أوضحت الدكتورة بدرية البشر أنها لم تعرف سبب منع محاضرتها في جامعة قطر، «سوى في صباح يوم المحاضرة بعد أن تقدم 20 طالباً من أصل 8 آلاف طالب يدرسون في الجامعة بطلب منع المحاضرة، واستشهادهم بمقطع من روايتي «هند والعسكر» واتهامي بالإساءة إلى الذات الإلهية، وهو ما لم يحدث في الرواية، وطلبوا مني تأجيل المحاضرة إلى وقت آخر، وقلت لهم إن الرواية تباع في المكتبات السعودية، ولا أعتقد أنكم في قطر تزايدون على الرقابة في السعودية». وقالت البشر في أول تكريم لها في بلدها السعودية في صالون الإثنينية الثقافي بجدة مساء الإثنين الماضي: «الشكر البالغ للشيخ عبدالمقصود على احتفائه وكريم خلقه، وإن وجودي أمامكم الآن ومواجهتي المباشرة لكم من علامات الشرف التي تستحقها النساء»، مشيرة إلى أن من مميزات جيلها أنه: «ربط نفسه بالواقع وتحمل الخسائر، واتخذ من المثابرة والمطالبة بما يستحق طريقاً ليثبت نفسه». وأوضحت أن قضية المرأة ومطالبتها بحقوقها يربطها البعض «بالدين والسياسة دائماً، ويجب ألا تصاب بالخيبة، إذ ستنتصر حتماً، لأن الرأي العام سيتغير وكل المؤشرات تؤكد الرهان على المستقبل، وبخاصة أن الفضاء اليوم مفتوح، ووسائط الاتصال لا تخبئ أحداً، ومن أراد أن يعيش بطريقته فليفعل، لكن لا يفرض ذلك على الآخرين، وأن الحداثة اليوم هي أن تتجاوز قصورك، وأفادتني دراستي الأكاديمية لعلم الاجتماع وأثرت في وعيي وحياتي». واعتبرت الدكتورة بدرية أحداث 11 من سبتمبر 2001 «أسقطت الحصانة عن التيار المتشدد، ومنحت الفرصة للتيار المتنور للتعبير عن آرائه وطرح ما يمكن أن يسهم في الارتقاء بالوعي والفكر في السعودية، وأصبحنا في مواجهة مع العالم، وبدأت المرأة فاعلة في المجتمع أكثر من ذي قبل، وظهرت أسماء نسائية مبدعة في مختلف المجالات، ومنها المجال الصحافي، الذي أتاح الفرصة للمرأة القيام بواجبها ومواجهة المسؤول ومحاورته والتأثير في الرأي، في ما يخص قضاياها الخاصة». وأضافت: «استطاع التيار المتنور أن يمتلك المنبر الذي كان يحتكره التيار المتشدد لأعوام طويلة، وأصبح دوره كبيراً في صناعة القرار والتأثير فيه داخل المجتمع، لما فيه من إصلاح وتطوير لمؤسسات الدولة»، مشيرة إلى أن «المطالبة بالحرية والحق المشروع لا تعني الفوضى، والمرأة اليوم من حقها أن تقود السيارة وتتعلم كيف تنال حقوقها ومشاركة الرجل في بناء الدولة وليس الاعتماد عليه، أو الوصاية القمعية لنشاط المرأة والارتقاء بفكرها وعقلها، ولن يأتي ما نصبو إليه جميعاً إلا بقرار سياسي من صانع القرار في السعودية»، مؤكدة أن الصحافة اليوم «تربط الكاتب بالناس وجذب القراء والوصول إليهم بسهولة ومشاركتهم الحياة، وهي تعيش اليوم انقلاباً في رفع سقف حرية التعبير والطرح، أكثر مما مضى ودفعت الإعلام إلى أن يتقدم». وتحدثت البشر خلال الأمسية عن محطات في حياتها العملية والعلمية وبداياتها في العمل الصحافي، وقالت: «شعرت بالخيبة عندما أجريت حواراً صامتاً عبر الفاكس مع مسؤول في وزارة الداخلية، وتعلم جيلي الصحافة من خلال التقليد والمحاكاة، وفي التسعينات الميلادية قررت البعد عن الصحافة واللجوء إلى الكتابة الأدبية أنا والشاعرة هدى الدغفق والقاصة ليلى الأحيدب وأخريات، وكانت المعركة مستمرة على الحداثة وبخاصة بعد كتاب «الحداثة في ميزان الإسلام» لعوض القرني وغزو صدام حسين للكويت»، معتبرة أن «الشاعرات أكثر جرأة في التعبير عن مشاعرهن وأحاسيسهن من الروائيات». وفي ردها على تغيير لغة خطاب المجتمع أوضحت البشر: «إن السعي إلى تغيير لغة الخطاب السائد لا يتم إلا من خلال وزارة التربية والتعليم، ومن دون تطور هذه المؤسسة لا يمكن أن نرتقي بوعي ولغة الأجيال المقبلة». وقال مؤسس الإثنينية عبدالمقصود خوجة: «تحضر الدكتورة بدرية البشر كواحدة من الأسماء الأدبية والثقافية والصحافية اللامعة، وتكريم الإثنينية الليلة لها يعد تكريماً للمرأة وجهودها المبذولة في خدمة وطنها والرقي بفكره ووعيه». وفي كلمتها عن البشر قالت الشاعرة حليمة مظفر: «إن صدق بدرية البشر وإخلاصها في التعبير عن قضايا الإنسان ومعاناته يجعلنا نقف معها ونساندها، وهي في كتاباتها الصحافية لا تكتفي بأن تكون على الهامش وهي تخوض معركتها في ما ترى أنه يسهم في الإصلاح». وشهدت الأمسية مداخلات عدة وحضوراً كبيراً اكتظت به ردهات الصالون، وهو ما علقت عليه البشر بقولها: «أعتقد أن البعض جاء بسبب إشاعة أن زوجي الفنان ناصر القصبي سيحضر الأمسية ولم يأتِ لسماع ما سأطرحه، لكن هذا من حسن حظي ولا شك».