واجهت مناطق خضعت لسيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في العراق أعمال تخريب وإعدامات على يد عناصر التنظيم، في مقابل شكاوى من تعرض تلك المناطق إلى أعمال تخريب مقابلة خلال استعادتها على يد القوات العراقية التي تساندها فصائل مسلحة شيعية. وقتل مسلحو «داعش» العشرات من سكان ديالى خلال الشهور الأخيرة، ودمروا مقار حكومية وممتلكات عامة في مناطق جلولاء والسعدية والمقدادية قبل أن ينسحبوا منها اثر تقدم قوات عراقية مدعومة بقوات البيشمركة الكردية وفصائل مسلحة شيعية لتحريرها، فيما تتحدث مصادر مختلفة عن عمليات مشابهة في المناطق التي جرى تحريرها من قبل القوات العراقية. وقال عبد الرحيم دهلكي (38 عاماً) من أهالي السعدية، إن وحدات من الجيش قامت خلال اليومين الماضيين بهدم منازل هجرها سكانها مع سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على بلدة السعدية. وأضاف دهلكي أن «عشرات العائلات لن تتمكن من العودة إلى السعدية وجلولاء وشهربان بسبب المخاوف الجدية من استهدافها من قبل القوات الأمنية». وتحدث شهود عيان، عن أن مناطق في محافظة ديالى، كانت تحت سيطرة «الدولة الإسلامية»، تحولت بعد تحريرها إلى «خراب». ويقول سامر العبيدي (63 سنة) من أهالي المقدادية إن «تنظيم الدولة الإسلامية قتل العشرات من السكان، من بينهم مؤذنون في مساجد البلدة، لأنهم خالفوا تطبيق الشريعة». وأضاف: «بعد تمكن الجيش من تحرير بعض مناطق المحافظة، ثمة مخاوف جديدة من تعذر عودة السكان إلى مناطقهم». وكانت مصادر عسكرية في ديالى، قالت إن القوات الأمنية التي يساندها «الحشد الشعبي» وقوات البيشمركة الكردية تمكنت من استعادة 9 قرى على الحدود بين محافظتي ديالى والسليمانية، في معارك قُتل فيها 22 مسلحاً من تنظيم «الدولة الإسلامية». وقالت عضو البرلمان عن محافظة ديالى ناهدة الدايني إن «مناطق السعدية وجلولاء وقره تبه شهدت تصفية تامة لبناها التحتية». وأضافت الدايني، في تصريح إلى «الحياة»، إن «مسلحين قاموا بعد تحرير تلك المناطق من تنظيم (الدولة الإسلامية) بتفجير 7 جوامع، ليصل العدد الكلي للمساجد التي جرى تهديمها خلال السنتين الماضيتين في ديالى إلى 50 مسجداً». وتابعت: «من الصعب تحديد الجهة التي ارتكبت هذه الحوادث»، لكن تقارير في حوزتها تشير إلى «قوات الحشد الشعبي والبيشمركة الكردية». وزادت: «لا استطيع توجيه الاتهام لأي جهة، لكن المؤكد أن تلك الأعمال جرت بعد أن خرج مسلحو «الدولة الإسلامية من تلك المناطق»، وعقب معارك مع الجيش ووحدات مساندة من المتطوعين». وتداولت مواقع للتواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر مسلحين يحملون أسلحة وأسلاكاً كهربائية، يقومون بتفخيخ أحد المنازل في ناحية «جلولاء». ولم يتسن ل «الحياة» التأكد من صحة محتوى الفيديو، لكن مدونين تحدثوا عن أن المسلحين الذين ظهروا في الشريط ينتمون إلى قوات الحشد الشعبي. ووجه مجلس محافظة ديالى رسالة إلى رئيس منظمة «بدر» هادي العامري، يدعوه فيها إلى «منع الميليشيات من التخريب والتجاوزات في ديالى». وجاء في رسالة المجلس: «بإمكان العامري، بصفته قائد قوات الحشد الشعبي، منع التجاوزات والتخريب الذي تمارسه الميليشيات في المحافظة، وبخاصة في المدن التي يتم تحريرها من تنظيم داعش». وكان البرلمان العراقي، شكل في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) لجنة خاصة تضم لجنتي حقوق الإنسان والدفاع، لمتابعة الوضع في ديالى، لكن النائب الدايني، تقول إن «من المستبعد أن تتوقف تلك الأعمال التخريبية، خصوصاً أن الحكومة على علم بها، لكنها لا تتخذ أي إجراء لوقفها». وبحسب الدايني، فإن «الوضع في ديالى صعب للغاية لوقوعها في منطقة استراتيجية إقليمياً، وما يجري فيها حالياً قائم أساساً على ترتيبات خارجية لتغيير الوضع الديموغرافي فيها». وشاركت جماعات شيعية مسلحة في تحرير مناطق في محافظة ديالى، فيما انتشرت صور للجنرال قاسم سليماني مع مقاتلين شيعة في تلك المناطق. يأتي ذلك، في ظل إشاعات ومزاعم عن وجود مستشارين إيرانيين أو وحدات إيرانية تعمل في العراق للدفاع عن المناطق الشيعية. وتضم ديالى، خليطاً سكانياً من السنة والشيعة والكرد، وخلال السنوات الماضية شكا ممثلون القوى والأحزاب السنية من عمليات منظمة لتصفية السنة من المحافظة. وتكمن أهمية ديالى، في موقعها الذي يتوسط بين مناطق شيعية عربية، وأخرى كردية، إلى جانب حدودها الشرقية مع إيران والغربية مع بغداد. في المقابل، رفض نواب من التحالف الوطني العراقي التعليق على ما يجري في ديالى، لكن قيادياً شيعياً، رفض الكشف عن هويته، أبلغ «الحياة»، أن قادة الحشد الشعبي يمتلكون معلومات عن قياديين في تنظيم «الدولة الإسلامية» تجري ملاحقتهم حالياً داخل المناطق المحررة. وكان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي هنأ القوات العراقية التي «نجحت» في تحرير مناطق جلولاء والسعدية، لكنه لم يشر إلى أي عمليات تخريب تعرض لها سكان تلك المناطق.