في مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي علّقت الولاياتالمتحدة الأميركية غالبية المساعدات العسكرية لمصر، بعد أسابيع من الإطاحة بحكم «الإخوان المسلمون» الفصيل المدعوم أميركياً، تعبيراً عن حال الفتور التي أصابت العلاقات الأميركية - المصرية. الدب الروسي لم يضيع هذه الفرصة المهمة فقام وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان سيرغي لافروف وسيرغي شويغو بزيارة للقاهرة، التقيا خلالها نظيريهما عبدالفتاح السيسي ونبيل فهمي، فيما عرف بصيغة (2+2) وكان اللقاء في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. اليوم يرد وزيرا الخارجية والدفاع المصريان الزيارة إلى نظيريهما في موسكو. الإعلام الروسي تناول زيارة المشير السيسي بترحاب جم، وشبهته بزيارة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في 4 تموز (يوليو) 1968التي تلت الفتور بين عبدالناصر والغرب. الصحافة الصينية تناولت الزيارة باهتمام كبير، إذ أشارت «جلوبال تايمز» الصينية التي تصدر بالإنكليزية إلى أن أحد الأهداف الرئيسة للزيارة، هو التوقيع على اتفاق بقيمة بليوني دولار أميركي لشراء أسلحة متطورة، ومنها مقاتلات من طراز (ميج - 29). بوتين استقبل المشير السيسي بحفاوة مبالغ فيها في الكرملين، وقال إن قرار الترشح لمنصب الرئاسة صعب جداً، لأنه يضع على عاتق السيسي المسؤولية الكاملة عن مصير الشعب المصري، ثم أعرب عن تمنياته بالنجاح، باسمه شخصياً وباسم الشعب الروسي، وهو ما أغضب الأميركيين واعتبروا السيسي مرشحاً روسيا، وهو ما دفع المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف إلى القول: «بالتأكيد، نحن لا ندعم مرشحاً، ولا أعتقد بكل صراحة أنه يعود للولايات المتحدة أو لبوتين أن يقررا بشأن من سيحكم مصر. القرار يعود للشعب المصري». الغضب الأميركي من روسيا عبّر عنه أوباما أيضاً خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بمعية الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، معتبراً أن ليس النظام السوري فقط مسؤولاً عن عدم وصول المساعدات إلى المدنيين، بل الروس كذلك، إذا منعوا مرور قرار المساعدات الإنسانية لسورية في مجلس الأمن، ويهدف المشروع إلى زيادة المساعدة لسورية، إلا أن روسيا سارعت إلى انتقاده قائلةً إنه لا يؤدي إلى شيء إيجابي، واصفة إياه بأنه منفصل عن الواقع. المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي أوضح أن زيارة السيسي وفهمي لموسكو «ستكون استئنافاً للتعاون وترسيخاً لمبدأ تنويع البدائل والانفتاح على الجميع، لكنها لا تعد استبدالاً للأطراف الأخرى». في محاولة لعدم إحراق السفن مع أميركا ولأن العالم اليوم لا يعيش في الستينات. السعودية الدولة الأقوى عربياً اليوم، ويمثل تقاربها مع مصر مجدداً أكبر مصادر إزعاج لأميركا، تتجه أيضاً إلى تنويع تحالفاتها والهجرة إلى الشرق. فنائب وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن سلطان عاد للتو من زيارة لباكستان، وكذلك فعل وزير الخارجية السعودي، كما أن ولي العهد ووزير الدفاع الأمير سلمان يتجه في جولة إلى اليابان والهند وباكستان، وزيارة مهمة للصين لم تتأكد بعد، وهذه الزيارات تأتي قبيل زيارة أوباما للرياض الشهر المقبل. إذاً تبدو المنطقة في فترة انتقالات شتوية تغيّر في مسار التحالفات التقليدية. بدأتها أميركا عبر سعيها لجلب «الإخوان» لحكم تونس ومصر وليبيا، كحركة شعبية ومناهضة لدول الخليج، ثم ضغطها لفدرلة العراق وتقسيم اليمن وقبلها السودان، وربما سورية على طريق التقسيم، بعد فشل «جنيف 2» في تقديم حد أدنى من الإنجاز عبر تقديم حل إنساني للمدنيين، وما الود المقدم لإيران أميركياً وأوروبياً إلا محاولة لإخراجها من الحظيرة الصينية الروسية. تغيير التحالفات ليس خيراً كله، وسيكون أثره جلياً في مصر، فروسيا ليست جمعية خيرية، دعمها لمصر سيكون نافعاً لمصر في تجاوز المرحلة الصعبة اليوم، خصوصاً التهديدات الأمنية من ليبيا، إذ فوضى السلاح والحدود المهلهلة، ولكن روسيا تهدف أيضاً إلى العودة للمنطقة من الباب الكبير، وهو ما يدفع للخشية من أن العطاء الكبير لمصر سيكون غالباً في مقابل ثمن مصري في سورية. [email protected] Altrairi@