توقعت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن يصدر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم بيان تنديد شديد اللهجة بإسرائيل على مواصلة نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، خصوصاً في أعقاب قرار الحكومة قبل أسبوعين إضفاء الشرعية على ثلاث بؤر استيطانية. وتفادت هيئة وزارية عليا تشريع قانون لتبييض مبان استيطانية أقيمت على أراض فلسطينية خاصة، تحسباً لتعريض أركان الحكومة للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بارتكاب «جرائم حرب». وسيدعو البيان الأوروبي الحكومة الإسرائيلية أيضاً إلى التنديد بأعمال العنف التي يرتكبها مستوطنون ضد فلسطينيين، وإلى معالجة المشكلة بجدية أكبر وتقديم المعتدين إلى المحاكمة. كما سيدعو إسرائيل إلى إزالة القيود على الفلسطينيين في بناء منازل وإقامة مشاريع اقتصادية في المنطقة المعروفة بالمنطقة «سي» في الضفة الغربية والتي تسيطر عليها إسرائيل مدنياً وعسكرياً وتضم أكثر من 50 في المئة من أراضيها. وفي هذا الصدد، دعا الاتحاد إسرائيل إلى تمكينه من مساعدة الفلسطينيين في إقامة بنى تحتية ومشاريع اقتصادية، والامتناع عن هدم منازل كما فعلت في الأشهر الأخيرة. وتابعت الصحيفة أن بيان التنديد سيكون «غير عادي في حدته»، إذ يمتد على ثلاث صفحات تتضمن تفصيلات دقيقة عن النشاطات الاستيطانية في الضفة في الأشهر الأخيرة. ونقلت عن ديبلوماسي أوروبي اطلع على مسودة البيان قوله إن وزراء خارجية دول الاتحاد سينددون بمواصلة توسيع المستوطنات في الضفة والقدسالشرقية، خصوصاً إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية «بروخين» و«رحليم» و«سنسانا». وأشارت الصحيفة إلى أن وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين أشتون هي التي بادرت إلى إصدار البيان، ولقيت الدعم الكامل من وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وقال مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية للصحيفة إن إسرائيل عملت في الأسبوعين الأخيرين، خصوصاً عبر سفرائها في أنحاء أوروبا، على إحباط إصدار البيان، لكن جهودها لم تحقق نجاحاً. كما لجأت إلى الولاياتالمتحدة وبعض الدول الأوروبية الصديقة لتسعى لدى الاتحاد لتخفيف لهجة البيان، لكن هذا التدخل «لم يسفر سوى عن إجراء بعض التعديلات التجميلية، لا الجوهرية». وقال ديبلوماسي أوروبي رفيع المستوى إن البيان الذي يصدر اليوم «يعكس حقيقة الأوضاع الميدانية»، مضيفاً أن حقيقة أن آشتون وبريطانيا وفرنسا وألمانيا دفعوا نحو إصدار البيان «حالت دون وقف إصداره». على صلة، يتواصل الجدل في إسرائيل بين مؤيد لقيام الحكومة بسن قانون يمنع المحكمة العليا من التدخل في قضايا الاستيطان، ومعارض له. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الهيئة الوزارية العليا التي بحثت في سبل مواجهة قرار المحكمة وجوب إخلاء خمسة مبان استيطانية حتى آخر الشهر المقبل في «حي هأولباناه» في مستوطنة «بيت إيل» شمال رام الله أقيمت على أراض فلسطينية خاصة، لم تخلص إلى استنتاج واضح. واستبعدت الصحيفة أن توافق الحكومة على تشريع قانون يلتف على قرار المحكمة مثلما يطالب وزراء ونواب من المعسكر اليميني المتشدد. وأضافت أن الحكومة ليست معنية بصدام عنيف مع المحكمة، فضلاً عن أن المحكمة ذاتها قد تتدخل وتعلن أن قانون الالتفاف عليها وشرعنة الاستيطان على أراض فلسطينية خاصة، باطل دستورياً. وأكدت الصحيفة أن حذر الحكومة من تشريع قانون جديد يطلق يد المستوطنين للاستيلاء على أراض فلسطينية خاصة نابع أساساً من خوف أركانها من تقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، علماً أن دستور المحكمة يعرّف الاستيطان (نقل سكان من دولة احتلال إلى أراضي الدولة المحتلة) ب «جريمة حرب». وتوجه مستوطنو «هأولباناه» إلى المحكمة العليا أمس بالتماس ضد المحكمة نفسها، مطالبين بإرجاء هدم المنازل وإلغاء قرار إخلائهم من منازلهم بداعي أن المحكمة العليا «تجاوزت صلاحياتها بحسمها مسألة ملكية الأرض المقامة عليها المنازل». تظاهرات في تل أبيب والقدس إلى ذلك، شارك آلاف الإسرائيليين مساء السبت - الأحد في تل أبيب والقدس وأماكن أخرى، ضد حكومة الوحدة وانضمام حزب «كديما» إليها، وسط تكهنات بعودة الاحتجاجات الاجتماعية التي جرت الصيف الماضي. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن أكبر هذه التظاهرات جرت في تل أبيب بمشاركة آلاف، كما تظاهر ألف شخص قبالة مقر الإقامة الرسمي لرئاسة الوزراء في القدس وأغلقوا الشارع المؤدي إليه، ورفعوا لافتات كتب فيها: «الشعب يريد كنيست اجتماعي»، و«دولة الرفاه من أجلي وأجلك»، و«نحن الغالبية عدنا إلى الشارع». وهتفوا بشعارات «الشعب يريد العدالة الاجتماعية» و«كل الشعب معارضة». وقال روعي كوهين، وهو أحد منظمي التظاهرة: «هذا ليس احتجاج منظمات أو أحزاب، ويوجد هنا أشخاص من جميع التيارات والأحزاب». ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «هآرتس» عن أور – لي بارليف، وهي إحدى منظمات تظاهرة تل أبيب، قولها إن «رسالتنا هي ضد الطريقة السياسية التي لا تأخذ المواطنين بالحسبان، وما شهدناه هذا الأسبوع (تشكيل حكومة الوحدة) هو خطوات نابعة من مصالح شخصية بالقوة والسيطرة». وأضافت أن «رفاهية الجمهور لم تكن هناك، لا في تقديم الانتخابات ولا في إلغائها، ولا توجد هنا مقولة سياسية ضد شخصية معينة لأننا نواجه الطريقة قبل أي شيء». وشددت على أن «هذه الحكومة عمّقت الفجوات الاجتماعية بشكل قاس». وجرت تظاهرة ثالثة في مدينة حيفا شارك فيها المئات، اضافة إلى تظاهرات في مناطق أخرى بينها مستوطنة «كريات شمونيه» وبرديس حنا وإيلات.