- يتخبَّط أهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» في معاناة نفسيَّة فرضتها عليهم التهديدات الأخيرة التي أطلقها الخاطفون الخميس الماضي بقتل الدركي علي البزّال وجندي آخر مساء أول من أمس لم تسمّه، وإرجائها في اللّحظات الأخيرة، ما زاد من هواجس المقيمين في خيم الاعتصام في ساحة رياض الصلح. وبدا القلق على وجوه أمهات وآباء عبّروا بدموعهم عن غصة الوصول إلى تلك المرحلة نتيجة «التّراخي في التعاطي مع الملف»، على رغم أنه بدأ يتّخذ طابعاً جدياً أكبر في ظل تطمينات عن حسن سير المفاوضات وفق ما يقول الأهالي. وفيما يتوجَّه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في اليومين المقبلين، وللمرّة الثانية، إلى دمشق لاستكمال البحث في القضيّة «بغية استطلاع مدى استعداد النظام للتعاون في سبيل إتمام الصفقة، دفع أكثر من تطور إيجابي سجّل بين ليل أول من أمس وصباح أمس الأهالي إلى الارتياح نوعاً ما إلى مسار المفاوضات: تأجيل تنفيذ إعدام البزّال، توقيف إحدى زوجات أمير «داعش» أبو بكر البغدادي، إعلان الأمن العام أن مصير العقيد عبدالله الرفاعي (الذي أوقف في عرسال) مرتبط بمجرى المفاوضات الهادفة إلى إطلاق العسكريين ولم يسلّمه إلى أي جهة. وكان الأهالي عمدوا إلى قطع طرق الصيفي في بيروت والقلمون (الشمال) والبزالية (البقاع) لبعض الوقت مساء أول من أمس بعدما عاودت «النصرة» تهديدها بإعدام البزّال عند منتصف الليل (أول من أمس) بالتّزامن مع قطع زوجة البزّال رنا الفليطي البزال الطريق إلى جانب مسجد محمد الأمين بالإطارات المشتعلة بعد فشلها وشقيقة علي زهراء البزّال في «إحراق مبنى السّراي الكبيرة». وأوضحت رنا ل «الحياة» «كيف تحّول تفكيري السليم إلى إجرامي، فكنت أخطّط لإحراق المبنى ولكن وجود عناصر القوى الأمنية من كل الجهّات منعني». وقالت: «بعدما أقفل الشيخ مصطفى الحجيري الخط شعرت بنار تنتشر في جسدي، لكن كلام وزير العدل أشرف ريفي بأن المفاوضات متواصلة خدّرني إلى أن شاهدت نشرات الأخبار التي أوردت إحداها أن التهديد بإعدام زوجي منتصف الليل لا يزال قائماً وتحرَّكنا فوراً»، لافتةً إلى «أننا فتحنا الطرق بعد اتّصال من رئيس الهيئة العليا للإغلاثة اللواء محمد خير ووزير الصحة وائل أبو فاعور الذي قال إنه يقسم بأولاده أنه لن يترك قضيّتنا حتى عودة أبنائنا وسيقوم بما يمليه عليه ضميره والمفاوضات مستمرّة وتم تأجيل إعدام البزّال». وقالت رنا: «لم أسأله عن سبب تأجيل الإعدام، ولكن بالتأكيد اتّفق الخاطفون مع الحكومة على شيء ما». وأكّدت رنا كما بقية الأهالي أن «توقيف إحدى زوجات البغدادي خطوة إيجابية تشمل أوراق القوة التي لها علاقة بالتفاوض»، مشيرة إلى أن «تلك الخطوة لن تؤدي إلى إلحاق الأذى بأبنائنا لأن الدولة في المقابل لديها موقوفون يطالب المسلحون بهم». ووضعت رنا بيان «شباب آل البزال» الذي صدر مساء أول من أمس، والذي حذر من أنه «إذا أصاب علي البزال أيُّ مكروه، فإن أي شيخ أو امرأة أو رجل من عرسال أو سوري الجنسية لن يكون بمنأى عن ثأرنا»، محملاً مصطفى الحجيري مسؤولية كل ما سيحصل، في خانة «رد الفعل الطبيعي على رغم أن عائلة البزّال تعرف تماماً أنه لا يمكن وضع كل أهالي عرسال في خانة واحدة». وشددت البزال على أن «التسريبات الخاطئة عن أن اللواء إيراهيم أعلن إعدام اثنين من موقوفي رومية يطالب المسلحين بإطلاق سراحهم إذا تم إعدام البزّال أثّرت في شكل قوي بتأجيل إعدام زوجي، إضافة إلى بيان «شباب آل البزّال». وقالت: «أوراق القوة لدى الدولة اليوم ستقلب موازين المفاوضات». أما حسين يوسف والد الجندي المخطوف لدى «داعش» محمد، فأوضح أنه «حصل اتّفاق بين الخاطفين الذين طالبوا بإخلاء سبيل 10 موقوفين في سجن رومية مقابل تأجيل قتل البزّال، وأعضاء خلية الأزمة. ووافقت الحكومة على الإفراج عن 5 سجناء بعدما صعّدت النصرة تهديدها معلنة عن قتل جنديين إثر إبلاغها القبول بالإفراج عن 3 كحسن نيَّة». ورأى أن «بروز قناتي تواصل مع المخطوفين على خط التفاوض يُعتبر ضمن الإجماع الوطني والوحدة لتحرير أبناء المؤسسة العسكرية، على رغم أنها تحوّلت من مسألة عسكرية إلى مسألة سياسية عامة، بقياسات مختلفة ومقاربات متضاربة»، لافتاً إلى أن «الذين يتولون الملف مقسومون إلى قسمين: قسم يتولّى المفاوضات مع النّصرة وقسم آخر مع الدولة الإسلامية». أما والدة البزال زينب فأكدت أنها تواصلت مع الشيخ مصطفى الحجيري، وأبلغها أنه فعل ما بوسعه لكن الأمور خرجت من يده ولم يعد باستطاعته القيام بشيء. وأضافت: «أي عسكري يصيبه سوء... لن نرحم».