يتزايد خطر المسلّحين في السلسلة الشرقية لجبال لبنان الحدودية مع منطقة القلمون السورية، فبعد سقوط 6 شهداء وجريح للجيش اللبناني في مكمن نصبته عناصر إرهابية مسلّحة أول من أمس في جرود رأس بعلبك، سقط صباح أمس شهيدٌ آخر من فوج الهندسة وأُصيب اثنان من زملائه خلال عملية تفكيك عبوة ناسفة على طريق ترابية بين محلة وادي عين عطا ووادي الرعيان في جرود عرسال كان زرعها المسلّحون. ونعت قيادة الجيش-مديرية التّوجيه شهيد أمس «المعاون محمود نور الدين من كفرمان - النبطية»، في وقت ساد الهدوء الحذر منطقة جرود رأس بعلبك ومنطقة تنية الرأس الذي خرقته بعض اصوات الطلقات المدفعية من مواقع الجيش باتّجاه الجرود المتقدّمة التي توارى فيها المسلحون بعد تنفيذ مكمنهم أول من أمس في وادي النجاصة وهو الممر الإجباري للجيش باتجاه مواقعه في الجرود. وشدد الجيش إجراءاته الأمنية على حواجزه المنتشرة على طول اوتوستراد بعلبك باتجاه الحدود السورية وعزز وجوده في جرود المنطقة وسيّر دورياته في منطقة بعلبك ورأس بعلبك وعرسال، وتعقّب المسلّحين في الجرود من حين إلى آخر. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الجيش اوقف في جرود رأس بعلبك اكثر من 40 شخصاً بين لبناني وسوري، للتحقيق معهم. وقال رئيس بلدية رأس بعلبك هشام العرجة إن «أولاد رأس بعلبك بالهم مطمئن لأن الجيش يغطي كل حدود رأس بعلبك ولم نترك أرضنا بل على العكس كلهم يقفون إلى جانب الجيش». وعُقد في دار بلدية بعلبك اجتماع ضم رئيس بلدية بعلبك حمد حسن وفعاليات. وقرر المجتمعون «عقد لقاء موسع يضم الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والاهلية مع محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر لبحث الاجراءات كافة التي تعيد الامن والاستقرار الى المدينة بعد حال الفلتان والفوضى». ودعا المجتمعون «القوى الامنية والمدنية الى تحمل مسؤولياتها حيال الوضع الامني المتفلت واتخاذ اجراءات عملانية حيال ذلك». وقطع هالي عكار الطريق الرئيسية حلبا - الكويخات عند مفترق بلدة كوشا لبعض الوقت تضامنا مع الجيش واستنكاراً للاعتداءات التي طاولته. تشييع شهداء الجيش وخرجت من مستشفى «دار الأمل» الجامعي في بعلبك مواكب تشييع العسكريين الذين استشهدوا في كمين اول من امس: المجند محمد سليم من بوداي (بعلبك)، الرقيب علي يزبك من حوش الرافقة (بعلبك)، والجندي مشهد شرف الدين من علي النهري (زحلة) بمواكبة شعبية. وفي تشييع يزبك شارك ممثل وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي العقيد خالد زيدان الذي قال ان «المؤسسة العسكرية التي تقدم التضحيات دفاعاً عن لبنان تضع نصب عينيها قرار الاستمرار في مواجهة الارهاب حتى النهاية». وشُيّع كل شهيد في مسقط رأسه في البقاع على وقع موسيقى الجيش ولحن الموتى. كما شُيِّع الجندي علي محمد في مسقط رأسه حبشيث في عكار، وكان في استقباله حشد من أبناء المنطقة الذين استقبلوه بنثر الورود وإطلاق الرصاص وصيحات منددة بالإرهاب. ومرّ نعشه الذي لُفّ بالعلم اللبناني من امام منزله. وتزامناً، عبر موكب الجندي ربيع هدى بلدة القبيات في اتجاه بلدته عيات. ونظم اهالي القبيات استقبالاً حاشداً له وحُمل نعشه على الراحات بمشاركة فاعليات البلدة وكهنة، وسط قرع أجراس الكنائس حداداً. وشيّع الجندي