزين: الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الحر، حول محتوى البرنامج الحكومي المقبل، ومطالبة الليبيراليين بإعادة النظر في العديد من القرارات الحكومية السابقة التي يصفونها ب «الاشتراكية». ونفت المستشارة أنغيلا مركل أن يكون الاتحاد المسيحي الذي تتزعمه يستعد لتغيير سياسته الاجتماعية المتوازنة، فيما سعت من خلال تصريحات عدة أمس، إلى تهدئة مخاوف القلقين من مطالبة شريكها الليبيرالي بالعودة عن العديد من القرارات التي اتخذتها حكومتها المسيحية - الاشتراكية، وتشمل ضمان الرعاية الصحية والحماية من التسريح التعسفي والتقشف المالي. وبعدما وعدت بألا تتخذ حكومتها المقبلة قرارات تضر بمصالح الفئات العاملة والشعبية، قالت مركل: «لا نية لدي لمراجعة كل القرارات التي اتخذت خلال السنوات الأربع الماضية أو التفكير بإعادة البحث في هذا أو ذاك منها»، مضيفة أنها تقبل بفكرة تطوير القرارات لا إعادة النظر فيها. وأكدت أنها أعلنت باستمرار معارضتها خفض الحماية من التسريح التعسفي، مشيرة إلى أنها ستضمن شخصياً بأن توازن حكومتها الجديدة بين العامل الاقتصادي والعامل الاجتماعي في البلاد. وأبدت ثقتها بإقناع الليبيراليين بصحة إنشاء الصندوق الصحي. لكن الأمين العام للحزب الليبيرالي الحر ديرك نيبل، قال إن حزبه «حصل على سند شعبي كبير لرفض الصندوق الصحي» الذي وصفه ب «مؤسسة بيروقراطية». وأكد نيبل أن الأمر سيكون موضع نقاش وجدل شديدين في مفاوضات تشكيل الحكومة، ملاحظاً أن إلغاء الصندوق «لن يشكل أي خسارة اجتماعية للمواطنين». وعلى رغم تحذير خبراء من زيادة العجز المالي للدولة أعلن المسؤول الليبيرالي أن حزبه مصر على خفض الضرائب على خطوات، لإفادة العائلات وأصحاب الدخل المحدود. إلى ذلك طالب ممثلو جناح اليسار في الحزب الاشتراكي رئيسه فرانتس مونتيفيرينغ ب «ترك» منصبه والعمل على تجديد القيادة الحالية وتعديل البرنامج السياسي. كما دعوا إلى مراجعة أخطاء الماضي وبينها «روزنامة 2010» التي أقرت في عهد المستشار الاشتراكي السابق غيرهارد شرودر وحزب الخضر ودفع ثمنها الاشتراكيون غالياً في الانتخابات الأخيرة من خلال انفراط عقد قسم كبير من ناخبيهم التقليديين عنهم. وذهب فرع الحزب في ولاية برلين خطوة أكبر فطالب الرئيس الاتحادي مونتيفيرينغ ونائبيه: مرشح الحزب وزير الخارجية الخاسر فرانك فالتر شتاينماير ووزير المال بيير شتاينبروك، بالاستقالة وترك المجال لعناصر شابة كثيرة في الحزب. ودعا رئيس حكومة ولاية برلين الاشتراكي كلاوس فوفرايت حزبه الى التوقف عن نهج تحريم التعاون مع حزب اليسار والتعامل معه كما مع أي حزب آخر، الأمر الذي طالب به أيضاً الرئيس السابق للحزب هانس يوخن فوغل، لكنه حذر من دعوات الى تغيير القيادة.