لا يتوقف الفنان اللبناني ريان ثابت عن البحث في ما هو سياسي - اجتماعي يمكن أن يقدّم من خلاله رؤية فنية معاصرة. التقسيم السياسي والجغرافي للبحر الميت، كان عمله الذي قدّمه كفنان مقيم في دارة الفنون في مؤسسة خالد شومان في عمّان، ضمن معرض حواري لمناسبة مرور 25 سنة على تأسيس الدارة. معلوم أن البحر الميت تعرّض للتقسيم إلى ثلاثة أجزاء بسبب الاحتلال الإسرائيلي. ففي عام 1944 رسمت الحكومة البريطانية خريطة المنطقة، وصادقت عليها عام 1949 بشكلها النهائي الأممالمتحدة. ويقول ثابت: «البحر الميت قسم إلى ثلاثة أجزاء نتيجة قرار سياسي، وبالتالي قسمت شعوب المنطقة، وهي خريطة سياسية لها دلالات اقتصادية واجتماعية، كما أصبحت لها دلالات شكلية». يرصد العمل الفني المكوّن من طين بحر الميت، والمعروض داخل مختبر دارة الفنون بحجمه الكبير، الفكرة التي بحث فيها ثابت الذي يوضح: «عملت على دلالات التقسيم السياسي لأرى كيف يكون هذا الاختبار. أخذت قطعة من البحر الميت، وجزءاً من فلسطين وجزءاً من الأردن وجزءاً من إسرائيل، فتبين أن أكثر نقطة انخفاضاً في البحر كانت في الجزء الأردني، وهو الوحيد الذي يرتكز على نفسه، فيما الجزءان الآخران بلا قاعدة، وقصصت البحر الميت حسب قرار التقسيم». أراد الفنان اللبناني الشاب اختبار نتيجة القرارات السياسية وكيف يمكنها أن تحول الأشكال. ولفتت مساحة العرض التي احتلّها العمل الفني «البحر الميت وأجزاءه الثلاثة»، الانتباه من خلال قوة الفكرة وطريقة إنجاز العمل الذي بدا كأنه عمل نحتي يناقش فضاء لم يعتده المتلقي، فالعمل فكرة صادمة وجديدة تخلط الفني بالسياسي والاجتماعي والنتائج الاقتصادية التي أصبحت أمراً واقعاً على شعوب المنطقة. تحاكي أعمال ثابت القرارات السياسية وتأثيرها على واقع الناس، لكنها في نهاية الأمر تبقى أعمالاً فنية تقترح مناقشة الواقع الإنساني العربي. وأنجز الفنان اللبناني سابقاً عملاً فنياً هو عبارة عن خط أنابيب النفط ما بين الظهران وحيفا، وكيف تحول في ما بعد بسبب الاحتلال الإسرائيلي إلى بيروت مروراً بالأردن وسورية، ثم انتهى به المطاف إلى أن يتحول عبر البحر ليصل إلى أوروبا. وفي الاحتفالية ذاتها، عرض آخر للفنان هو عبارة عن حقائب إسمنتية كانت جزءاً من ذكريات الطفولة، وضع فيها أشياء تعني له ولماضيه وللناس، ويمكن للمتلقي أن يتابعها وهو يتجول في محترفات الدارة التي تضم أعمالاً أخرى مشاركة لفنانين من جنوب العالم.