محمد سليمان في جبل محسن. ودعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري في «لقاء الأربعاء النيابي»، اللبنانيين إلى «الالتفاف حول الجيش في المعركة ضد الارهاب»، مؤكداً أن «ما يقوم به اليوم يشكِّل حلقة مهمة في حماية الوطن وتأمين استقراره ومناعته». ونقل النواب عن بري إدانته ب «شدة ما يتعرّض له الجيش من اعتداءات على يد المجموعات الارهابية»، مشدداً «مرة أخرى على وجوب دعم المؤسسة العسكرية بكل ما يلزم، وتعزيزها وتزويدها السلاح والعتاد». ونقل النواب عن بري أيضاً ان «السير نحو الحوار الذي سعى اليه بين «حزب الله» والمستقبل هو بخير، وأن الامور سائرة في خطواتها التمهيدية للبدء به». واتّصل زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري بقائد الجيش العماد جان قهوجي معزّياً «باستشهاد العسكريين الذين سقطوا بالكمين الغادر والتفجير الذي نفذته التنظيمات الارهابية في رأس بعلبك وجرود عرسال». وأكّد «ثبات دعمه للجيش والقوى الامنية الشرعية في مهماتها لمواجهة الارهاب مهما غلت التّضحيات». ولفت وزير العدل أشرف ريفي في بيان إلى أنه «مرة جديدة يسقط للجيش شهداء كبار دفاعاً عن سيادة لبنان وأمنه وحدوده في مواجهة الفوضى والارهاب الناتجين من إقحام لبنان في أزمة سورية التي لا طاقة له على تحملها». وقال: «نرحب بأية مساعدة دولية لهذه المؤسسات، ضماناً لضبط الحدود بحيث يتم منع كل المسلحين وبالاتجاهين من اختراقها وانتهاك السيادة اللبنانية والقرارات الدولية ذات الصلة، وأبرزها القرار 1701 الذي يتيح للبنان الاستعانة بقوات الاممالمتحدة، لضبط حدوده وحفظ استقراره». ووجهت وزيرة المهجرين أليس شبطيني برقية تعزية الى قائد الجيش وقيادته. وقالت: «نشدّ على أيديكم متضامنين معكم في هذه المواجهة البطولية التي يقوم بها الجيش بقيادتكم الحكيمة والشجاعة، للحفاظ على مسيرة السلم الاهلي وقطع دابر الارهاب ومكافحته». وكان رئيس الحكومة تمام سلام اتّصل من بروكسيل بقهوجي معزياً بشهداء الجيش، متمنياً الشفاء العاجل للجرحى. وأعرب سلام عن «التضامن الكامل مع الجيش في خسارته هذه»، مؤكداً «وقوف جميع اللبنانيين خلف الجيش في معركته مع الإرهاب». وشدد رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان بعد لقائه بري على «ضرورة أن يحاط الجيش بكل دعم من دون قيود أو شروط، من أي كان من اللبنانيين لأنه حامي الوحدة الوطنية وأمن البلد، بالتنسيق مع المقاومة والقوى اللبنانية عموماً». إدانة دولية وأميركية إلى ذلك، دان المنسِّق الخاص للأمم المتحدة لدى لبنان ديريك بلامبلي بشدة «الاعتداء الذي وقع بالأمس (أول من أمس) على دورية للجيش في رأس بعلبك والذي أدى الى استشهاد ستة جنود وجرح آخر». وعبّر عن تعازيه لعائلات الشهداء وللشعب اللبناني وحكومته. وأشاد «بتصميم الجيش اللبناني وتفانيه في جهوده للحفاظ على الأمن والاستقرار، وبتضحياته من أجل حماية لبنان». وجدد «عمق التزام الأممالمتحدة والمجتمع الدولي دعم الجيش». وكانت نائب الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية ماري هارف أعربت عن «إدانة بلادها الهجوم الذي تعرضت له دورية للجيش اللبناني». وجددت هارف «التزام الولاياتالمتحدة دعم قوات الامن اللبنانية في جهودها لضمان أمن لبنان سيادته وحربها ضد الارهاب».