طوال 27 عاماً بقي علي الجاسر مخلصاً لهوايته القديمة في النحت على الخشب، ولعل تخصصه الجامعي في التربية الفنية ساعده في اكتشاف مهارته وصقلها، حتى باتت منحوتاته مقصداً لشخصيات سعودية وخليجية وعربية بارزة، يتصدرهم ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز. وبلغة العاشق المتيم بمحبوبته، يتحدث علي بن حمد الجاسر ل «الحياة» ولزوار معرضه في جناح منطقة القصيم التراثية في مهرجان الجنادرية، عن منحوتاته، مبرزاً جوانب الجمال والإبداع في هوايته التي تسمى أيضاً فن التصوير ثلاثي الأبعاد. ويروي أن أعوامه ال27 في أعمال «النحت» على الأخشاب بدأت بالتزامن مع دراسته البكالوريوس في التربية الفنية، فيما استمرت حتى بعد تعيينه معلماً منذ أكثر من ربع قرن. وتعتمد أعمال الجاسر، الذي يشارك هذا العام للمرة الأولى في مهرجان الجنادرية، على نحت الأخشاب لتخرج بصورة ثلاثية الأبعاد، إذ يرسمها بيده مستخدماً المطرقة والمسمار، لتبدو فاتنة تسر الناظرين. وعلى رغم إدراكه أن المجتمع لا يقدر غالباً حجم الإبداع في أعماله ومنحوتاته، إلا أنه مؤمن بأن لفنه عشاقاً مخلصين، إذ يفتخر بأن أحد مقتني منحوتاته هو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، لذا يحرص على إبراز قائمة بأسماء زبائنه ومناصبهم عند مدخل معرضه. ولا يخفي الجاسر قلقه البالغ من أعداء المنحوتات الذين يسعون إلى تكسير أعماله، لذا فإن بعض منحوتاته مخبأ وليس للعرض. ولا يبدو النحت على الخشب عملاً سهلاً، إذ إن العمل على بعض المنحوتات يستمر نحو عامين من العمل المتواصل، وهو ما يبرر وصول قيمة بعض أعماله إلى أكثر من 100 ألف ريال. وعلى أن أبناء الجاسر المنحدر من بلدة الأسياح في القصيم، من بين الفئات التي لا يستهويهم ما يصنعه والدهم، إلا أن هذا التحدي العائلي لم يؤثر في مسيرته أو يقلل من حماسته، بل يبرر لهم مشاعرهم بابتسامة وهو يقول: «أخذت الألعاب الإلكترونية وغيرها غالب جهدهم». ولأن الجاسر يحب مهنته بصدق، فإنه يشعر معها بالأمان، لاسيما وهو مؤمن بأن صنعة في اليد أمان من الفقر، فضلاً عن أن هواية النحت لا تكلف الكثير من المال. ويبرز في معرض الجاسر في الجنادرية أحد أعماله المنحوتة على شكل رفوف للكتب، المجوفة من الداخل لتحوي العديد من أغراض المنزل. وتأخذ المنحوتة شكل المكتبة، لأن بعض السعوديين يهوى شراء الكتب لمجرد تجميعها على الرفوف، وهو سلوك ألهم الجاسر فكرة المكتبة الخشبية التي يخيل لمن يراها أنها مجموعة من الكتب، لكنها في الحقيقة مجرد أبواب مجوفة من الداخل لتحوي أغراض المنزل الأخرى، فهي جمعت بين الشكل والمضمون.