في الوقت الذي تسعى إسرائيل إلى إقناع الحكومات الأوروبية بالتحرك ضد منظمات أو شركات اقتصادية في أراضيها تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، شهدت الكنيست الإسرائيلية أمس تلاسناً بين رئيس الاتحاد الأوروبي مارتين شولتس ونواب حزب المستوطنين «البيت اليهودي» الذين غادروا قاعة الكنيست لدى إلقاء شولتس كلمته احتجاجاً على ما وصفوه ب «الدعاية الكاذبة» التي يبثها حول «تمييز ضد الفلسطينيين في كميات المياه المخصصة لهم والحصار على قطاع غزة». ورغم إعلان شولتس وقوفه إلى جانب إسرائيل ضد مقاطعتها، إلا أن حزب المستوطنين، مدعوماً بأصوات أخرى من معسكر اليمين، لم يتردد في شن هجوم منفلت عليه واتهامه بالتضليل. وكان شولتس الذي استبق زيارته لكل من تل أبيب ورام الله بتصريح أعلن فيه معارضته أية مقاطعة على إسرائيل، بدأ خطابه بالتنديد بأفعال النظام النازي بحق اليهود في اوروبا، معتبراً إياها الدافع لدخوله المعترك السياسي، مضيفاً أنه يحني هامته أمام الذين قتلوا في «المحرقة» وأنه كألماني يتولى منصباً رسمياً دولياً يرى أن من واجبه «الالتزام والقسم بأن لا تتكرر مثل تلك الأفعال»، مؤكداً معارضته امتلاك ايران سلاحاً نووياً أو فرض مقاطعة اقتصادية على إسرائيل، ملتزماً «وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب إسرائيل». وأردف يقول إنه من حق الفلسطينيين أن «يعيشوا بسلام وينعموا بحرية الحركة من دون قيود». وأضاف متسائلاً: «سألني شاب فلسطيني لماذا يجوز للإسرائيلي أن يستهلك 70 كوب ماء بينما للفلسطيني 17 كوباً فقط؟ أنا لم أفحص الحقائق، لكنني أسألكم إذا ما كان الأمر صحيحاً». وتابع يقول إن الهدف هو حل الصراع على أساس دولتين للشعبين، «أما بالنسبة للمستوطنات فمعروفٌ لكم موقف البرلمان الأوروبي الذي انتقد تشجيع البناء في المستوطنات، وأعتقد أن الاستيطان هو حجر عثرة في الطريق إلى الحل». وتابع أن العقبة الأخرى تتمثل في مواصلة الحصار على قطاع غزة «الذي يخنقه اقتصادياً ويولّد اليأس ويوفر الأرضية للمتطرفين». وأغاظ هذا الكلام نواب «البيت اليهودي»، وفي غالبيتهم من المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، فصاح أحدهم: «هذا عيب. إنك تدعم من يحرض على قتل اليهود»، ثم غادر وزملاؤه النواب ووزراء الحزب قاعة الكنيست بشكل تظاهري احتجاجاً على أقوال شولتس. وأصدر «البيت اليهودي» بياناً جاء فيه أن أعضاء الكتلة خرجوا أثناء خطاب رئيس البرلمان الأوروبي «احتجاجاً على كذبه باللغة الألمانية بشأن النقص في المياه للفلسطينيين والحصار على القطاع». وتابع البيان أن رئيس الحزب الوزير بينيت يعتبر هذا الكلام خطيراً للغاية، وأن حزبه يطالب رئيس الاتحاد الأوروبي بالاعتذار لإسرائيل «على الكذبتين في خطابه، اللتين زوده الفلسطينيون بهما». ورأى بينيت ان «السكوت على الدعاية الكاذبة يعني منح الشرعية لنشاط مناوئ لمواطني إسرائيل». وأضاف في صفحته على الفايسبوك: «مؤسف أن أحداً منا لم يصحح لرئيس الاتحاد الأوروبي. لن نقبل بالوعظ الكاذب من أحد ضد الشعب الإسرائيلي وفي الكنيست الإسرائيلية، وتحديداً ليس باللغة الألمانية». وبينما لقي تصرف نواب «البيت اليهودي» التأييد من نظرائهم من اليمين، استنكر نواب من حزب «العمل» المعارض سلوك نظرائهم من «البيت اليهودي» ودعوا رئيس الكنيست إلى دعوتهم إلى لجنة سلوكية لتوبيخهم، مشيرين إلى أن سلوكهم هذا لا يخدم إسرائيل ومكانتها الدولية. ويأتي هذا الخلاف في عز محاولات إسرائيلية لإقناع حكومات أوروبية بتشريع قوانين تحرم على مؤسسات وشركات في أراضيها إعلان مقاطعة إسرائيل اقتصادياً. وطبقاً لوسائل الإعلام العبرية فإن أقطاب الحكومة استغلوا زيارة شولتس إلى تل أبيب لحضه على أن يكون رأس الحربة في تشجيع الحكومات الأوروبية على تشريع قوانين لمنع المقاطعة. ونقلت صحيفة «معاريف» عن شولتس قوله عشية وصوله إلى تل أبيب إن «الاتحاد الأوروبي لم ولن يلجأ إلى فرض أية مقاطعة اقتصادية لإسرائيل» لكنه لم يستبعد أن تقدم دول ليست أعضاء في الاتحاد مثل النروج على مثل هذه الخطوة، مضيفاً أنه «يجب منح وزير الخارجية الأميركي جون كيري فرصة مواصلة جهوده لحل الصراع، وأن الاتحاد ألأوروبي لن يتدخل في هذه المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية».