قال وزير البترول المصري شريف إسماعيل أن بلاده ستزيد وارداتها من المواد النفطية بنحو بليون دولار خلال أشهر الصيف المقبل لتوفير الطاقة اللازمة لمحطات الكهرباء حتى تتجنب البلاد مشكلات إنقطاع التيار الكهربائي. وقال إسماعيل أن مصر تستهدف تفعيل منظومة البطاقات الذكية التي بدأ تنفيذها لترشيد إستهلاك الوقود في قطاع النقل خلال ثلاثة أشهر كما إنها تعمل على زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنحو 1800 مليون قدم مكعبة يومياً خلال العام الجاري. وأضاف وزير البترول لوكالة "رويترز" إن "مصر تحتاج إلى إستيراد مواد بترولية إضافية بنحو 250 مليون دولار شهرياً خلال أشهر الصيف المقبل من منتصف حزيران (يونيو) وحتى منتصف تشرين الأول (أكتوبر)" مضيفاً "نحن الآن نستورد مواد بترولية تتراوح قيمتها بين 1.1-1.2 بليون دولار شهرياً". وتبيع مصر منتجات كثيرة للطاقة بأسعار تقل كثيراً عن تكلفة الإنتاج وأحجمت الحكومات المتعاقبة عن خفض دعم الطاقة خشية إغضاب المواطنين الذين يعانون من عدم الإستقرار الإقتصادي منذ الإنتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك عام 2011. وقال إسماعيل "لا زلنا نستورد جزءاً كبيراً من الإحتياجات مثل الزيت الخام والبوتجاز وبعض شحنات المازوت والسولار وهناك إحتياجات نعمل على توفيرها مثل الغاز الطبيعي المسال ونعمل بالفعل على إستيراده والمفاوضات الجارية حتى الصيف المقبل، مضيفاً انه "في حالة صعوبة توفير الغاز سيكون البديل زيادة الكميات المستخدمة من المازوت لقطاع الكهرباء". وكانت مشكلة نقص الوقود وإنقطاع الكهرباء من الأسباب التي أدت إلى إحتجاجات واسعة على حكم الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي. كما قال إسماعيل أن "مصر إستخرجت نحو 1.3 مليون بطاقة ذكية حتى نهاية كانون الثاني (يناير) من إجمالي 4.5 مليون بطاقة، وإنها تستهدف الإنتهاء من طباعة البطاقات وتوزيعها خلال شهرين من الآن مصرحاً أنه "سيكون لديهم شهر آخر كمرحلة تجريبية ثم يكون التنفيذ الفعلي بإذن الله". وأضاف "نهدف من تطبيق منظومة البطاقات الذكية أن يكون لدينا قواعد بيانات للإستهلاك الفعلي للمنتجات وللمواقع الجغرافية التي يباع فيها المنتج وأن نعلم من هو المستهلك للمواد أو النشاط الذي يستهلكها"، وقال إسماعيل "نهدف أن يكون لدينا أداة دقيقة لإتخاذ القرارات ووسيلة قوية لضبط السوق ومراقبة توزيع المنتجات". وتعمل الحكومة على إصدار البطاقات الذكية لترشيد إستهلاك المواطنين للبنزين كما تسعى للتوسع في توصيل الغاز الطبيعي للمنازل ليحل محل البوتاجاز المستورد الذي يباع بأقل من السعر العالمي بكثير. وقال إسماعيل إن بلاده دعمت المواد النفطية خلال النصف الأول من السنة المالية 2013-2014 والذي انتهى في 31 كانون الأول (ديسمبر) بنحو 64 بليون جنيه رغم وجود أوقات لحظر التجوّل خلال هذه الفترة وبعض المشروعات التي لم تبدأ العمل بعد. وقال الوزير "الآن هناك زيادة في الطلب على المواد البترولية وهذا مؤشر إيجابي أن "الإقتصاد المصري دخل مرحلة من التعافي ولذا قد يزيد الدعم خلال السنة المالية الجارية عن 140 بليون جنيه". ويشكل دعم أسعار الغذاء والطاقة نحو ربع إجمالي الإنفاق الحكومي وبلغ إجماليه 128 بليون جنيه في السنة المالية 2012-2013 التي انتهت في 30 حزيران (يونيو) الماضي. وقال إسماعيل لرويترز "كل دول العالم بطريقة أو أخرى تدعم الطاقة سواء كان الدعم يوجه للأفراد أو لصناعة استراتيجية ولا نريد القول أننا نريد إلغاء الدعم بشكل نهائي ولكن في نفس الوقت يجب ألا يكون الدعم بهذا الشكل الحالي".يذكر أن مصر لا تستطيع التغلب على مشكلات الميزانية بدون تخفيض فاتورة دعم الطاقة الذي يلتهم خمس الإنفاق الحكومي على الأقل. وقال إسماعيل "لدينا في الحكومة وبناء على تصريح سابق لرئيس الوزراء تصور مبدئي لكيفية التعامل مع الدعم خلال هذه المرحلة. فالحكومة تستهدف وضع برنامج للتعامل مع الوضع القائم للدعم لفترة من خمس إلى ست سنوات يتم فيها تحريك الأسعار وستكون البداية في عمر هذه الحكومة وستأخذ الخطوة الأولى في برنامج الإصلاح. لا نريد إختزال حل مشكلة الدعم في تحريك الأسعار فقط". أما حول الدعم الخليجي، قال إسماعيل أن "دعم دول الخليج من المواد النفطية لمصر بلغ أربعة بليون دولار منذ تموز (يوليو) وحتى نهاية كانون الأول (ديسمبر)" مضيفاً أن "الإمارات ستساعد مصر في توفير جزء كبير من الواردات حتى نهاية آذار (مارس) المقبل"، رافضاً الخوض في أي تفاصيل بشأن طلب مصر مساعدات نفطية جديدة خلال بقية شهور عام 2014. وصرّح الوزير أن بلاده سددت 1.5 بليون دولار للشركاء الأجانب من المديونية وهو ما كان حافزاً لهم للتحرك "في تكثيف أنشطة البحث والإستكشاف وحفر عدد أكبر من الآبار الإنتاجية والإستكشافية والتقيمية، قائلاً أن "تحرك الأجانب جعلنا نستهدف إضافة 1800 مليون قدم مكعبة من الغاز خلال هذا العام، و1000 مليون قدم لسد الفجوة بين الطلب والعرض و800 مليون قدم الأخرى ستكون إنتاجاً إضافياً، فنحن ننتج الآن 5100 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً". وتراكمت على الحكومة ديون بلايين الدولارات لشركات الطاقة الأجنبية منذ انتفاضة كانون الثاني (يناير) 2011 التي أطاحت بمبارك والإضطرابات السياسية التي تلتها رغم أن جذورها تعود لما قبل 2011، وأبرز هذه الشركات إيني واديسون الإيطاليتان وبي.بي وبي.جي جروب البريطانيتان. وقال إسماعيل "نأمل في الاستمرار في السداد خاصة وان الإنتظام سيكون مؤشراً إيجابياً في إستمرار عمليات البحث والإستكشاف للشركاء التي بلغت بنهاية كانون الأول (ديسمبر) حوالي 4.9 بليون دولار، كما نعمل على تقليل المديونية الحالية وضمان عدم إرتفاعها مرة أخرى". وأضاف "نعمل على جدولة مع الشركاء بقيمة 3.5 بليون دولار يتم سدادها حتى 2016". ورفض الوزير الخوض في تفاصيل السداد لكنه قال "يجب أن نسدد جزء آخر من المديونية والسداد سيكون في شكل صادرات من الزيت الخام، ونعمل الآن على تذليل الكثير من العقبات في عمليات التنفيذ سواء الموافقات أو تعديل بعض بنود الإتفاقيات البترولية مثل تعديل سعر الغاز في المياه العميقة حتى نزيد الإنتاج في النهاية". وفي سؤال عن الوقت التي يمكن فيه لمصر التوقف عن استيراد احتياجاتها النفطية من الخارج أجاب الوزير "المشكلة القائمة حالياً في الفجوة بين الإنتاج والإستهلاك سببها الرئيسي أننا لم ننم الإحتياطيات المتاحة لدى مصر، شارحاً انه في "الثلاث سنوات المقبلة على ستضيف مصر 2500 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز حتى ،2017 بمشروعات محددة وبإستثمارات تبلغ 16 بليون دولار بعقود تنمية موقعة". ويشهد إنتاج مصر تراجعاً منذ منتصف التسعينات لاسيما من الحقول القديمة في خليج السويس ودلتا النيل، لكن اكتشافات جديدة صغيرة وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي ساهمت جزئياً في تعويض جزء من الانخفاض. وختم الوزير "أننا نكتشف أكثر في التراكيب الجيولوجية العميقة والمياه العميقة والصحراء الغربية وإلى أن ننمي الغاز الصخري في الصحراء الغربية، فمصر تحتاج لتغطية إحتياجاتها بالإستيراد سواء للغاز أو الزيت الخام. وإذا استطعنا خلال خمس سنوات عمل مزيج من الطاقات المستخدمة، سنستغنى عن الإستيراد".